لا علاقة للماكيط الذي قدمه المسؤولون أمام جلالة الملك محمد السادس قبل ثمان سنوات، مع ما هو موجود حاليا على أرض الواقع، لا من حيث المساحة ولا من حيث التجهيزات المرتقبة للمشروع الذي ما يزال يعرف تعثرات هيكلية.
يقع مشروع مدينة محمد السادس تيك، فوق المجال لجماعة العوامة ضواحي مدينة طنجة، توجد بها شركتان دوليتان أجنبيتان حاليا، إحداهما مجموعة أبتيف الأمريكية المختصة في صناعة الألياف الكهربائية للسيارات.
خلال الأيام القليلة الماضية، ونحن عائدون على متن قطار البراق، لمحنا من نافذة تي جي في حركته السريعة مندفعا نحو محطة طنجة، مساحة بها بعض المصانع تشبه إلى حد ما منطقة صناعية، لكنها تقع في منطقة خلاء قاحلة.
بعد غد من رحلتنا على متن القطار، توجهنا إلى عين المكان، تفاجأنا بعدم وجود علامات التشوير بل إنها تنعدم في محيط المنطقة الصناعية طنجة تيك، إذيخال المرء وهو يسلك الطريق الجانبية لمنطقة كوارت محاذاة الطريق السيار شرق طنجة، وخط السكك الحديدة، أنه متوجه لمنطقة أنشطة حرفية معزولة.
مما يدل على وجود منطقة صناعية في عين المكان، هي حركة شاحنات النقل الدولي للسلع، وحافلات نقل المستخدمين وهي تخرج أو تدخل في اتجاه منطقة مسيجة بداخلها وحدتان صناعيتان، إحداها ترى من بعيد نظرا لوجود لافتة مكشوفة باسم المجموعة العملاقة APTIV.
يقول مصدر مسؤول تحدث إلى صحيفة إيكو بريس، بأن المشروع الذي ظل متعثرا لسنوات، بعدما كان يتم تسويقه على أنه مشروع ملكي ضخمُُ جدا يمكن أن يوفر آلاف مناصب الشغل، لم يسر على النحو الذي رُسمت تفاصيله التقنية والهندسية في مرحلة الإعلان عنه.
كونتينيرات البناء المفكك هي الأماكن المجهزة على أنها إدارات الاستقبال !!
في هاته الأيام من بداية فصل الشتاء حيث الأحوال الجوية متقلبة، والطقس بارد جدا، ينكفئ رجال الجمارك على أنفسهم داخل كونتينيرات من الزنك والحديد، وحين تهب رياح الشرقي تلفحهم حرارة الشمس ويتطاير عليهم الغبار.
أما أعوان الحراسة (سيكيريتي) فإنهم يقفون متماسكين كالجنود في الشريط الحدودي، مترجلين يمينا ويسارا رافعي رؤوسهم في كل اتجاه متربصين بكل غريب يقترب من المكان.
يمنع الدخول إلى هناك إلا بتصريح مسبق، ذلك أن المنطقة الصناعية طنجة تيك تخضع لنظام تسيير ذاتي، تسهر عليه السلطة الإدارية.
في سنة 2017 كان المسؤولون الترابيون والمنتخبون بجهة طنجة تطوان الحسيمة، يتحدثون عن أن استثمارات المشروع تناهز 15 مليار دولار وسيقام على 2000 هكتار.
لكن مصدرا مطلعا تحدث لصحيفة “إيكو بريس” قال أن المساحة المجهزة حاليا لا تتعدى 88 هكتارا، مردفا بأن الإجراءات القانونية لعملية نزع الملكية للأراضي بالجماعات القروية المجاورة، سبت الزينات، والمنزلة، والعوامة، لا تزال جارية على قدم وساق، وبلغت مرحلة متقدمة.
أما تنزيل المشاريع والصعوبات في إقناع المستثمرين الأجانب، وعلى رأسهم الصينيون الذين تسير معهم المفاوضات بشكل عسير جدا، أسفر مؤخرا عن إقناع شركتان عملاقتان فقط.
لكن خلال سنة 2017 كان يتم التسويق للمشروع أنه يمكن أن يوفر بيئة صناعية قادرة على استقطاب نحو 300 ألف فرصة عمل، مع بنية تحتية للعيش في محيط المجال الترابي للمنطقة الصناعية، حيث تندمج الساكنة مع المدينة الصناعية بشكل منسجم مع احترام معايير التنمية المستدامة.
وقال المسؤولون أيضا، وكان حفيظ العلمي الوزير الأسبق للصناعة، وإلياس العماري، رئيس الجهة الأسبق، أكثر المتحدثين للصحافة ووسائل الإعلام في هذا الشأن، معطيات وأرقام لم يظهر لها أي أثر على أرض الواقع.
بخصوص المراحل وأجال التنفيذ، قال المسؤولون سنة 2017 أنه سيتم إنجاز المشروع الملكي عبر ثلاث مراحل خلال السنوات العشر المقبلة باستثمارات إجمالية تناهز 15 مليار دولار.
المرحلة الأولى تتمثل في تجهيز منطقة صناعية على مساحة 500 هكتار، تضم عشرة قطاعات نشاط، منها صناعات الطائرات والسيارات والاتصالات والطاقات المتجددة وتجهيزات النقل والتجهيزات المنزلية والمنتجات الصيدلية والصناعات الغذائية والصلب والحديد والإسمنت والزجاج، بالإضافة إلى منصة للتجارة الإلكترونية.
بالنسبة للمرحلة الثانية وتقع أيضا على مساحة 500 هكتار، فتتعلق بإنشاء مركز لوجيستيكي ضخم، في حين ستخصص مساحة 1000 هكتار خلال المرحلة الثالثة لتوطين الشركات المتعددة الجنسية.
المسؤول في حالة اختفاء وأبواب الولوج للمعلومة موصدة !!
ها نحن ذا في مطلع سنة 2025 أي بعد مرور ثمان سنوات، على وقوف إلياس العماري و الوالي محمد اليعقوبي والوزير مولاي حفيظ العلمي، منتشين بتبديد شكوك تحقيق صحفي أنجزه موقع لوديسك، لا يزال المشروع يسير متثاقلا متعثرا، فالشركات المتعددة الجنسيات لم تأت بعد للاستوطان بعين المكان، والأسباب مجهولة.
الاتصالات التي قامت بها صحيفة “إيكو بريس” مع إدارات متدخلة في المركز الجهوي، والسلطات المحلية، ومجلس الجهة، حملت المسؤولية لشركة التهيئة التي يتولى منصب إدارتها، مسؤول سابق في الميناء المتوسطي.
لكن سياسته التواصلية تكاد تكون منعدمة مع وسائل الإعلام، خصوصا المتحدثة بالعربية منها، حيث تغلق الإدارة الكائن مكتبها في منطقة عشابة قرب المركز التجاري سوكو ألطو، أبوابها على الدوام، رغم وجود سيارات فارهة ذات ترقيم مغربي وتارة سيارات وفود أجانب.
لكن لا شيء يتسرب من خلف المكاتب الزجاجية، وحدها سياسة التعتيم على المعلومة تطلق العنان متعجرفة في السماء، بينما ينتظر الرأي العام أجوبة ملموسة على منطقة صناعية ينتظر منها تأمين مئات آلاف فرص الشغل، كما صرح المسؤولون، على اعتبار مبدأ وحدة الإدارة واستمرارية المرفق الإداري رغم تغير الوجوه في المناصب.
Discussion about this post