أمر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بطنجة بحفظ الشكاية التي تقدم بها ورثة يهودي كان يقيم خارج المغرب، ضد منتخبين ومنعش عقاري وموظفين باكزناية، بعدما اعتبر أن النزاع المعروض لا يكتسي طابعا جنائيا، وإنما يدخل في إطار النزاعات ذات الطبيعة المدنية.
وكان المشتكون وهم وريث يهودي ومعه سمسار من مدينة تطوان، قد اتهمو الأطراف المذكورة بالترامي على عقارات في ملكية أبيهم، وببناء منازل فوقها دون وجه حق، معتبرا أن الوثائق المعتمدة من طرف الخصوم شابها التزوير في العقود العدلية والاستيلاء على ملك الغير. واستند في شكايته إلى صورة شمسية لرسم عدلي أصلي يعود تاريخه إلى سنة 1950، يثبت – حسب ادعائه – ملكيته للأراضي موضوع النزاع.
غير أن الوكيل العام ممثل القضاء الواقف، وبعد دراسة الملف ونتائج الأبحاث المنجزة، خلص إلى عدم توفر عناصر الإثبات الكافية التي تفيد قيام أفعال التزوير، معتبرا أن الوقائع المعروضة لا ترقى إلى صفة الجريمة، وأن النزاع يظل محصورا في جانبه المدني، ما استدعى اتخاذ قرار الحفظ.
و عكس ما روجت له إحدى الصحف الوطنية في محاولة منها للتشكيك في القضاء فإن ورثة اليهودي لا يتوفرون أصلا على وثائق ذات شرعية قانونية ، وإنما مجرد نسخ مطبوعة لعقود عدلية مشوبة بعدة تناقضات تخص التواريخ و أيضا حدود العقارات و مساحتها .
ليس هذا فحسب بل إن وكيل الملك تفاجئ بوجود عقود الملكية المزعومة مكررة بنفس العناصر التقنية و المادية في مناطق مختلفة ما بين طنجة و اكزناية مما عزز فرضيات الشك لدى هيئة القضاء .
الملف، الذي أثار ضجة إعلامية واسعة خلال الشهور الماضية، تبين لخبراء في القانون بمحكمة طنجة أنه لا يحمل أي صبغة إجرامية، خلافا لما تم تداوله في بعض المنابر الإعلامية التي أرادت الاستثمار في هذا الملف لدواعي مادية و ابتزازات سياسية ، مؤكدين أن الاختصاص في مثل هذه القضايا يعود أساسا للقضاء المدني.
وجاء قرار الحفظ بعد سلسلة من الأبحاث الميدانية التي باشرتها مصالح الدرك الملكي باكزناية، حيث تم إنجاز بحث تمهيدي شمل الاستماع إلى المشتكي، وكذا عدد من ساكنة الأراضي موضوع النزاع، قبل أن يُحسم الملف بقرار قضائي أنهى الجدل القانوني المثار حوله.
و تبين من خلال خلاصات نتائج التحقيقات التي باشرها الدرك الملكي ثم الفرقة الوطنية لاحقا، أن المشتكى بهم من طرف اليهودي الوريث، قد أجروا معاملات تجارية قانونية وفق المساطر و الإجراءات المتبعة لدى هيئة العدول و قاضي التوثيق لدى المحكمة الابتدائية بطنجة.
كما اتضح بعد رجوع الفرقة الوطنية للشرطة القضائية إلى أصول وثائق تملك الأراضي موضوع الشكايات، أن البائعين وهم عائلات عريقة، في منطقة الفحص واكزناية، يتوفرون على أدلة وحجج مادية دامغة تؤكد مصداقية أقوالهم و تصريحاتهم أمام القضاء، وتتمثل في عقود المخارجة والإراثة والتملك على الشياع يعود تواريخها إلى عشرات السنين، وبعضها إلى قرن من الزمن.
















Discussion about this post