كتب الصحفي المغربي عصام واعيس تحليلا رصينا الوضع الراهن، وذلك بعد مرور 4 أيام على بداية احتجاجات الشبان والشباب المغاربة تنديدا بتدهور قطاع الصحة والتعليم، وفشل منظومة الحماية الاجتماعية، وتنديدا بالإقصاء والتهميش السياسي الذي يعاني منه أبناء الوطن من الجيل الصاعد.
في هذا السياق تسائل الصحفي عصام واعيس؛ وفي لماذا يتأخر الجواب السياسي؟ ما هذه المشاهد التي تذكر بسنوات عصيبة ماضية؟ ليس مقبولا أبدا العنف تجاه المحتجين ولا العنف تجاه قوات الأمن، ولا أن يترسخ جدار من الحقد بينهما!!
وأردف مُعقبا؛ “ليس مقبولا أبدا رشق القوات العمومية بالحجارة ولا الأمن ولا الإضرار بالممتلكات، وليس مقبولا أبدا تعنيف المحتجين والتوسع في استخدام القوة ضدهم بالاختباء وراء فكرة “احتكار القوة المشروعة”.
ووصف الحالة يأننا أمام وقائع “لقيطة” و”مؤسفة” لكنها تصاحب دائما الحركات الاحتجاجية غير المؤطرة والتي تفتقد للقيادة، وتثير الخلط والريبة، وصفحة “الجيل زد” تبرأت منها لأنها تعي هذا التحدي، وأفترض أن ساسة البلد يعون ذلك أيضا.
هناك القانون وهناك روح القانون، والقوة المشروعة والقانون مستمدان من سيادة الأمة.
ما الذي سيحصل إذا ذهب كل هؤلاء الوزراء الفشلة إلى مزبلة التاريخ؟! ترويكا حكومية لم تقدم أي خدمة سياسية للحكم، لا بارشوك ولا وساطة ولا مجازفة صغيرة بقول “لا” صغيرة للنظام.
الحل واضح: حل الملك للبرلمان أو تقدّم رئيس الحكومة باستقالته للملك مما يترتب عنه إعفاء الحكومة بكاملها.
ثم نزول الشبيبات الحزبية والشخصيات المستقلة من كل الأطياف وقادة الأحزاب للشوارع للحديث مع المحتجين لا للاحتجاج معهم! لحثهم على تشكيل قيادة تمثلهم، لا لضمّهم تحت سقفهم، لفسح مقعد لهم في طاولة الحوار، لا للحديث باسمهم..
المطلوب ليس إصلاحات تقنية، المطلوب أن يشعر الشباب أن له صوتا وأنه قادر على إسقاط الحكومة وإحداث التغيير، بدء من حقه في الصحة إلى حقه في التعليم.
أي مستشفيات نريد؟؟ أي تعليم نريد؟؟ هذا سؤال يهم كافة المغاربة ويتحقق حسب سقف الممكن في جو جديد في ظل الاستقرار وحماية المؤسسات.
الاتحاد الاشتراكي في مرحلة ما قال نعم وقال لا وخدم الدولة بذلك، والعدالة والتنمية في مرحلة ما قال نعم وقال لا وخدم الدولة بذلك. شعر جزء من أنصار الحزبين بالخيانة وانقلاب العهود.
لكن بالمقابل، ربح الحكم مع معارضيه دائما أكثر مما ربح مع مواليه..
تلك “اللاءات الصغيرة” التي كانت تصدر على استحياء كانت فعّالة في فك فتيل الأزمات وإبقاء الصراع (أ) “رمزيا” و(ب) بينها وبين لوبيات المصالح المتناقضة..
كان الصراع على السلطة وشكل التغيير مسألة تقودها الأحزاب دفاعا عن القواعد “الجماهيرية” في “لعبة” متفق على نطاقها، والكل رابح.
أما هذه النخب الجديدة فتأتي لتأكل وتغتني وتتصور المشاركة في الحكم فرصة لتحقيق المجد والثروة واقتطاع الجاه والحظوة، أما المآلات والمصائر فلا تهمها، وتجد في سردية “خيانة الشعب بأكمله” البلهاء منوما جميلا لضميرها.. نعم إنها مستعدة لتخوين كل صوت يهدد امتيازاتها!
يجب تفكيك كل هذا لصالح نخبة جديدة تقول “نعم” وتقول “لا”. لا إصلاح بلا كلفة. وتأخر الإصلاح يرفع الكلفة. وهذه نافذة يجب أن تستثمر.
المحتجون بلا تأطير ولا أحزاب ولا نقابات ولا جمعيات ولا قامات فكرية ولا قامات حقوقية ولا صحافة ولا هم يحزنون.. المحتجون متروكون لفيديوهات قصيرة أبدية لا تنتهي ونصف أفكار ونصف جمل ونصف نصوص، ومدارس عمومية تستطيع أن تتوقف ثلاثة أربعة أشهر بلا أي مشكل.. لا رهان هناك..
خرجوا للشارع ليعبروا عن الغضب والضجر والقهر، خرجوا لأن عالم الاستهيامات الذي تغذية السوشال ميديا يصطدم مع واقع الحرمان والفوارق..
خرجوا رغم ذلك بمسألة واحدة الكل يتفق عليها: نحن مع الملك ضد الفساد..
آن الأوان للالتقاط الرسالة!
* عصام واعيس صحفي مغربي صاحب مدونة مَجرة
Discussion about this post