لا يجد المتابع الموضوعي لواقع الحال في جماعة اكزناية أن يستنتج بكل تجرد وحياد، أن السلطات المحلية ليست وحدها من تتحمل وزر تدهور الوضع الترابي في هذه الوحدة الترابية المصنفة حضرية، منذ سنة 2015. بل يتحمل القسط الأوفر من المسؤولية النائب والمستشار الجماعي بدرجة أكبر!! كيف ذلك ؟!
إن تدبير الشأن المحلي لا يقتصر على “رخص التعمير” فإذا تعطل قطاع التعمير والبناء انتهت رحلة المستشار الجماعي والنواب والرئيس ونوابه. بل العكس من ذلك، كان على مجلس جماعة اكزناية أن يتفرغ للتدبير المحلي بأقل الأعباء، ويتفرغ لتنظيم شؤون المجال الترابي بمستوى عال من التحرر، سواء تعلق الأمر بالأسواق أو تنظيم الشأن الاقتصادي والتجاري بتنسيق مع السلطات، حتى لا تتحول جماعة اكزناية إلى سوق الأربعاء على امتداد الأرصفة !!
بلغة الأرقام، ثمة ستة أو سبعة نواب تراهم يناقشون هموم الساكنة في أشغال دورات المجلس، ويطرحون الأسئلة على الرئيس، و يترافعون أمام ممثلي الإدارات العمومية، فضلا عن انضباطهم في حضور أشغال اللجن الدائمة والمشاركة بالمقترحات والتوصيات لما فيه مصلحة الساكنة.
فأين بقية المستشارين والنواب ؟؟ لماذا جئتم إلى السياسة ؟؟ ألا تعرفون دوركم ووظيفتكم ؟؟ أم أن أنكم جئتم بالصدفة إلى تلك المقاعد ؟؟ وقلتم في أنفسكم ما دام وفقنا الحظ لماذا لا نستغل هذا المنصب في ما يعود علينا بالنفع؟؟ هل اختلط عليكم الحابل بالنابل ولم تعودوا تفرقون بين دوركم وبين دور السلطات ؟
إذا كان عُمال شركة أمانور وشركات الاتصالات يقطعون الطرقات تقطيعا ويمزقون أوصال البنية التحتية تمزيقا دون أن ترسلوا ولو شكاية واحدة إلى شركة أمانديس أو إلى سلطات ولاية طنجة تصيحون اللهم هذا منكر على الأقل !! وإذا كان العكس فاطلعوا ببيان تكذيبي ضد كاتب المقال.
قد يقول قائل إن عون السلطة يصور الحالة ويبعث والقائد يُدون التقرير ويُرْسل و الباشا يطلع رؤساءه على الوضع فيخلي ذمته فيسلم.. فما جدوى كتابتنا نحن السادة المستشارين ” اللاموقرين” !!
فإذا كان النائب يستنقص من دوره ومكانته داخل منظومة دستورية خولها القانون الأسمى للبلد مكانة مرموقة، فإن العلة في انطباعاتك و هواجسك المرتبكة المترددة، وليس في المنظومة السياسة بالرغم من كثرة الملاحظات عليها.
كما أن القول بأن اختصاصات رئيس الجماعة في حد ذاته ضحلة ومتدنية مقارنة مع اختصاصات وصلاحيات سلطات الوصاية في العمالة، حق يراد به باطل، على اعتبار أن القاعدة تقول “كيفما تكونوا يولي عليكم” ، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.
فكيف بمستشار كسول وجبان أن ينظر إليه الوالي نظرة تقدير واحترام، وهو لا يقوم حتى بوظيفته وأدواره البسيطة من قبيل كتابة مراسلات واقتراح نقط في جدول أعمال !! كيف لا يقوم حتى بمساءلة الإدارات العمومية ومراقبة تنفيذ وإنجاز المشاريع، مواكبة تقدم الأشغال و ملاحظة نسبة احترامها لمقتضيات التحملات، والتدقيق في ميزانيتها ومطابقة القيمة المنجزة مع التكلفة الإجمالية؟؟
وعلى ضوء الخلاصات و الملاحظات يمكن مراسلة سلطات الوصاية والإدارات العمومية و الوكالات المختصة في شأن الموضوع، ثم إعلام الساكنة في إطار الديموقراطية التشاركية باعتباركم ممثلين عن المواطنين عن طريق صناديق الاقتراع.
