الكراء السياحي يزاحم الأسر في طنجة والشمال… أرباح يومية تُشعل أزمة السكن القار
فيما تتعاقب الطلبات أمام مداخل الوكالات العقارية بطنجة، تتقلص فرص الأسر في العثور على سكن قار، بعدما تحول جزء كبير من الشقق إلى وجهات مؤقتة لزوار موسميين، مدفوعين بإغراء الأرباح السريعة التي يتيحها الكراء اليومي عبر منصات مثل “إير بي إن بي”.
ويشهد سوق الإيجار السكني في مدن الشمال تحوّلا لافتا، إذ بات الملاك والمستثمرون يفضلون العروض القصيرة الأمد التي تدر عائدات تفوق بكثير ما يمكن تحصيله من عقود كراء طويلة المدى.
ففي طنجة، بلغ عدد الإعلانات النشطة للكراء اليومي بين فبراير 2024 ويناير 2025 نحو 3282 شقة. وذلك بمعدل إشغال بلغ 47 في المئة، ومتوسط سعر ليلي يقارب 617 درهما، بحسب بيانات منصة “إيربتكس”.
فيما تشير أرقام منصة “إير ر أو آي” إلى إشغال بنسبة 36.2 في المئة ومتوسط سعر ليلي يصل إلى 89 دولارا، أي نحو 900 درهم، بدخل سنوي يقارب 70 ألف درهم للشقة المفروشة. وهو ما يجعل هذا النمط أكثر ربحية من الإيجار العائلي المستقر.
وفي المقابل، لا يتجاوز متوسط الإيجار الشهري لشقة بمساحة 85 مترا مربعا في حي عادي بطنجة 3400 درهم. وقد يصل إلى 6800 درهم في الأحياء المصنفة. وهو ما يعني أن الدخل السنوي عبر الإيجار التقليدي يتراوح بين 40 و80 ألف درهم. وهو فارق يدفع العديد من الملاك إلى تحويل شققهم نحو الكراء السياحي، خصوصا مع انخفاض نسب الشغور في المواسم والعطل.
وتعتبر الأزمة أكثر حدة في مدن سياحية مثل مرتيل والمضيق. حيث يشكو المكترون من شروط مجحفة، أبرزها إخلاء الشقة مع نهاية يونيو لإتاحتها للكراء اليومي في شهري يوليوز وغشت. وهو ما يؤدي إلى تقلص العرض السكني وارتفاع الأسعار بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المئة منذ بداية السنة، وفق تقديرات مهنية.
ويطرح هذا الوضع تساؤلات حول دور الدولة في تنظيم العلاقة بين العرض العقاري والسكن الاجتماعي. وخاصة مع غياب إطار يحد من المضاربة الموسمية ويحمي الأسر محدودة الدخل.
كما أن القانون المؤطر للعلاقة الكرائية، الذي يضع سقف زيادة في الإيجار بنسبة 8 في المئة كل ثلاث سنوات، يبقى عاجزا عن مواجهة حالات إنهاء العقود لأسباب تجارية أو موسمية، تاركا المكترين عرضة لتقلبات السوق.
وفي ظل هذا الواقع، يبقى الحصول على سكن قار حلما بعيد المنال لكثير من الأسر. فيما يستمر الملاك في جني أرباح وفيرة من سوق الكراء اليومي، على حساب استقرار السوق السكنية العائلية.
Discussion about this post