إيكو بريس – الرباط لم تهدأ على منصات التواصل الاجتماعي حمى التفاعلات مع بلاغ الديوان الملكي الذي صدر قبل ساعات، والمتعلق بقرار مجلس المنافسة، حول التواطؤات المحتملة لشركات المحروقات السائلة وتجمع النفطيين بالمغرب، بالنظر إلى قوة مضامينه وحساسية هذا الملف الذي ظل يتأرجح لسنوات في مسارات تشريعية ومؤسساتية دون أن يحسمه موقف شجاع لصالح المستهلك المغربي. ومحاولة لفهم وتحليل فحوى البلاغ الذي جاء فيه ثلاث معطيات أساسية: 22 يوليوز:قرار مجلس المنافسة معاقبة شركات المحروقات، بفرض ضريبة تصل 9% من رقم المعاملات السنوي للشركات،بتصويت 12عضو من مجلس المنافسة مقابل 1. 28يوليوز: قرار جديد يحدد العقوبة في8%. 28يوليوز(نفس اليوم): عدد (غير معروف) من أعضاء مجلس المنافسة، يشتكون برئيس المجلس إلى الملك النتيجة: الملك يشكل لجنة عليا للتحقيق في الموضوع. لذلك لا بأس من تبسيط لغة النقاش وإعادة القراءة بتروي للتقرب أكثر من نقط أثارت الكثير من اللبس والغموض لدى الرأي العام الوطني. ومن بين الأمور الغير المفهومة، هي أن عدد الأعضاء الذين صوتوا على فرض الغرامة على شركات توزيع المواد البترولية السائلة، خلال الجلسة العامة لمجلس المنافسة، التي انعقدت بتاريخ الأربعاء 22 يوليوز الجاري، هم 12 عضوا من أصل 13 عضوا (أي أن الأغلبية الساحقة أيدت قرار فرض العقوبات المرتبطة بخرق شفافية المنافسة مقابل معارضة عضو واحد من مجلس المنافسة). لكن هؤلاء أنفسهم الذين صوتوا على تأييد قرار العقوبات، فإن العديد منهم يقول بلاغ الديوان الملكي، قدموا للملك محمد السادس، ورقة يشتكون خلالها مما أسموه “تجاوزات مسطرية وممارسات من طرف الرئيس مست جودة ونزاهة القرار الذي اتخذه المجلس”، حسب زعمهم، فكيف إذن يستقيم تصويت أعضاء مجلس المنافسة على قرار في جلستين منفصلتين في التاريخ، ثم يتحرك بعضهم للشكوى من نفس القرار؟؟ الاحتمال الأول، هو أن الجلسة الأولى حسم أعضاؤها بشكل منسجم وبكل شجاعة موقفهم بشأن معاقبة ثلاث أكبر شركات مستحوذة على سوق المحروقات في المغرب، وهو ما يفسر تصويت 12 من أصل 13 على قرار فرض الغرامات، لكن في الجلسة الثانية التي انعقدت بعد خمسة أيام وبالضبط أمس الإثنين 27، تراجع بعض الأعضاء عن موقفهم أو حصل بينهم خلاف، حيث أشار بلاغ الديوان الملكي إلى أن المذكرة الثانية تتضمن إشارة إلى توزيع الأصوات، وهو ما يعني عدم حصول إجماع على تخفيض الغرامة من 9 إلى 8 في المائة من رقم المعاملات السنوية للشركات الثلاثة، وهي إفريقيا، وشيل، وطوطال. أما الاحتمال الثاني، فهو أن يكون بعض الأعضاء تعرضوا لضغوط ما، من جهة ما، دفعتهم لتغيير موقفهم بشكل جذري في اتجاه مخالف عن الموقف الذي عبروا عنه، بل أكثر من ذلك ذهب المشتكون في اتجاه الإطاحة برئيس المجلس، ادريس الكراوي الذي كان قد عينه الملك محمد السادس في نونبر 2018، في هذا المنصب، حيث جاء في بلاغ الديوان الملكي، أن الموقعين على الورقة الموجهة للملك محمد السادس، تظلموا من: – التواصل الذي أضر ببحث القضية ومصداقية المجلس. – اللجوء الإجباري إلى التصويت قبل إغلاق باب المناقشة. – التفسير المبتور وانتهاك المادة 39 من القانون المتعلقة بحرية الأسعار والمنافسة، – غموض الإجراء الخاص بالتحقيق، والذي تميز بتقاسم انتقائي للوثائق. – عدم تلبية ملتمسات الأعضاء بهدف إجراء بحث متوازن للحجج المقدمة من طرف الشركات، – سلوك الرئيس الذي يوحي بأنه يتصرف بناء على تعليمات أو وفق أجندة شخصية. وأي كانت الاحتمالات، فإن القرار المحتمل الذي يبدو من باب السماء فوقنا، هو أن رئيس مجلس المنافسة، أصباح في كف عفريت، بعدما انتهى بلاغ الديوان الملكي بالإشارة إلى أنه اعتبارا للارتباك المحيط بهذا الملف والنسخ المتناقضة المقدمة، فقد تقرر لجنة محايدة تضم، رئيسا مجلسا البرلمان، ورئيس المحكمة الدستورية، ورئيس المجلس الأعلى للحسابات، ووالي بنك المغرب، ورئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، حيث أصبحت الكرة في ملعب اللجنة المستقلة التي سينسق فيما بينها الأمين العام للحكومة. هذا وتبقى الإشارة إلى أن مجلس المنافسة، من أهم المؤسسات الدستورية، وأكثرها حساسية، نظرا لدورها الهام الذي يعد بمثابة دركي لحماية الأسواق من احتكار أو استحواذ معين من شركات محظوظة، ويفترض أن يقطع مع مظاهر الريع. ]]>