أما أن تولوا وجوهكم اتجاه أولويات أخرى، غالبيتها بعيدة عن نية المنفعة العامة، ثم تتباكون في المقاهي والجلسات الثنائية على الوضع التدهور.. و تارة تحملون مسؤولية التقصير للسلطات المحلية، وتارة تحملون مسؤولية تأخر تصميم التهيئة للوكالة الحضرية، وتعثر مشروع واد اكزناية لوكالة تنمية أقاليم الشمال.. وكأن تدبير الشأن المحلي يقتصر على التفرج على المتدخلين الآخرين !!
دعنا نتسائل معكم هل راسلتم الباشا مثلا للخروج معكم في لجنة مشتركة لتنظيم الأسواق التي صرفت عليها ميزانية مهمة من المال العام ولم تدخل حيز الخدمة بعد ؟؟ هل كتبتم له مراسلة ولم يتفاعل معها ؟؟ سواء في موضوع الأسواق أو تنظيم السير والجولان أو الإنارة العمومية أو أوراش ومشاريع فيها المنفعة العامة وليست المصلحة الخاصة ؟؟
فإذا كنتم عاجزين حتى عن الالتزام بمواكبة المجال الترابي في وضعيته الحالية مع ما يتراكم فيه من إشكالات هيكلية، فكيف عندما يتوسع التعمير ويتزايد عدد السكان ؟؟ إذا كنتم عاجزين عن رصد احتياجات الأحياء من حاويات النفايات المنزلية. فمن يقوم بهذا الدور ؟؟ وإذا كنتم عاجزين عن تتبع شركة صوميكوتراد للمناطق الخضراء في احتساب غلاف ميزانية ضخمة تفوق المليار سنتيم أين تصرف وكيف تصرف.. فما هو دوركم حتى إذا نهاكم عنها الرئيس تحت كلام وهمي لا أساس له من الصحة هل يجب أن تُغمضوا العين ؟؟
وإذا كنتم عاجزين عن تتبع أعمدة الإنارة العمومية المعطلة والخارجة عن الخدمة. وإذا كنتم عاجزين عن مراقبة شركة التدبير المفوض للماء والكهرباء والتطهير السائل فيما تفعل من أشغال دون إعادة الحالة إلى ما كانت عليه، وإذا كنتم عاجزين عن كتابة شكاية حول انتشار المخدرات في مختلف مناطق الجماعة ؟؟ فما دوركم ؟؟ وما هي قيمتكم المضافة في مناصب تحملون فيها صفة مستشار أو نائب ؟
فهل يعي المستشارون الكسالى أن التقصير عن أداء المسؤوليات، توازي التقاعس عن إقامة حقوق الله، فقد بيّن النبي صلى اللهُ عليه وسلم أن الجبن من شر الصفات التي تكون في المرء، إذ روى الإمام أحمد في مسنده مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَن النبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “شَرُّ مَا فِي رَجُلٍ: شُح هَالِعٌ، وَجُبْنٌ خَالِعٌ”.
إن هذا الوهن و الانكماش في تحمل مسؤولية تدبير الشأن المحلي لم يصل هاته الدرجة حتى في عهد الرئيس المخلوع أحمد الإدريسي، حيث كان النقاش السياسي في أوجه وكانت المراسلات توجه إلى الولاية سواء في عهد الوالي اليعقوبي او الوالي امهيدية، تطالب بإدراج مشاريع تنموية وبرمجة مرافق وتجهيزات كانت الجماعة تفتقر إليها، وكان المجلس يبادر مبادرات رائدة من بينها تخصيصه وعاء عقاري قبل 10 سنوات لبناء مفوضية للأمن الوطني، وتخصيص قطعة أرضية جماعية في غابة السمارة لتشييد مقبرة نموذجية لكن المشروع لم يخرج إلى حيز الوجود، ولو كان العزيمة والإرادة ونية المنفعة العامة حاضرة في مواقف المستشارين لرأيناهم يواصلون مشوار الترافع بكل الوسائل التي يخولها لهم المُشرع بشكل قانوني !!
للتفاعل مع كاتب المقال يرجى التواصل عبر البريد الإلكتروني [email protected] أو ترك رسالة في التعليقات
Discussion about this post