استشهاد صحفيي الجزيرة في غزة يُثير موجة استغفار وتضامن واسعة بين الإعلاميين المغاربة
أثار مقتل خمسة صحفيين من طاقم قناة الجزيرة، بينهم المراسل أنس الشريف، في غارة إسرائيلية استهدفت خيمة الصحفيين قرب مستشفى الشفاء بمدينة غزة، ردود فعل واسعة وعميقة بين الإعلاميين في المغرب. وقد عبروا عن حزنهم واستيائهم العميقين، مع دعوات صادقة للاستغفار والدعاء لهم بالرحمة والمغفرة.
الخبر المفجع الذي وصل مساء الأحد، لم يترك ساحة الإعلام في المغرب إلا واهتزت به. حيث شهدت صفحات الصحفيين والهيئات الإعلامية حالة من التنظيم والالتفاف حول هذه الخسارة الجسيمة.
فقد عبّر العديد من الصحفيين المغاربة عن ألمهم العميق في فقدان زملاء شاركوا في نقل الحقيقة من قلب الصراع. مؤكدين أن استشهادهم يمثل خسارة للصحافة الحرة والضمير الإعلامي العالمي.
وفي تغريدات وبيانات رسمية، خرجت أصوات مغربية تطالب بتوحيد الجهود لإنقاذ حرية الصحافة في مناطق النزاعات، وضرورة توفير الحماية الدولية للصحفيين الذين يعملون في ظروف بالغة الخطورة.
كما دعا الكثيرون إلى الاستغفار والدعاء لروح الشهداء، مؤكدين أن معاناتهم تذكير بحق الإعلامي في نقل الحقيقة مهما كلف الثمن.
وأصدرت نقابة الصحافيين المغاربة وفعاليات إعلامية بارزة بيانات استنكرت فيها “الجريمة البشعة” التي قضت على أرواح خمسة من زملائهم في المهنة. معتبرة أن هذه الخسارة يجب أن تكون حافزا لمزيد من العمل على حماية الصحفيين والدفاع عن حرية التعبير.
كما دعت النقابة السلطات الدولية إلى التحرك العاجل لضمان سلامة العاملين في المجال الإعلامي في مناطق النزاع.
وفي مساحات التواصل الاجتماعي، تنقل الإعلاميون تعازيهم الحارة لعائلات الشهداء، مستذكرين في الوقت نفسه الصعوبات والتحديات التي تواجه الصحفيين في المناطق الساخنة.
وبدت هذه اللحظة فرصة لتجديد العهد بمتابعة نقل الحقائق رغم كل المخاطر، مع الاستغفار والدعاء بأن يكون رحيل الشهداء بداية لاستعادة الأمان للصحافة في كل أنحاء العالم.
اغتيال مباشر
وقد قتل مساء الأحد، مراسلا قناة الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع، إلى جانب ثلاثة مصورين من طاقم القناة، إثر قصف إسرائيلي استهدف خيمة للصحفيين قرب مستشفى الشفاء في مدينة غزة شمال القطاع.
وقد أسفر الهجوم عن مقتل سبعة أشخاص بينهم خمسة صحفيين، حسب ما أفاد به مدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية.
وأعلنت قناة الجزيرة، في بيان نقلته عبر موقعها الإلكتروني، أن “جيش الاحتلال الإسرائيلي اغتال في وقت متأخر من مساء الأحد، مراسليها أنس الشريف ومحمد قريقع، بعدما استهدف خيمة الصحفيين قرب مستشفى الشفاء”. مشيرة إلى أن المصورين إبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة ومحمد نوفل قُتلوا أيضا في القصف ذاته.
وتجمع اليوم الاثنين حشود من الفلسطينيين في باحة مستشفى الشفاء لتشييع جثامين الصحفيين الخمسة. وذلك في مشهد عكس حجم الصدمة والحزن الذي خلفه هذا الهجوم في صفوف المجتمع الصحفي الفلسطيني والعالمي. وحمل المشيعون الجثامين ملفوفة بالأكفان عبر الأزقة الضيقة إلى مقبرة الشيخ رضوان.
وفي رد رسمي إسرائيلي، اعترف الجيش الإسرائيلي باستهداف أنس الشريف ووصفه بأنه “إرهابي ينتمي إلى حركة حماس”، متهما إياه بقيادة خلية إرهابية ومسؤولية عن هجمات صاروخية ضد المدنيين الإسرائيليين. كما نشر الجيش رسما بيانيا يزعم وجوده ضمن قائمة عملاء لحماس في شمال قطاع غزة.
تنديدات دولية
هذا الاتهام القاسي قابله رفض قطري وفلسطيني واسع، حيث وصفت قناة الجزيرة القصف بأنه “اغتيال مدبر لأفراد طاقمها وهجوم سافر على حرية الصحافة”.
ونددت منظمات دولية، منها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ومنظمة “مراسلون بلا حدود”، بهذا العمل واعتبرته “خرقا صارخا للقانون الإنساني الدولي”. داعية إلى تحرك دولي عاجل لحماية الصحفيين في مناطق النزاعات المسلحة.
ويُذكر أن أنس الشريف، الذي كان يبلغ من العمر 28 عاما، كان من أبرز وجوه الجزيرة في تغطية الأوضاع الميدانية في غزة. حيث كان يقدم تقارير يومية عن معاناة المدنيين تحت الحصار والقصف الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من 22 شهرا.
وكانت له رسائل مؤثرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي عبّر فيها عن ألم ومعاناة شعبه، قبل أن يُختم حياته في هذا الهجوم الذي اعتبره كثيرون محاولة إسرائيلية لإسكات صوت الحقيقة في غزة.
وتتواصل الحرب في القطاع وسط تحذيرات أممية من كارثة إنسانية متفاقمة، في وقت تشهد فيه غزة تقييدات صارمة على دخول الصحفيين الأجانب. وهو ما يجعل الاعتماد الأكبر على المراسلين الفلسطينيين في نقل الأحداث.
وقد بلغ عدد الصحفيين الذين قضوا في هذا النزاع أكثر من 200 صحفي، حسب إحصائيات منظمات حقوقية.
ويأتي هذا التطور وسط إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن خطة لاحتلال كامل مدينة غزة. فيما طالب بإتاحة المزيد من فرص دخول الصحفيين الأجانب مع القوات الإسرائيلية. وذلك في محاولة لاحتواء التغطية الإعلامية المتصاعدة في ظل هذه الأزمة.
Discussion about this post