رفعت السلطات الإقليمية في ولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة، القيود الاحتياطية بشأن التعمير فوق مساحتين مجتزئة من تصميم تهيئة الشرف امغوغة، ومن تصميم طنجة المدينة، الخاصتين بمنطقتي المشاريع “ESP ” المحيطة بمحطة القطار فائق السرعة بطنجة، ومنطقة “سانية-شرق”، والذي كان “مُعتقلا” في رفوف الإدارة التعميرية منذ سنة 2022 إلى غاية أواخر سنة 2025.
وسيكون بإمكان المنعشين العقاريين، الذين يتوفرون على الأراضي في منطقة ESP والتي تعني espace de grand projet، أن يستشرفوا رؤية واضحة حول المشاريع العقارية، من حيث العلو وعدد الطوابق وفق القواعد التقنية المنصوص عليها “علو بلا حدود”، و 54 مترا في الهواء كحد أدنى، وذلك بشرط أن لا تقل القطعة الأرضية على 5000 آلاف متر مربع.
وقالت الوكالة الحضرية لطنجة، في بلاغ صحافي، أنه في إطار تنزيل مقتضيات تصميم التهيئة لمقاطعتي امغوغة والسواني، المصادق عليهما بموجب المرسوم المنشور بالجريدة الرسمية عدد 7161 بتاريخ 16 يناير 2023، تمت المصادقة الرسمية والمشتركة من طرف اللجنة المحلية واللجنة المركزية على الدراستين القطاعيتين، وذلك بعد استيفائهما لكافة المساطر القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل.
توقيت متزامن يطرح علامات الاستفهام
يبدو أن الوكالة الحضرية بطنجة، تلقت الضوء الأخضر من وزارة الداخلية بالإعلان من أجل المصادقة على الدراستين القطاعيتين للمنطقة المحيطة بمحطة القطار فائق السرعة (ESP) ومنطقة “سانية-شرق” بمدينة طنجة، واللتين تمنحان بحسب بلاغ الوكالة الحضرية، رؤية عمرانية متكاملة لتعزيز الاستثمار المستدام وجودة المجال الحضري. فهل حقا هو كذلك ؟
نظريا الجواب نعم، لأن المصادقة على هذه الدراسات يعني أن السلطات أفرجت عن وثائق مهمة جدا في التعمير، وتعتبر بمثابة “ملحق تفسيري لتصميم التهيئة” والمتعلق بالأراضي المحيطة لسكة القطار من اتجاه سكة القطار امغوغة، و كذا الجزء المقتص من مقاطعة المدينة والكائن بمنطقة السانية، والذي كان أحد المنعشين العقارين الكبار سببا في “عرقلته” نظرا لارتكابه تجاوزات تقنية ومادية على مستوى قطعته الأرضية بعد عملية تغييرات في جغرافيتها من أجل جعلها مسموحة بالبناء.
وقد تكونت لجنة البث في هذه الدراسات التقنية من الوكالة الحضرية ووالي الجهة، واللجنة المركزية لوزارة الإسكان والتعمير في الرباط. وقد كان سبب تأخرها يرجع إلى “تحفظات” تفرضها التحديات المستقبلية، حول الكثافة السكانية والارتفاعات، وحركة السير والمرور، والجودة المعمارية والابتكار المنظري في مشاريع البنايات العقارية التي سيقدمها المنعشون والشركات المختصة.
إلا أن اللافت في الأمر أن الإعلان عنها، يأتي بعد مصادقة الحكومة على مشروع القطار الحضري داخل طنجة، والذي سينطلق من محطة البراق وصولا إلى مطار ابن بطوطة الدولي، مرورا بمحطة المسافرين، والمجمع الحسني قبالة ملعب طنجة الكبير.
الفرحة لم تكتمل.. هدية ناقصة وملغومة
وبينما تنفس المنعشون العقاريون وأصحاب الأراضي أخيرا الصعداء، إلا أن هذه التنهيدة تبقى ناقصة وتظل مرهونة بحذر شديد، لماذا ؟
السبب الأول تقني صرف:
حسب خبراء تعميريين تحدثت إليهم صحيفة “إيكو بريس” الإلكترونية فإن القواعد التطبيقية المحددة في القانون التنظيمي ESP الجديد ما تزال تنطوي على ألغام وثغرات، وليست حدية وواضحة المعالم وإنما قابلة للتأويلات المتعددة، مما قد يمس بـ “مصداقية” قرارات البث في طلبات رخص بناء المشاريع الكبرى، بين المتنافسين.
