إيكو بريس من طنجة في الوقت الذي يحث عاهل البلاد الملك محمد السادس عزيمة المسؤولين من أجل النهوض بالمجالات الترابية المهمشة، وبذل الجهود في إنجاح الاستراتيجية التنموية، فإن واقع الحال في جماعة اكزناية يجعل الاعتقاد السائد أن بعض المؤسسات والإدارات غير معنية بالخطابات الملكية السامية. وهكذا أصبحت هذه المدينة الصغيرة المجاورة لطنجة عبئا ثقيلا على حاضرة الشمال الكبرى، بل تنسف صورة المشاريع التنموية التي أطلقها الملك محمد السادس سنة 2013، حيث لا تتوفر اكزناية لا على سوق نموذجي رئيسي، ولا على مراكز تجارية للقرب، ولا على وكالات بنكية، ولا على ملاعب رياضية، ولا على حدائق وفضاءات الترفيه، ولا قنطرة فوق الطريق السيار، بل حتى مركز المدينة قاحل ليس به حتى نافورة ماء، أو رمز تذكاري، وعشب أخضر. وبينما ينعم الرئيس في فيلا فاخرة بمنطقة جبل كبير. وذاك حقه لا يحسده عليه أحد على كل حال، إلا أن المسؤولية التي يتقلدها تتطلب أن يفوض بعض الصلاحيات لنوابه، لكي تعطى الانطلاقة للمشاريع التنموية. لأن ساكنة جماعة اكزنايةما تزال منذ سنوات تتمشى فوق الغبار صيفا، وفي الأوحال شتاءا، كما أن مدخل المدينة ضيق يخلق أزمة رهيبة في السير والجولان. أما مجال التعمير فلا يخضع لأية مراقبة أو تنظيم، فحركة التجزيء السري على أشدها، والبناء العشوائي ينبت كالفطر دون احترام للتصفيف، ولا عدد الطوابق، ولا تباعد اجتماعي، ولا هم يحزنون. حركية البناء تفرز تكتلات عشوائية جنبا إلى جنب، ليس بينها حتى بقعة أرض لبناء مدرسة، أو مستوصف، أو مساحة كافية لتشييد حديقة عمومية يتنفس فيها السكان من المنازل الضيقة. أما نواب الرئيس فقد وجدوا أنفسهم محرجين مع ساكنة المنطقة الذين يعترضون سبيلهم كل يوم، يسألونهم أين وصل مشروع الإنارة العمومية؟ وتبليط الأزقة؟ وتزفيت الطرقات؟ وشبكة الصرف الصحي؟ وتهيئة البنية التحتية؟ فلا يجد نواب الرئيس الذين أبانوا عن وفاء مع القواعد الانتخابية، سوى الاعتذار للساكنة المحلية، بسبب احتكار الرئيس لكل الصلاحيات. ورغم أن المكتب المسير لجماعة اجزناية يضم في تركيبته كفاءات جامعية، وذوي خبرة سابقة في مجال التسيير، وطاقات شابة لها كلمة مسموعة في دوائر جماعة اجزناية، إلا أن سيطرة الرئيس أحمد الادريسي على كل الصلاحيات، وتقييده كل المهام في يد مدير المصالح، تسبب في بلوكاج تنموي لمدة أربع سنوات من عمر المجلس الحالي. فقد سبق للمجلس وبحضور الرئيس، أن صادق على مشاريع هيكلية لإصلاح الطرقات، وتعبيد الأزقة، وتشييد حدائق وفضاءات الألعاب، وتوسيع شبكة الإنارة العمومية، وتعميم شبكة الربط بالماء الصالح للشرب، لكن بعضها ما يزال متعثرا، وبعض المشاريع بدأت فيها الأشغال بعيوب واختلالات فادحة في إنجاز مثل هذه المشاريع، وهو ما عزز مخاوف لدى الساكنة من احتمال إنجاز أشغال مغشوشة تفسد عليهم الفرحة. لكن مصدرا مسؤولا من المجلس المسير لجماعة اكزناية، حمل المسؤولية لأي رداءة وتلاعب في جودة الأشغال لمكتب الدراسات المكلف بالمراقبة. ويرى متتبعون للشأن المحلي باكزناية، أن هذا البلوكاج في التسيير، يضيع فرص جلب مزيد من الاستثمار إلى المنطقة اللوجستية اكزناية، وهو ما يتطلب تدخل وزارة الداخلية عبر مديرية الجماعات المحلية لإيفاد لجنة مركزية تقف على سير المشاريع المبرمجة في جماعة اكزناية. وفي الوقت الذي يأمل الناخب المغربي أن تسهم الجماعات المحلية في رفاه المواطنين، فإن بعض الجماعات تتصرف عكس ذلك، فتسمح بالتزايد السكاني، دون تهيئة فضاءات للعيش الكريم، مثل المرافق العمومية، ومراكز الخدمات القرب، والحدائق العمومية، وبالتالي تفرخ بؤرا انتشار الجريمة، والبؤس الاجتماعي. والسبب في ذلك، هو أن بعض المسؤولين والموظفين بتلك الجماعات الترابية، قد ألفوا “البزولة” ومن الصعب فطمهم على استهلاك المال العام لأغراضهم الشخصية، حيث سرعان ما يعودون للتراخي، بعد أن تهدأ عاصفة الاستنفار الذي تقعده وزارة الداخلية بعد كل خطاب ملكي، ثم يعود أولئك المسؤولون إلى نفس السلوكات التي دفعت عاهل البلاد، إلى تخصيص خطبه الأخيرة لأعطاب الإدارات التي لم تدخل زمن التغيير.]]>