إيكو بريس عبد الرحيم بلشقار –
ذاكرة مدينة طنجة حبلى بحكايات وقصص صراعات ذوي النفوذ وأصحاب الجاه والمال ومقربين من دائرة السلطة، حول المنافع والامتيازات من الأراضي ورقعة من الجغرافية ذات الموقع المتميز والتي تتمتع بالإطلالات الفريدة من نوعها بعيدة وسط الطبيعة الخلابة، كغابة الرميلات ومنطقة مديونة وطريق أشقار..
ومن بين القصص الخالدة في ذاكرة قدماء طنجة، وهي قصة لا يعرفها الكثيرون، قصة رجل أعمال فاسي يزاول نشاطا تجاريا مرموقا في مدينة طنجة، مع الشيخ السعودي الثري أحمد العشماوي، صاحب القصر الفخم بغابة الرميلات.
في تسعينيات القرن الماضي، يقول الراوي مصدر إيكوبريس وهو من أهل مطبخ الإدارة المحلية وقتها، أن أحد أعيان المدينة اشترى بقعة أرضية قريبة من قصر الشيخ السعودي أحمد العشماوي، وشيد فوقها فيلا بعد استصدار ترخيص من جماعة طنجة، حيث بنى طابقين صارت الإطلالة من شرفتهما ترمي النظرات صوب فضاءات قصر العشماوي.
ولأن هذا الأخير، كان يحضى بمكانة مرموقة و وازنة في الأوساط الرسمية بمدينة طنجة وعلى مستوى البلاد ككل، نظرا لما اسدى من خدمات لعاصمة البوغاز التي عشقها جدا أكثر من باقي مدن الكرة الأرضية، احتج بشدة لدى الوالي انذاك قائلا “كيفاش حنا جينا للتيساع فغابة الرميلات باش يجي شي حد يطل علينا، هل هكذا تكون معاملة الأمراء وعلية القوم من ضيوفكم” ؟؟
فما كان رد الوالي أنذاك، إلا أن انزعج بشدة وأرغد وتوعد وحمل سماعة الهاتف متصلا بمرؤوسيه من السلطات المحلية، ثم حرك القوة العمومية صوب الرميلات نية في تنفيذ قرار هدم الفيلا المعلومة، والتي شوشت على راحة الشيخ السعودي ضيف مدينة طنجة الكبير منزلة ومقاما.
بيد أن قرار الوالي وغضبه، سرعان ما سيذوب جراء مكالمة هاتفية جاءته من العاصمة الرباط، لم يكن يتوقع مصدرها ولا سرعة التجاوب معها، ولا قوة نفاذها أمام سلطته، حيث شلت عملية تنفيذ قراره، ودفعته للعودة إلى الخلف.
يقول الراوي، إن رجل الأعمال ( … ) لم يكن سوى صاحب بازار عريق أمام أحد أشهر فنادق مدينة طنجة، وقد كان موقعه فرصة للتعارف على الأمراء وكبار المسؤولين في العاصمة الرباط الذين يزورون طنجة و يقيمون في الفندق المجاور له، مما خول له تشكيل شبكة من العلاقات القوية، منحته نفوذا كبيراً على مستوى عاصمة البوغاز.
وقد شكلت تلك الواقعة بين رجل الأعمال الذي ينحدر من العاصمة العلمية فاس، والذي استقر بطنجة رفقة عائلته الفاسية لتطوير مشاريعها التجارية في بيع التحف الفنية والحلي الفخمة وأنواع المنتوجات الجلدية الفخمة، ومنسوجات الزرابي التقليدية والقلائد الثمينة ذات القيمة. (شكلت) نقلة نوعية في مكانة العائلة بمدينة طنجة، حيث راكمت رصيدها لتنتقل للاستثمار في النسيج والخياطة، عبر مصنع شهير تديره نجلة الراحل في المنطقة الصناعية الحرة.
أما الشيخ أحمد العشماوي، فقد تركت القصة في قلبه غصة، يقول راوي القصة الذي عاش عن قرب تفاصيلها الدقيقة.
واليوم بعد 25 سنة تقريباً على تلك الواقعة، يعود نفس المكان بغابة الرميلات إلى واجهة الأحداث، حيث يشهد المكان يوم الاثنين فاتح أبريل وقفة احتجاجية لنشطاء المجتمع المدني المدافع عن البيئة، دفاعا عن أراضي الغابات التي تناولت عليها أيادي شخصيات متعطشة لبناء الإسمنت على أنقاض الأشجار والغطاء الأخضر.
Discussion about this post