كما أن الضوابط التقنية المرتفقة، من قبيل التراجع عن الطرق العمومية بـ 5 أمتار فقط، بحسب خبراء، تظل مسافة غير كافية بتاتا في وقت تشهد فيه مدن مراكش وأكادير شوارع ذات عرض 60 مترا وأكثر، في حين شوارع طنجة تعاني من ضيق خانق.
وهنا يطرح الخبراء حلولا إجرائية قابلة للتنفيذ، تتمثل في مراجعة شروط الترخيص للعلو الأقصى بالنسبة بمشاريع الأبراج، وتحديد التموضعات في اتجاه يلبي طموحات المنعشين العقاريين الذين لديهم قدرات استثمارية عالية، وذلك بشرط الحفاظ على جمالية المنظر العمراني دون الإخلال براحة الساكنة، وتحقيق الانسجام بين المشاريع المتجاورة فيما بينها.
وفي انتظار قرار غرفة الفار، ما يزال الغموض واللبس في انتظار الإفراج عن التصميم الموقعي للقطار الحضري، إذ يترقب الفاعلون الاقتصاديون والمنعشون العقاريون ما إذا كانت السلطات ستسمح بشكل فوري، في تنفيذ مقتضيات تصاميم التهيئة الجزئية المصادق عليها، أم أنها ستنتظر صدور التصميم الموقعي لمسار القطار الحضري، من أجل إجراء مسطرة نزع الملكية.


الوكالة تعلن فتح طلبات الرخص
هذا وتجدر الإشارة إلى أنه بالنسبة لمنطقة المشاريع ESP” ، التي تمتد على مساحة تناهز 65 هكتارا حول محطة القطار فائق السرعة، والتي تعتبر قطبا حضريا ذا إمكانيات اقتصادية عالية، فقد اعتمدت الدراسة على تحليل معمق للبنية العقارية وتأثير الكثافات العمرانية والعلو المسموح به، مع وضع ضوابط عمرانية دقيقة تضمن انسيابية حركة السير والجولان، وتحقيق انسجام وظيفي ومعماري بين المباني والفضاءات العامة، بما يعزز جاذبية المنطقة للاستثمار الوطني والدولي.
أما منطقة “سانية – شرق”، التي تمتد على مساحة تقارب 157 هكتارا قابلة للتعمير، فقد جاءت الدراسة القطاعية الخاصة بها لتكريس نموذج عمراني يراعي خصوصيات المجال ومخاطره الطبيعية من خلال تعزيز المرونة البيئية وحماية المناطق المهددة بالفيضانات وانجراف التربة وإحداث مناطق غابوية تشكل امتدادا طبيعيا للغطاء الغابوي القائم كما أن هذه الرؤية الجديدة ستساهم في تعزيز جاذبية المنطقة للاستثمار، من خلال توفير بيئة عمرانية متوازنة و مرافق عمومية ومساحات خضراء، مما يجعل من منطقة “سانية – شرق” مجالا حضريا واعدا يجمع بين جودة العيش والاستثمار المسؤول.
وخلصت الوكالة الحضرية لطنجة إلى أن المصادقة على هاتين الدراستين تعد محطة مفصلية في مسار التخطيط الحضري لمدينة طنجة، وتتويجا لمسار من الدراسات التقنية الدقيقة التي اعتمدت مقاربة تشاركية وأسست لرؤية عمرانية متكاملة تروم خلق توازن مستدام بين الدينامية الاقتصادية وحماية البيئة.
وتشكل الدراستان القطاعيتان المصادق عليهما الإطارين القانونيين والتنظيميين المرجعيين والملزمين، اللذين سيبنى على أساسهما دراسة جميع طلبات رخص البناء داخل المنطقتين المعنيتين، بما يضمن انسجام المشاريع مع الضوابط العمرانية المعتمدة وأهداف التنمية الحضرية المستدامة.





















Discussion about this post