إيكو بريس متابعة –
باتت ظاهرة الانتحار تستفحل في العديد من المناطق المغربية بشكل مقلق للغاية في الأيام الأخيرة، خصوصا أيام عيد الفطر، حيث وضع مجموعة من الأشخاص حدا لحياتهم في مناطق متفرقة من البلاد أو حاولوا الانتحار و باءت محاولتهم بالفشل، يحدث هذا مع استمرار عجز السلطات عن تفسير أسباب الظاهرة، التي أصبحت مقلقة جدا مما جعل الجمعيات المهتمة تدق ناقوس الخطر.
وسجلت مجموعة من حالات الانتحار، من مختلف الفئات العمرية، اهتزت لها الأحياء السكنية بالمدن أو القرى، على وقع حوادث انتحار تجري بوتيرة متسارعة ومقلقة، يروح ضحيتها أناس من فئات عمرية واجتماعية مختلفة، فيما تبقى الأسباب تافهة أحيانا، وفي الغالب مجهولة، كما أنها تصل، في بعض الفترات، إلى ثلاث محاولات انتحار في الأسبوع الواحد.
وبالرغم من المعطيات الكمية التي تتوفر عليها بعض المؤسسات الرسمية حول ظاهرة الانتحار في المغرب، فإن الباحثين أشاروا إلى أن الفهم السوسيولوجي لهذه الظاهرة يبقى محدودا، وأن الأرقام والإحصاءات المتوفرة، على أهميتها، تحتاج إلى تحليل سوسيولوجي يأخذ بعين الاعتبار الأسباب والنتائج الكامنة وراء هذه الأرقام.
و تفيد تقديرات منظمة الصحة العالمية، بأنّ المغرب يُعدّ من الدول التي تسجل نسباً مرتفعةً للانتحار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث ارتفع معدل الانتحار ليصل إلى 7.2 لكل 100 ألف نسمة، ويصل هذا المعدل إلى 9.7 لكل 100 ألف نسمة وسط الذكور، مقابل 4.7 لكل 100 ألف نسمة وسط الإناث، ما بوّأ المغرب المرتبة الثانية بعد مصر في قائمة الدول العربية من حيث معدلات الانتحار. واحتلت السعودية المرتبة الثالثة متبوعةً باليمن والسودان فالعراق والإمارات العربية المتحدة وتونس وسوريا وليبيا.
جهة الشمال تمثل نصف الحالات تقريبا
سجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، من خلال تتبعها سنة 2022، خاصة عبر ما ينشر في الصحف والمواقع الإخبارية الإلكترونية، والتي لا تمثل إلا نسبة ضئيلة جدا من مجموع الحالات، فقد بلغ عددها 140 حالة موزعة على الجهات الإدارية كما يلي: جهة طنجة تطوان الحسيمة 67 حالة بنسبة 48%، بني ملال خنيفرة 14 حالة بنسبة 10%، الدار البيضاء سطات 7 حالات بنسبة 5 %، سوس ماسة 18 حالة بنسبة 13 %، مراكش آسفي 12 حالة بنسبة 9 %، فاس مكناس 9 حالات بنسبة 6%، الشرق 7 حالات بنسبة 5%، الرباط القنيطرة 2 حالات بنسبة 1.4%، كلميم واد نون 2 حالات بنسبة 1.4%، العيون الساقية الحمراء 1 حالة بنسبة 0.7%، الداخلة وادي الذهب 1 حالة 0.7%
وأكدت الجمعية الحقوقية في تقريرها السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2022، على أنه “فيما يرتبط بالوفيات الناتجة عن الانتحار، فإنه رغم عدم توفر معطيات رسمية متاحة وحسب تقارير منظمة الصحة العالمية، فإن عدد الانتحارات بالمغرب يتعدى ألف حالة سنويا بمعدل يفوق ثلاث حالات في اليوم”.
أرقام إقليم شفشاون مخيفة
ويتصدر إقليم شفشاون، المدن التي تعرف أكبر عدد من حالات الانتحار، حيث كشفت أرقام نشرتها جمعية “السيدة الحرة”، أن الإقليم سجل في السنوات السبع الأخيرة (بين 2015 و 2022) 240 حالة، بمعدل حالة انتحار في الأسبوع.
و أبرزت دراسة ثانية أنجزها الباحثين مصطفى العوزي وعبد ربه البخش من جمعية أصدقاء السوسيولوجيين ووكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال، أن إجمالي حالات الانتحار المبلّغ عنها في اقليم شفشاون 270 حالة، لكن هذا الرقم غير رسمي.
أي ما يفوق 25% من مجموع حالات الإنتحار في البلاد كلها، علما أن مجموع ساكنة الإقليم لا تمثل سوى 1,35% من مجموع سكان المغرب حسب إحصاء 2014، الأمر الذي يبين حجم استفحال الظاهرة في هذا الإقليم بشكل مرعب.
وبحسب التقرير الذي أعدته الجمعية فإن السبب وراء هذا المعدل المهول في عدد حالات الانتحار بالإقليم، يعود بالأساس إلى “التهميش والبطالة، كما تعود بعض حالات انتحار الفتيات للعلاقات العاطفية وزنا المحارم والحمل خارج مؤسسة الزواج، والعنف النفسي.”
Discussion about this post