إيكوبريس عبد الرحيم بلشقار – مر إعلان أحزاب الاستقلال والتجمع الوطني الأحرار والأصالة والمعاصرة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، والذي جرى بسرعة البرق، بغير قليل من الإثارة والضجيج السياسي، بسبب طريقة تقسيم رئاسة الغرف الفلاحية والتجارية والصناعة التقليدية فيما بين ثلاثة أحزاب، بشكل يوحي بطريقة تقسيم وزيعة الذبيحة التي كان يشترك فيها أهالي الدوار في المناسبات الدينية، في طقس يعبر عن أواصر التضامن وقيم التعاضد بين مكونات المجتمع المغربي. لكن وزيعة الأحزاب الثلاثة تختلف عن المضمون الإيجابي النبيل لوزيعة اللحوم الحمراء بين الناس، فهذه الطريقة التي يراد منها تحصين حقوق البسطاء وسط القرية، استعملها أكابر الأحزاب السياسية بجهة طنجة تطوان الحسيمة لحماية حظوظ كل حزب في رئاسة الغرف المهنية، تفاديا لمفاجئات التحالفات التي قد تخرج عن السيناريوهات التي تريدها الأحزاب المعنية بالمراتب الثلاثة الأولى. وإذا كانت نتائج انتخابات الغرف المهنية قد بوأت اللامنتمين مراتب متقدمة، خصوصا في غرفة التجارة والصناعة والخدمات، وغرفة الفلاحة، فهذا يعني أن هذا المكون السياسي الذي رفض وصاية أحزاب لا تمتلك الحس الديموقراطي، يجب أن يكون لديها الكلمة في التحالفات المقبلة، لكن استباق الأحزاب الثلاثة لتوقيع الاتفاق الثلاثي، يعد خطوة استباقية لقطع الطريق على أية مساعي يريدها اللامنتمون في خريطة الغرف المقبلة. وإذا كانت مكونات الدولة وقيادة البلاد الحكيمة تحث الفرقاء السياسيين على تجديد النخب، واختيار الكفاءات لمناصب المسؤوليات، فإن إعراض هذه الأحزاب عن هذه النداءات يزيد المشهد السياسي قتامة وفقدانا للثقة، في سياق مقباة فيه بلادنا على انتخابات تشريعية رهاناتها أكبر من رهانات انتخابات الغرف المهنية. قد يقول قائل أن نتائج انتخابات الغرف المهنية لم تفرز أغلبية بإمكانها أن تخلخل بنية التحالفات الكلاسيكية بين الأحزاب الأكثر تمثيلية، لكن احترام نتائج صناديق الاقتراع يتطلب ترك عملية تشكيل المجالس تسير وفق مسارها الطبيعي تفاديا الالتفاف على إرادة الناخبين. صحيح أنه من حق الأحزاب الفائرة أن تعقد تحالفاتها ما بعد نتائج الانتخابات، لكن على الأقل وجب احترام الشكليات المتعارف عليها في الأدبيات السياسية من تواصل وتنسيق وتفاهمات، لا أن يبدو كأن الأمر دبر بليل تحت جنح الظلام. إن الاستقواء بالتحالفات على الورق بالطريقة التي انعقد فيها تحالف البام الأحرار والاستقلال مصادرة لحق اللامنتمين في اختيار من يمثلهم في الغرف الفلاحية والتجارية والصناعة التقليدية، ومن ناحية ثانية فيه تكريس لهشاشة المشهد السياسي وجموده وعصيه على التغيير المنشود لدى السلطات العليا، خصوصا وأن أيا من الأحزاب الثلاثة لم تقدم نخبة جديدة لهذه الانتخابات، باستثناء اللامنتمون الذين دخلوا غمار هذه الاستحقاقات بعدما لم يجدوا موطئ قدم بين شيوخ المنتخبين، وبالتالي يمكن القوم أن دار لقمان ستبقى على حالها حتى موعد لاحق.]]>