مع اقتراب نهاية سنة 2024، أصبح المغاربة أمام تحدٍّ جديد، حيث شهدت أسعار الماء والكهرباء في البلاد زيادة ملحوظة، مما أثار ردود فعل متباينة بين المواطنين والمختصين في مجال الطاقة. هذا الارتفاع يأتي في سياق اقتصادي يشهد فيه المغرب عدة متغيرات على الأصعدة الاجتماعية والمالية.
وتعود أسباب الزيادة في أسعار الماء والكهرباء إلى عدة عوامل، من بينها زيادة تكاليف إنتاج الطاقة والماء، والتي تأثرت بشكل خاص بتقلبات أسعار المواد الأولية على الساحة العالمية. كما أن الوضع المناخي في بعض المناطق المغربية قد أسهم في تقليص الموارد المائية، مما جعل الحكومة ترفع أسعار هذه الخدمة للحد من الاستهلاك المفرط وضمان استدامة الموارد.
هذه الزيادة أثرت بشكل ملحوظ على فئات واسعة من المواطنين، وخاصة ذوي الدخل المحدود الذين أصبحوا يجدون صعوبة في تحمل هذه الزيادات، مما يفاقم الضغط على قدرتهم الشرائية. في المقابل، يظل الارتفاع في أسعار الكهرباء والماء جزءاً من استراتيجية الحكومة لتحقيق توازن مالي، في وقت تشهد فيه البلاد أزمات اقتصادية مثل التضخم وارتفاع أسعار المواد الأساسية.
إضافة إلى ذلك، تواجه الحكومة المغربية تعثرات الاستثمار في مشاريع بنية تحتية جديدة لتلبية الطلب المتزايد على الماء والكهرباء، وهو ما يتطلب تمويلاً إضافياً. هذه المشاريع تشمل بناء محطات جديدة لتحلية المياه وتوسيع شبكات الكهرباء، وهو ما يتطلب ميزانيات ضخمة.
في هذا السياق، قال فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، في وقت سابق أمام أعضاء لجنة المالية بمجلس النواب لقجع موضحا للنواب: “عندما نتكلم عن الطاقة الكهربائية فإن الرفع من القيمة بـ2 بالمائة سنويا سيكون تأثيره الشهري هو 2 دراهم سنة 2024″، وأكد أن 66 في المائة من المستهلكين فاتورتهم لا تتجاوز الشطر الأول، وسيتحملون ارتفاعا بقيمة درهم واحد سنة 2024.
وأضاف الوزير، أن “الفئة الثانية، وتمثل نسبها 17 بالمائة، سترتفع فاتورتها بـ2,3 دراهم”، مبرزا أن “17 في المائة المتبقية من مستهلكي الكهرباء يستهلكون أكثر من 500 مستهلك عادي”، ومعتبرا أن “هذه الفئة من المستهلكين تخلق عجزا للمكتب الوطني للماء والكهرباء قدره 7 ملايير درهم تدفعها الدولة”.
أما بالنسبة للقيمة المضافة على الماء فبين لقجع أن “الفاتورة بالنسبة إلى 59 في المائة من المغاربة سترتفع بـ16سنتيما، و28 في المائة ستتحمل زيادة قدرها 60 سنتيما”، مردفا: “هذه هي الحقيقة، إن كنتم تعتقدون أن 16 سنتيما ستضرب القدرة الشرائية للمواطنين وإذا حذفناها ستحافظ عليها فالحكومة متفقة”؛ وذلك في تهكم واضح منه على الموضوع، قبل أن يطالب النواب بقول الحقيقة للمواطنين.
وتابع المسؤول الحكومي ذاته بأن “13 في المائة من المستهلكين يستهلكون ما بين 20 و35 مترا مكعبا في الشهر، أي ما يعادل 26 مرة أكثر من معدل استهلاك المغاربة”، خاتما: “هذا هو الذي يحملنا عجزا بـ7 ملايير درهم سنويا”.
تجدر الإشارة إلى أن قضية ارتفاع أسعار الماء والكهرباء في المغرب من المواضيع الحساسة التي تتطلب توازناً بين الاحتياجات المالية للدولة وحقوق المواطنين في الحصول على خدمات أساسية بأسعار معقولة. على الحكومة العمل على إيجاد حلول مبتكرة من خلال الاستثمار في الطاقات المتجددة وتحسين إدارة الموارد الطبيعية من أجل تخفيف الضغوط على الأسر المغربية.
Discussion about this post