مداخلة والي طنجة تولد دعوة إلى التلاقي من أجل طنجة المستقبل
في كلمة قد تبدو عابرة للبعض، لكنها تحمل في طياتها إشارات بالغة الأهمية، أضاء والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، يونس التازي، على نقطة مركزية خلال مداخلته في المجلس الإداري للوكالة الحضرية مستهل الأسبوع الجاري. وهي النقطة التي جاءت في نهاية كلمته كرسالة مضمرة لعلها تُشكل بداية مرحلة جديدة في تدبير الشأن الحضري بمدينة طنجة.
مداخلة والي طنجة تولد دعوة إلى التلاقي من أجل طنجة المستقبل
في ختام مداخلته، نوه ممثل السلطة التنفيذية بما وصفها بـ”الروح الإيجابية” التي طبعت النقاشات بين المنتخبين وممثلي مختلف الهيئات السياسية والفعاليات الاقتصادية خلال أشغال المجلس.
وهي روحٌ أكد الوالي أنها ضرورية و”يجب تطويرها”. وخصوصا عندما يتعلق الأمر بقضايا حساسة تؤرق المدينة وسكانها، مثل إعادة هيكلة الأحياء العشوائية، أو التأخر في إصدار وثائق التعمير، وغيرها من الملفات العالقة.
مدينة تثقلها أخطاء الماضي
ويبدو أن ما لم يُقل صراحة، لكنه ظل حاضرا في خلفية هذا النقاش، هو أن مدينة طنجة لا تزال تؤدي ثمنا باهظا لسلسلة من الأخطاء التراكمية. وساهم فيها مسؤولون تعاقبوا على مواقع السلطة والتمثيلية على حد سواء.
وتجسدت هذه الأخطاء في قرارات عمرانية ارتُجلت أو أُخذت دون رؤية مستقبلية. فنتج عنها شوارع ضيقة، ومساحات غابوية تمت إبادتها، ومرافق عمومية أُجهضت بفعل التوسع العمراني غير المراقب.. ناهيك عن مشاريع حيوية مثل “الترامواي” التي تصطدم بصعوبات في البرمجة والتنفيذ.
وليست هذه الإشكالات فقط إرث الماضي، بل هي معضلة حاضرة تعيق اليوم كل محاولة لإعادة ترتيب المشهد الحضري وفق معايير حديثة ومستدامة.
ولعل وضوح وشفافية ما جاء في كلام المسؤول الترابي الأول، هو تحديده بالضبط مناطق ما تزال تتوفر على احتياط عقاري مهم، ويمكن أن تشكل نواة دينامية عمرانية لتلبية الطلب على العرض السكني، وذلك في ظل اختناق المجال الترابي بالمقاطعات الأربعة لمدينة طنجة.
ويتعلق الأمر بمدينة الشرافات الكائن موقعها في تراب جماعة ملوسة، في محيط منطقة أوتوموتيف، ثم مدينة ابن بطوطة الكائنة في تراب جماعة اكزناية، والمجاورة للمنطقة الصناعية الحرة، حيث حث الوالي القطاع الخاص في مجال العقاري بتوجيه استثماراته نحوها.
مبادرة تحتاج التثمين
ومما لفت كذلك في كلمة والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، والتي أيضا غفلت عنها عدد من المنابر الإعلامية المتخصصة في الإثارة، هي تعبير يونس التازي بشكل صريح على تقبل السلطات “النقد الموضوعي والبناء”.
وفي هذا السياق، يرى عدد من المتابعين للشأن المحلي أن تفاعل الوالي مع ملاحظات المنتخبين لم يكن بروتوكوليا أو محصورا في المجاملة السياسية.. وإنما عبّر عن إرادة حقيقية لتجاوز منطق الصدام بين السلطتين المنتخبة والتنفيذية. وهو ما يشكل فرصة ثمينة ينبغي التقاطها.
ويرى عدد من المراقبين والمتتبعين أنه قد آن الأوان لإطلاق دينامية تشاركية جديدة، يكون فيها النقاش مفتوحا، ومبنيا على التشخيص الواقعي والتوافق على بدائل ملموسة، تنصف المدينة وساكنتها.
نحو مناظرة حضرية جامعة
ومن هذا المنطلق، تبرز اليوم دعوة متجددة إلى تنظيم مناظرة محلية موسعة حول المجال الحضري والتخطيط الترابي بمدينة طنجة.
وستكون هذه المناظرة بمثابة ورشة تفكير جماعي، تشخص التحديات الراهنة وتستشرف الحلول الممكنة. وذلك بمشاركة جميع الفاعلين من منتخبون، وسلطات، وفاعلين الاقتصاديين، والمجتمع المدني.
وترتكز هذه الدعوة أساسا على كون النهوض بمدينة مثل طنجة، بطابعها التاريخي وموقعها الاستراتيجي، لا يمكن أن يتحقق في ظل صراع أو تباعد مفترض بين الفاعل السياسي والفاعل الحكومي والفاعل الاقتصادي.
ويتطلب رهان المستقبل تقاطع الرؤى، وتنسيق الأدوار، وتوحيد المسارات. وذلك بما يجعل جميع المكونات تسير في نفس السكة، نحو هدف واحد: طنجة التي تستحق الأفضل.
ذات صلة:
أوامر والي طنجة تلزم رجال السلطة بمنع بيع الأضاحي وشراءها ونحرها
والي طنجة للمُنتخبين.. سيروا ديروا تعديلات تشريعية على قوانين التعمير
Discussion about this post