هناك بعض المواطنين الإسبان المتضررين الذين عبروا اليوم عن استياءهم من ادارة كارثية لأزمة الفيضانات في إقليم بلنسية- الإسم الدقيق للمدينة باللغة العربية هو بلنسية، بفتح الباء و اللام، و ليس فالنسيا- و هذا أمر طبيعي و متوقع.
لكن من جهة أخرى، كما تظهر الصور، هناك حضور واضح لأقصى اليمين الذي يهيء منذ فترة لانقلاب في إسبانيا. في طريق خلط الأوراق يعمد هذا التيار النتن إلى التركيز على بعض المفاهيم المبهمة كالقول: إن كل السياسيين فاسدين و على الحكومة الرحيل. لذلك وجب وضع الأحداث في سياقها:
فيضانات إسبانيا.. ارتفاع الحصيلة وناجون يرشقون الملك بالطين
١: الحكومة الإقليمية يرأسها الحزب الشعبي المعارض، و عند تشكيلها حصلت على دعم من أقصى اليمين الذي اشترط عليها حينذاك حل إدارة الطوارئ لأن التغير المناخي بدعة، على حد تعبيره. في شروط التحالف حينذاك اشترط أيضا تعيين مصارع للثيران في منصب وزارة الثقافية الإقليمية.
٢: في تراتبية القرارات في اسبانيا، تتكلف الوكالة الوطنية لأحوال الطقس بإصدار النشرات الإنذارية، بينما يتعين على الحكومة الإقليمية اتخاذ التدابير الضرورية لتنفيذ التوصيات و حماية المواطنين.
٣- رغم توصل الحكومة الاقليمية في بلنسية، التي يديرها اليمين، بنشرة إنذارية من اللون الأحمر، فضل رئيسها تجاهل الموضوع و أجبر المواطنين على الذهاب إلى أماكن العمل. فالساسة اليمينيون يكون عادة ولاءهم لرجال الأعمال و ليس للمواطنين.
٤- بعد أن حصلت الكارثة و كان بعض المواطنين محاصرين داخل سيارتهم و متسلقين الأشجار و الأسطح، أرسلت الحكومة الإقليمية رسائل تحذيرية نصية إلى المواطنين. لكن كان الأوان قد فات.
٥- رغم هول الكارثة و لحسابات سياسية ضيقة لم تطلب الحكومة الاقليمية من الإدارة المركزية المساعدة التي تفرضها هذه الأزمة. فطلب المساعدة يعني الاعتراف بالفشل.
فيضانات إسبانيا 2024: ارتفاع حصيلة القتلى والمفقودين المغاربة
٦- من جانبها عانقت الحكومة المركزية الحسابات الضيقة و فضلت عدم إعلان خطة الطوارئ، و ذلك بهدف عدم اقتران اسمها بالسلطوية و فرض قراراتها على الحكومات الاقليمية.
٧- في هذه الأثناء كانت آلة الدعاية و الأخبار الزائفة تحرك الغضب في شوارع لم تتوصل بالمساعدات الكافية بعد مرور ٥ أيام على وقوع الفياضانات.
٨- خبث أقصى اليمين لم يكتف بمنصات التواصل الاجتماعي بل أوفد بعض عناصره إلى المنطقة لتهيئة أجواء الغضب و استغلال استياء المواطنين. الشاب في الصورة يرتدي قميص جمعية “لاربويلطا” المنتمية إلى أقصى اليمين.
٩- كل ما سبق لا ينفي مسئولية الحكومة المركزية التي لم تفلح في إدارة هذه الأزمة. فلا هي علقت صلاحيات الحكومة الإقليمية و لا هي نجحت في التفاعل السريع مع الأحداث.
١٠- أخطر من الكوارث الطبيعية المجتمعات التي فوضت حقها في المعلومة لمنصات يديرها مليونيرات يروجون لمصالحهم و لخطاب الكراهية الذي يقتات على الأزمات.
١١- اسمها بلنسية و ليس فالنسيا.