متى كان قطار التغيير يمر من محطة واحدة ؟؟ لعل هذا السؤال المُحرج هو أكثر ما يخيف عبد اللطيف العافية وحاشيته في معركتهم الخاسرة، لأنهم يعلمون يقينا أن ولاية الرجل الذي أصر على الترشح ضدا على مبدأ “التداول” الذي هو أسمى تعبير عن الديموقراطية، ستنتهي لا محالة بعد بضع سنوات، وسيتعين عليه بقوة القانون ترك الكرسي الذي تمسك به كما يتمسك الطفل بالحلوى بيده وأسنانه، لشخص آخر لا يهم من سيكون، ولكنه حتما لن يكون عبد اللطيف العافية.
هذا المسير الرياضي الذي تربع على منصب رآسة العُصبة مدة 21 سنة، لم يستطع خلالها ترك بصمة تُذكر أو لامس إنجازا يمكن أن يحسب له في ميزان أعماله الرياضية، بل على العكس من ذلك، مدرسة نادي أجاكس طنجة التي يشرف عليها، تؤطر سنويا مئات الفتيان والأطفال مقابل مبالغ شهرية مُحترمة، لكن ما هي حصيلتها ؟ هل خرجت هذه المدرسة لاعبا واحدا تمكن من تثبيت أقدامه في كبار الأندية الوطنية على الأقل ؟؟
بل إن أكثر ما كان يثار خلال ولايته السابقة، شكاوى التظلم والتعسف، إذ في عهده اشتكت عدة فرق وأندية من خروقات و تعسف لا لشيء لأنها تلعب وفق مبدأ المنافسة الشريفة، ومع ذلك، لم ينجح حتى في تحقيق إنجاز لفريقه باستثناء فريق كرة القدم لداخل القاعة الذي تألق بفضل اللاعب المتألق ݣرامجا وزملاءه من المواهب الذين أنجبتهم دار الشباب حسونة.
لو كان عبد اللطيف العافية صادقا في مزاعمه التي تحدث عنها في خرجة إعلامية في جنح الليل، ليلة الخميس الجمعة وهو مرتبك قلق على ما قد ستؤول إليه نتائج الانتخابات، لكان قد قدم أحدا من الشباب الأعضاء في لائحته ليكون رئيسا وجلس إلى جانبه متواضعا، لكن الواقع يؤكد أن أهدافه شخصية صرفة وطموحات ذاتية لا أقل ولا أكثر ، والتاريخ بيننا لمن يقول العكس. أليس الكتاب يُقرأ من غلافه فماذا قدم العافية طيلة عقدين من الزمن ؟؟
ولو كان ناديه أجاكس طنجة الذي توفرت له من الإمكانيات والامتيازات المحروم منها عشرات من الأندية المزاولة في العصبة في منطقة امغوغة وبني مكادة، اعتنى بصبي في المهد ورعى تكوينه متدرجا في فئات الفريق بملعب ابن خلدون، لكان اليوم نجما يصول ويجول في الملاعب المغربية؟ لكن أرونا ماذا فعل لكم هذا العافية حتى أصبحتم تقدسونه بين عشية وضحاها ؟
فبالعودة إلى لائحة عبد اللطيف العافية فقد تضمنت شبابا في مستوى الجدية والكفاءة في التسيير ما جعل أنديتهم تتفوق على الصعيد الوطني، على غرار فريق لوكوس القصر الكبير ؟ إلا أن الذات المتضخمة والأنا المفرطة ماكانت لتتواضع بعد أزيد من 20 سنة لتترك المجال لجيل جديد، وهذا هو الجواب المرعب الذي يخشاه العافية والمتملقين له.
كما أن تحالف عدد من المسيرين الرياضيين مع عبد اللطيف العافية، بحسب ما صرح به عدد منهم لكاتب المقال خلال دردشة جانبية على هامش أشغال الجمع العام، فرضتها معطيات من باب سوء الصدف إن صح التعبير، وتتمثل أساسا في كون عمر العباس محسوب على المكتب المسير لاتحاد طنجة، وعلى تيار نصر الله كرطيط، وذلك في سياق رياضي شهد تقاطبا حادا ضد الأخير، مما جعل خصومه يتعبأون ضده عبر عدة جبهات، وقد كانت انتخابات عصبة الشمال لكرة القدم إحداها، وقد استخدمت فيها أسلحة الحروب الباردة.
فإذا كانت هذه المعطيات هي التي هيئت أرضية صلبة لعبد اللطيف العافية لكي يجمع أغلبية مريحة قبل التقدم للانتخابات، فلماذا يحاول بعض أصحاب التحليل السطحي” إقناع أنفسهم بأن العافية “حقق انتصارا كاسحا رغم اعتماد التصويت السري عبر صندوق الاقتراع وهم يعلمون علم اليقين أن التقاء المصالح الظرفية هي الرابط الوحيد الذي جعلتهم يختارون هذه التركيبة بعد مشاوراتهم العسيرة ؟
أما من يقول بأنه فاز بشرعية صندوق الاقتراع فهذا الكلام صحيح من ناحية الشكل، أما من ناحية الجوهر فإنه مُجانب للصواب لأن الكعكة طُبخت على نار هادئة منذ مدة طويلة قبل أن يُعلن عمر العباس عن لائحة منافسة، ذلك أن العافية وجد نفسه مضطرا أن يضع يده في يد أندية بينه وبينها “خصومة متجذرة” حتى لا نقول “عداوة عميقة” لا تخطئها العين، لكنهما التقيا مؤقتا حماية لـ “مصالح معلومة لدى العارفين بخبايا التسيير الرياضي”.
إن التمسك بكرسي المسؤولية بهذا الإصرار بعد مرور حوالي 21 سنة، يمكن قراءته بأنه فراغ ذاتي يعيشه بعض الأشخاص والذين لا يجدون ما يملؤون أوقاتهم سوى في مكان يسمعون فيه صوتا يناديهم بـ “الرئيس”.
ولو أنهم كانوا يتمتعون بروح رياضية وصدر رحب بتواجد لائحة منافسة، ولو أنهم لم يكونوا يخشون الخسارة كما بدأوا يتشدقون بعد إعلان النتائج، لما استخدموا كل الأسلحة طيلة الحملة الانتخابية، ولما تعاملوا كما لو أهم في معركة كسر العظام، وليس في تنافس ندي و عادي في الأصل. لكن لماذا افتعلوا كل ذلك التشويش وروجوا الاتهامات على لائحة عمر العباس ؟ ولماذا ربطوا ترشيحه باسم اتحاد طنجة علما أنه ترشح ضد العافية سنة 2019 ؟
بالمقابل، بينت هاته المحطة الانتخابية أن هناك نضجا لدى شريحة مهمة من الفرق والأندية ليس فقط تلك التي صوتت على لائحة التغيير، وإنما بمن فيها التي احترمت تعهدها مع المرشح المنافس لظروف معلومة، وللأسباب المذكورة أعلاه، رغم وجود رغبة دفينة لدى مسييريها في ضرورة إحداث التغيير، إلا أن تقديرها سار في اتجاه تفسير يقول بأن” الشروط الموضوعية لم تنضج بما فيه الكفاية” لإحداث هذا الزلزال الديموقراطي.
إقرأ أيضا :
العصبة تعتمد القرية الرياضية ملعبا لاتحاد طنجة وتحسم في حضور الجماهير الطنجاوية
Discussion about this post