مهنيو النقل الدولي يكشفون أوجه معاناة السائقين في ميناء طنجة المتوسط
في أوساط سائقي شاحنات نقل البضائع المتجهة إلى ميناء طنجة المتوسط، يُطلق مصطلح “الفيلة” على الطوابير الطويلة خارج الميناء، بينما يُشير مصطلح “الفيل” إلى الطابور الطويل الممتد بعد إتمام الإجراءات الجمركية والحصول على أوراق الاستخلاص.
ويصل طول طابور الشاحنات إلى حوالي 12 كيلومترًا ذهابًا وإيابًا، مرورًا بمنطقة TGMD 2 والعديد من الالتفافات.
لا نحتاج إلى الإطالة في شرح مشكلة “الفيلة”، بحيث أثارت قضية الطاوبير خارج الميناء اهتمامًا إعلاميا واسعًا ، خاصة بعد رسالة الطمئنة الصوتية التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي للسيد عامر زغينو، رئيس الجمعية المغربية للنقل البري العابر للقارات (AMTRI).
ووعد زغينو المقرب من دوائر القرار في السلطة المينائية، بأن آخر أجل لمعاناة السائقين مع “الفيلة” سيكون في 30 مارس إن شاء الله. نحن على ثقة بوعوده، خاصة وأنه ملم بكل التفاصيل والإكراهات. ومع ذلك، لم يتطرق السيد زغينو إلى مشكلة “الفيل”، والتي تعتبر جوهر المعاناة.
مشكلة “الفيل” تعتبر حديثة العهد مقارنة بالمشاكل الأخرى ، لكنها أصبحت مع مرور الوقت سيدة الإكراهات داخل الميناء. سنحاول تحليل الوضع لمعرفة المسؤول عن هذا الطابور الضخم وكيف وصل إلى هذا الحجم. فهو ليس فيلًا عاديًا، بل فيل ضخم يذكرنا بأفيال الماموث في الضخامة والكبر.
عنق الزجاجة
السبب الرئيسي وراء هذا الطابور هو الممر الضيق الذي يشبه “عنق الزجاجة”، حيث يجب أن تمر جميع الشاحنات المتجهة إلى محطة الإركاب (التيرمينال) عبر هذا الممر.
الجهات المسؤولة عن هذا الممر هي الجمارك والأمن الوطني، حيث يقوم الأمن الوطني بالتفتيش اليدوي، بينما تتأكد الجمارك من صحة الوثائق (مانلوفي). هذه الإجراءات هي السبب الرئيسي في هذه الطوابير، حيث قد تصل فترة الانتظار إلى أكثر من 12 ساعة، والسائق وراء المقود مع حركة متقطعة (سير وقف، سير وقف).
إنها أشبه بعملية زحف متواصل نحو المخرج من عذاب “الفيلة” و”الفيل” قد يصل إجمالي المدة الزمنية التي تستغرقه ما يزيد عن 40 ساعة من الوقت. أي ما يعادل مدة السياقة من الجزيرة الخضراء جنوب إسبانيا إلى حدود فرنسا مع بلجيكا شمال أوروبا !! فهل هاته الإجراءات تعزز التجارة الخارجية للمملكة أم تؤثرا سلبا عليها ؟
تداعيات الفيل والفيلة .. توتر و قلق وضغط نفسي
أكدت الدراسات العلمية أن السائقين هم الأكثر عرضة للإصابة بالسكتة القلبية بسبب التوتر المستمر أثناء القيادة. والسائق المغربي الذي يعبر هذا الميناء هو أكثر عرضة للإصابة بالسكتة القلبية والدماغية.
نظرًا للضغوط النفسية الكبيرة التي يتعرض لها والأعصاب والخوف المتكرر، سواء خارج الميناء أو داخله.
الخوف من المهاجرين السريين، والأعصاب لما يقع من العشوائية في التنظيم داخل موقف عين شوكة (اللاخر كيدوز هو اللول والمحسوبية والزبونية) والخوف من الديبوطاج، لأنه يعلم إذا مشى حتى طاح ديبوطاج راه كارثة أخرى من المعاناة لا داعي للخوض فيها الآن.
بالإضافة إلى ذلك، هناك الخوف عند التفتيش الأمني اليدوي عند الممر المذكور بعد اجتياز “الفيل”، خوفًا من العودة إلى نقطة الصفر بالرجوع إلى الساكانير مرة أخرى بسبب أي شكوك (مثل نباح الكلب…).
والخوف الأكبر هو عند الوصول إلى الجمارك، حيث يشعر السائق وكأنه يعبر الصراط المستقيم. والسبب يعود لأمور يراها تعسفًا واضحًا في حقه.
فلا يعقل بعد هذه المدة من الزحف والسير والانتظار، وعند الوصول إلى نهاية كل هذه الأشواط، أن يفاجئك موظف الجمارك بطلب العودة إلى نقطة الصفر بسبب أمور لا علاقة لنا بها، مثل:
مانلوفي مدايزش فالسيستيم.
الكاشي ديال لانسبيكتور مواضحش.
التربتيك ديال لامبور مدايزش.
الديواني لي لفوق كان عليه يكتبلك هنا بلي راك دوزتي الديبوطاج.
الديواني موضحش واش فتح الرموكة ولا مفتحهاش، وغيرها من الأمور التي لا علاقة لنا بها كسائقين.
والله حتى يوقفلك العقل! فالسؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل مهني ما دخلي أنا كسائق شاحنة في كل هاته الذرائع التي سببها مسؤوليات تقصيرية من أطراف في المنظومة المينائية ؟
أسئلة لا بد منها حول مستقبل منصة التصدير والاستيراد
هنا لابد أ نطرح تساؤلات على الشركة المسيرة لبوابة المغرب نحو أوروبا هل فترات الانتظار الطويلة طبيعية أم هناك تقصير من الموظفين؟
إذا كان هناك تقصير، فيجب التدخل فورًا لإيجاد حلول، سواء بتقليص ساعات العمل للموظفين أو إنشاء ممرات إضافية لتسريع عملية العبور…،
وإن كان الأمر عادي فيجب توفير محطات للوقوف، فلا يعقل أن يستمر السائق على هذا الوضع..
لماذا يتم إعادة الإجراءات الجمركية والأمنية في هذا الممر بالذات؟
أليست هذه الإجراءات نفسها التي تم تنفيذها عند الساكانير والديبوطاج وغيرهم من نقاط المراقبة قبل الوصول؟ هل نحن في ميناء واحد أم في ميناءين مختلفين؟ أسئلة كثيرة نتمنى أن يجد لها المسؤولون أجوبة حتى تكون حلاً لهذا الواقع الأسود.
وأخيرا لا بد من التنويه إلى أننا نحيي عاليا الأدوار التي تقوم بها أجهزة الأمن والجمارك، ولسنا نعارض الإجراءات الجاري بها العمل ف حدود كل بلد. ولكننا ضد المعاناة التي يتعرض لها السائقون دون توفر أدنى شروط الكرامة الإنسانية، مثل الراحة والمرافق العامة.
فالإجراءات في كل موانئ العالم موجودة، لكن في ميناءنا هي نوع من أنواع تعذيب السائقين وليس محطة العبور.
محسن معاشو: سائق مهني عضو منتدى الإستفادة والتكوين
Discussion about this post