عندما تختلط الأوراق ويصعب استجلاء حقائق الأمور، ينبغي في هاته الحالة التأني وليس التسرع، لكن كاتب المقال الأخير عن الموظف التقني في الوكالة الحضرية بطنجة، سقط في فخ الاستعجال قبل التبين المطلوب.
فقد كتب محرر المقال أن العراقيل التي تواجه المواطنين طالبي الحصول على رخص البناء في مقاطعة طنجة المدينة، سببها موظف بالوكالة الحضرية، استنادا إلى روايات بعض المهندسين و مقاولي البناء الذين يشتكون من تعقيد المساطر وصعوبة الإجراءات وطول أمد الأجال قبل استلام الشهادة المطلوبة.
وبعد قيامنا بتحريات مستفيضة مع عدة أطراف، دحضت مصادرنا كل المعطيات الواردة في المقال السابق، والتي سقطت في مخالب ذوي النيات السيئة الذين يسعون إلى إسقاط مسائل في غير محلها واستغلال ثغرات نقص المعلومات من زواياها المختلفة، قصد إيقاع المتلقي في خلاصات جاهزة تغذيها الأقاويل الراجفة.
لكن حسب ما يستنتج من خلال مجموعة من الشهادات المتواترة التي استقيناها من ذوي الخبرة في مجال التعمير، ففي كثير من الأحيان يكون المهندس المعماري مُقصرا في إيداع كافة الوثائق المطلوبة، والتي يُفترض إيداعها مسبقا قبل عرض الملف التقني أمام أنظار اللجنة المختلطة المتكونة من الجماعة والولاية والوكالة الحضرية.
وليس هذا فحسب، فإن لغة التواصل بين بعض المهندسين المعماريين والمرتفقين لا تناسب قدرتهم الإدراكية، حيث يتحدثون إليهم بمصطلحات ومفاهيم تقنية من الصعب استيعابها لدى عموم الناس، مما يصعب عليهم فهم المغزى ويترك الباب مفتوحا أمام انسياقات واحتمالات تزيد التشويش عوض تبديد اللبس.
فبعد التحري بشأن مجموعة من ملفات التعمير موضوع طلبات رخص البناء، عبر المنصة الإلكترونية رخص، تكشفت أزمة عميقة بين بعض المهندسين المعماريين وبين مرتفقيهم، بحيث يتأخرون أولا في إيداع الملف في المنصة، كما لا يكلفون أنفسهم عناء تقديم الشروحات الصريحة بشأن المراحل الضرورية ومدة وأجال الإنجاز، ومدى استيفاء الشروط من عدمها.
وفيما يتعلق بنقطة استقبال المرتفقين، فقد أوضحت مصادر مهنية بالوكالة الحضرية، أن غاية المشرع من إحداث المنصة الإلكترونية، هي تكريس التعامل اللامادي بين الإدارة والمواطن، وليس العكس. ومع ذلك فقد تم تخصص يوم واحد في الأسبوع لإجابة استفسارات المرتفقين بخصوص الأخطاء المحتملة، أو تظلمات، أو ملتمسات إبداء المرونة.
كما أن المهندسين المعماريين ملزمين بتفحص الوثائق خصوصا ملكية الأراضي المشمولة بالعقود العُرفية، وذلك من أجل تسهيل الإجراءات أمام الإدارة.
ونفت مصادر صحيفة “إيكوبريس” نفيا قاطعا تعامل موظفي الوكالة الحضرية مع أصحاب البقع الأرضية ذوي الوثائق العرفية بالتعسف، مؤكدين أن السلطات حينما شرعت تصاميم إعادة الهيكلة، فقد كانت الغاية تبسيط المساطر أمام أصحاب الأراضي في نيل حقوقهم وفق الضوابط المحددة.
وأضافت المصادر نفسها، أن موظفي الوكالة الحضرية ليسوا مسؤولين عن “تأويلات” المرتفقين، حين يرجع الملف المودع في المنصة بملاحظات تستوجب الاستدراك، من جميع أعضاء اللجنة المختصة.
ولم تنف المصادر نفسها، أنه في وقت من الأوقات كان السماسرة يحيطون بمقر الوكالة الحضرية، ويحكمون بقبضة على المرتفقين الذين يقصدون قضاء الخدمات المرتبطة بالتعمير، لكنهم أكدوا أن الوضع تغير بفعل عوامل الزمن ورقمنة الإدارة.
أما بخصوص كفاءة الموظف المعني، فقد أكد زملاؤه في العمل أنه متحصل على شواهد عليا في تخصصات متعددة، يعزز بها مسيرته المهنية وتخصصه الوظيفي قياسا إلى ما راكمه من العمل الميداني في المجال التقني.
كما أشارت المصادر نفسها بأن المعني بالأمر معروف باعتكافه إلى أوقات متأخرة من توقيت العمل، من أجل استدراك أكبر عدد من الملفات المتراكمة في المنصة، وذلك بهدف التغلب على الضغط المتزايد، وتسريع البث في الملفات المُتخلفة والمُراجعة.
وأوضحت المصادر نفسها، أن بعض موظفي الوكالة الحضرية، يحملون فوق طاقتهم بحيث يوجه إليهم اللوم أكثر من غيرهم في السلسلة المتدخلة في مساطر الترخيص، في حين أن ممثل الوكالة الحضرية في اللجنة المختلطة ملزم بمقتضيات الوثائق المؤطرة، سواء تعلق الأمر بتصاميم التهيئة أو تصاميم إعادة الهيكلة.
وعلى ضوء اللبس الذي حصل في الموضوع وما نجم عنه من إضرار بالموظف المعني بالأمر فإن طاقم صحيفة إيكوبرس، يتوجه إليه بالاعتذار، ويلتمس الصفح في غرة هذا الشهر الفضيل.
كما نغتنم هاته المناسبة لشكر سفراء الخير الذين سارعوا لاحتواء الموضوع في بدايته، وإطفاء جذوته في الوهلة الأولى، والسعي نحو إنصاف مختلف الأطراف بعيدا الشحناء التي يريد البعض الاستثمار فيها لدوافع غير معلومة.
Discussion about this post