إيكو بريس – طنجة
لا شك أن الكثير من سكان مدن جهة شمال المملكة يتسائلون عما هي القيمة المضافة التي سيأتي بها مشروع منطقة الأنشطة الاقتصادية الجارية أشغال تهيئته بمدينة الفنيدق، ووماهي عائداته التنموية على الأقاليم الشمالية. هي أسئلة معقولة بالنظر إلى مخلفات إغلاق منافذ التهريب الحدودي وأنشطة السوق السوداء مع مدينة سبتة المحتلة، والتي خلفت ركودا تجاريا في مدينة “كاسطيوخو”، وما نجم عنها من فقدان فرص للشغل وارتفاع معدل البطالة في صفوف اليد العاملة النشيطة.
ولعل مميزات المشروع حسب خبراء اقتصاديين، هي محددات عديدة لعل أهمها قربها الجغرافي من مدينة سبتة المحتلة، وموقعها المتواجد على مرمى حجر من الميناء المتوسطي، وهو ما يوفر إمكانات لوجستية هائلة، أي أن السلع والبضائع الواردة لن تكلف مصاريف كبيرة لشحنها من منصة الاستيراد في الميناء، إلى مخازن ومستودعات البيع بالجملة في المنطقة التجارية.
وقد قطع أشغال تهيئة البنية التحتية للمشروع الذي تشرف على إنجازه وكالة تنمية أقاليم وعمالات شمال المملكة، وبمساهمة مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، ووزارة الداخلية، ومديرية الجمارك، إضافة إلى وكالة إنعاش أقاليم الشمال، بغلاف مالي إجمالي يقدر ب 200 مليون درهم، (قطع) أشواطا مهمة من مرحلته الأولى، والتي انطلقت خلال الشهر الماضي، وتسير وتيرتها على قدم وساق بشكل مكثف من أجل إنهاء الشطر الأول، المقدر مساحته نحو 10 هكتارات، في أفق السنة المقبلة.
فما هي مميزات منطقة الأنشطة الاقتصادية بمدينة الفنيدق، (كاسطيوخو)، وما هي آفاقها التجارية؟ إليكم الأجوبة بالأرقام.
هذه المنطقة ستفتحها الدولة في وجه المستثمرين المغاربة والأجانب بأسعار مناسبة وتحفيزات ضريبية مغرية، وفق معطيات مؤكدة حصل عليها موقع “إيكو بريس” من مصادر رسمية، والتي كشفت عن أن القيمة الكرائية لمخازن ومستودعات السلع والبضائع لن تتعدى 10 أوروهات للمتر المربع، وهو ما يعادل (100 درهم بالعملة المغربية ).
كما ينتظر أن تجهز وكالة تنمية وإنعاش أقاليم الشمال، حسب مصادرنا حوالي 33 مستودعا كبيرا للبضائع يبلغ مساحةكل واحد منه ألف متر مربع، إلا أن صاحبة المشروع فكرت حتى في تجار الجملة الصغار من حيث رأس المال، وقد قررت تهيئة مخازن ذات مساحة 200 متر مربع، تناسب إمكانيات رؤوس الأموال المحلية، بهدف تشجيعهم للإقبال على الاستثمار في المنطقة.
وكشفت مصادر موقع “إيكو بريس”، أن نحو 17 من كبار رؤوس الأموال في مدينة سبتة المحتلة، من بينهم تجارا هندوس، وصينيين، ويهود أوروبيين، ومغاربة، أبدوا رغبتهم في الاستثمار بالمنطقة الصناعية في مدينة الفنيدق، وشرع بعضهم في حجز مساحته التجارية، وهو ما يبين من جهة المؤهلات الواعدة التي تتمتع بها المنطقة، ومن جهة ثانية يعكس توقعات متفائلة تنبئ بانطلاقة ناجحة للمشروع مباشرة بعد بدء عجلته في الدوران.
وتبعا لذلك، أكدت المصادر المسؤولة، أن القائمين على المشروع وضعوا خطة لامتصاص مخلفات البطالة في صفوف الفئات النشيطة القادرة على العمل، حيث ستعطى الأولوية للأشخاص رجالا ونساءا الذين كانوا يشتغلون في حمل السلع بالمعبر الحدودي، كما أن ستستقطب المنطقة الاقتصادية اليد العاملة من شباب الأقاليم المجاورة، (الفنيدق، أنجرة، تطوان، شفشاون… الخ).
وكانت بعض وسائل الإعلام تقذف بمعلومات غير دقيقة حول أعداد العاملين في معبر سبتة قبل إغلاقه، وقد كانت تنفخ في الأرقام لمستوى يناهز 30 ألفا، لكن الإحصائيات الرسمية تحدث عن حوالي 9 آلاف عامل وعاملة في التهريب الحدودي، وحوالي 300 سيارة يزاول أصحابها نفس النشاط المهني.
واستندت الإحصائيات الرسمية في هذه الأرقام بناءا على محددات ملموسة، تتمثل في إحصاء عقود اشتراكات الماء والكهرباء التي فسخها أصحابها من جانب واحد، إيذانا بنهاية الإقامة في المدينة الحدودية بعد توقف أنشطة التهريب، وأيضا استنادا إلى حركية انتقال التلاميذ الذين استصدروا شواهد التنقل من مدارس ومؤسسات التعليم من مدينة الفنيدق صوب مدن الأقاليم الداخلية، خلال بداية المسوم الدراسي المنتهي.
وقد كانت سواعد وظهور النساء العاملات تنقل حوالي 50 كيلوغراما من البضاعة يوميا، والعربات كانت تحمل على متنها حوالي 500 كيلوغرام كل رحلة، وهو ما يعادل آلاف الأطنان من السلع الاستهلاكية التي تهرب أسبوعيا من التراب الإسباني إلى المغرب، ما يعني أن رواج السوق السوداء كان يضيع المليارات على خزينة الدولة.
ولا حاجة للتذكير بالمخاطر الصحية للتهريب الحدودي، خاصة على السلع الغذائية والمواد الطبية، حيث كانت إسبانيا تغرق السوق المغربية بمخلفات السلع في مصانعها، والتي تحظر استهلاكها في السوق الأوروبية، نظرا لعدم مطابقتها لمعايير ومواصفات الجودة الصحية.
أما المواد الأخرى، فعلى سبيل المثال كانت مدينة سبتة مصدرا لتهريب مليون عجلة مطاطية للسيارات كل عام، وهو رقم مهول بالنظر إلى خسائره الكبيرة على خزينة البلد، نتيجة التهرب الضريبي والجبائي عن السلع المستوردة بطرق غير مشروعة، فقد كانت تخسر الدولة المغربية ما قيمته 7 ملايير درهم، وقيمة هذا المبلغ على سبيل المثال، تعادل تكلفة تشييد وإعمار مستشفى جامعية بأحدث التجهيزات الطبية.