المهندس عمار التراس.
تتمدد الأنشطة الاقتصادية الغير المهيكلة في منطقة مسنانة في غفلة من السلطات لتصبح “أنشطة سرية”، لا يعرف ما قد يأتي من وراءها مستقبلا، إذا ما استمر إهمال أوضاع أصحابها ردحا من الزمن.
بفعل الهجرة القروية المفرطة، ينفرط تدريجيا عقد ضبط الانتشار السكاني في المجال الترابي لمنطقة مسنانة، والتي صارت في الآونة الأخيرة من أكثر الأحياء السكنية اكتظاظا في مدينة طنجة.
وعند القيام بجولة في أسواقها المنتشرة فوق الأرصفة وعلى قارعة الطرقات، يترآى لكل عابر هشاشة الأنشطة التجارية التي تستوطن منطقة مسنانة، حيث تجد أشخاصا يفترشون سلعا لا تتجاوز قيمة رأس مالها 100 درهم، أي ما يعادل 10 دولارات، وهو المبلغ الذي ينفقه برجوازية مدينة طنجة في شيء تافه.
وأنا اعبر هذا المجرى الوادي الذي أصبح ملاذا لمن ضاقت به تكاليف الحياة، رغم ما ينبعث منه من روائح تركزم الأنوف، وبيئة ملوثة تضيق بها النفوس، فإن هناك أباءا وأمهات يبيعون مقتنيات زهيدة وملابس رثة، تعكس مستوى معيشة هذه الفئات الاجتماعية المتدني جدا عن مؤشرات التنمية البشرية، لدرجة قد تؤلم من يسمع حكاية أحد أفراد هذه الشريحة من المجتمع.
أوضاع تطرح أسئلة عن من يتحمل مسؤولية تحسين أوضاعهم وإنقاذ أطفالهم من مستقبل مجهول؟ من مصلحته إرسالهم لنفق مظلم؟ إذ رغم التقارير التي ترفع حول الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية في هذه الأحياء، والمجهودات المبذولة لتحصينها من انتشار الجريمة والمخدرات والإرهاب… لكن في المقابل من يحصنها من سوء المعيشة والفقر المهين للكرامة، والهشاشة، والهدر المدرسي.
هنا يتعين على الدولة ومسؤوليها كما رصدوا مجهودات وتمويلات لمكافحة الجريمة و المخدرات والإرهاب وهم مشكورون على ذلك،لابد من نفس المقاربة لرفع الضرر عن هذه الشريحة،وحين تناقش معهم عزوفهم عن المشاركة السياسية وتفريطهم في حقوق مواطنتهم تمطر عليك مجموعة من الاعتلالات تقادمت.
إذ في مجتمع مدني ومتحضر لابد لكل الشرائح أن تسعى لإيصال لائحة مطالبها واحتياجاتها بنفسها، فنرجع للحديث عن المشاركة السياسية كمدخل لايصال مطالبهم والعمل على إيجاد حلول تخصهم .وهل فعلا المشاركة السياسية تحقق مبتغاهم في ظل هذه الظروف والشروط أم انهاتكتفي بتأثيث المشهد السياسي الوطني.