يمر حزب الاستقلال في مدينة طنجة من تشرذم تنظيمي لم يعد يخفى على كل متتبع للشأن السياسي في المدينة، وهذه الحالة تعكس حالة الغيبوبة التي ترافق الدكاكين السياسية طيلة المدة الانتدابية، إذ لا تفتح مقراتها الإقليمية للشباب إلا عندما يقترب موعد الاستحقاق الانتخابي، أما بقية الأوقات فإنها لا تفتح ذراعيها إلا لفئة محدودة تتحكم في الخريطة الحزبية.
وفي الوقت الذي قطعت الولاية التشريعية والجماعية 4 سنوات كاملة من عمرها، فإن حزب الاستقلال عوض أن يستثمر زخم حضوره في الأغلبية المسيرة لمحلس جماعة اكزناية المتاخمة لمدينة طنجة، ويحتفظ بطاقته الشبابية التي تشكل 22 يستوعب عضوا من أصل 28عضوا، فإنه قرر التفريط فيهم دفعة واحدة.
لم يُعلن قادة حزب الاستقلال هذه القرارات، لا على لسان أمينهم العام الوطني، نزار بركة، ولا على لسان “الحاكم الجهوي” عبد الجبار الراشيدي، وإنما يتجلى ذلك من خلال سلوك “الإهمال” المتكرر لمستشاري حزب الاستقلال في جماعة اكزناية.
و خلال أشغال المؤتمر الإقليمي لحزب الاستقلال,، لوحظ غياب أعضاء المجلس الجماعي لاكزناية، وبعد الاستفسار عن السبب، كشفت مصادر صحيفة “إ]كو بريس” أن المفتشية الإقليمة لحزب الميزان، لم توجه لهم دعوة الحضور في النشاط الحزبي الذي أطره الوزير رياض مزور، البارع في القهقهات وتوزيع الابتسامات، مقابل الكثير من الكلام الشفوي، والقليل من الإنجازات.
دكاكين حزبية تُعزز العزوف السياسي
الغريب في الأمر أن حزب علال الفاسي ل يكن ليحصد حتى مقعدا انتخابيا لولا استعانته بالكائن الانتخابي، محمد الحمامي، ولم يكن ليحصل على رآسة جماعة اكزناية، لولا رجل الأعمال الشباب محمد بولعيش، لكن الحزب سُرعان ما انقلب على من رفعوا سقف أعداد مستشاريه في خريطة الجماعات على الصعيد الوطني، ولم يعد يأبه بهم على المستوى التنظيمي.
ولم يستوعب مستشارو جماعة اكزناية فضيحة التخلي التنظيمي عنهم بكل برودة، في وقت ما تزال التوجيهات الملكية السامية تحث الأحزاب السياسية، في كل مناسبة خطاب سامي، على إشراك الشباب في العملية السياسية، وعلى تجديد النخب داخل الهياكل الحزبية، لكن على ما يبدو فإن مسؤولي حزب الميزان بطنجة، لا يهمهم سوى تأمين المقاعد مع اقتراب الانتخابات.
فبعدما كان حزب الاستقلال في وقت مضى، بابا مفتوحا يستقبل المناضلين، ويؤطر عموم المواطنين كما هي وظيفة ودور القوى السياسية في كل بلدان العالم، فإنه في السنوات الأخيرة، أغلق أبوابه حتى في وجه أعضاء حزبه المشاركين في تسيير المؤسسات المنتخبة، فكيف سيعطي هذا الحزب مصداقية للعمل السياسي بهذه الممارسات ؟
الخيارات مفتوحة على أحزاب أخرى
أمام تكرار عدم استدعاء مستشاري مجلس جماعة اكزناية المنتسبين لحزب الاستقلال، إلى اللقاءات التنظيمية، وعدم تنظيم أي اجتماع معهم طيلة 4 سنوات كاملة، بعد انتخابات 8 شتنبر سنة 2021، عكس ما يفعل حزب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، والعدالة زالتنمية، من جمع المنتخبين وممثليهم وتحفيزهم في أداء مهامهم الانتدابية، وتقييم وضعية التسيير، والاستماع إلى مقترحاتهم بخصوص تخطي إكراهات وتحديات التدبير الترابي.
ووفق ما أكده أكثر من مستشار جماعي في مجلس اكزناية، فإن الرسالة صارت واضحة أكثر من أي وقت مضى، مفادها أن حزب الاستقلال تخلى طواعية عن قلعة انتخابية، كانت قد تكون سندا في الانتخابات التشريعية المقبلة، وبالتالي فإن الالتحاق بأحزاب منافسة مستقبلا لم تعد سوى مسألة وقت، لرد الاعتبار للطريقة المُهينة من جانب حزب نزار بركة.

















Discussion about this post