لا تزال فضيحة تحالف الأحرار والبام بطنجة تعكس الصورة الحية لخبث السياسة المؤدي إلى السجن، ولا تشجع أيا كان على الاندماج في العمل السياسي.
هذا التحالف المشوه لم يفرز سوى الفضائح، ليدخل تاريخ السياسة كأول تحالف في العالم يوجه الضربات إلى جسده بنفسه، مضطلعا بدور الأغلبية والمعارضة في الوقت ذاته.
تحالف على الخلاف
الكل يعلم أن تحالف الحمامة والجرار بطنجة جر المدينة إلى فضائح سياسية لا عهد لها بها، قياسا إلى إدانة حسن المزدوجي مستشار العمدة وذراعه الإعلامي بالسجن سنتين ونصف، في أثر صراع مع ما بات يعرف بالذراع الإعلامي للحمامة.
الصراع الذي صار فيه المزدوجي كبش فداء بعدما قرر الأمين الجهوي عبد اللطيف الغلبزوري تجميد عضويته من حزب الأصالة والمعاصرة، في الأيام القليلة الماضية، ليفاقم أزمة الرجل الذي يقضي عقوبته السجنية.
كما زج هذا التحالف باسم العمدة منير الليموري في عدد من الملفات التي تسربت من قبل الذراع الإعلامي للأحرار في طنجة، والتي تتضمن ارتكابه خروقات في التعمير، وتبديده المال العام بالنظر إلى الأخبار التي تشير إلى تسليمه شركة نظافة مبلغا ماليا دون أي خدمة.
ويبدو أن الصراع لن يتوقف عند هذا الحد، حتى وإن انحدر فيه الطرفان المتصارعان في الجبهة الإعلامية إلى القاع بضرب الأعراض، والغوص في الحياة الشخصية، باستعمال معجم منحط لا يليق بأسماء كانت مضرب المثل في الصحافة الجادة على الصعيد الوطني.
وقد كان بالإمكان الترفع عن الدخول في صراع يسيء إلى السياسة والصحافة في آن، ويحجب بصيصا من الضوء المتبقي في عيون المتفائلين بوجود قلة ممانعة وسط السواد الأعظم من عديمي الضمير والمبادئ في عاصمة البوغاز…
لكن العمى أصاب القلوب التي في الصدور، فانهمك المتحالفون في تصفية الحسابات ونشر غسيل الفضائح حتى صارت السيرة السياسية لمدينة طنجة والمغرب سيئة على كل لسان.
إدراج اسم فاطمة المنصوري
امتدت رقعة الصراع لتمس أسماء مرموقة في حزب التراكتور، وفي مقدمتها فاطمة الزهراء المنصوري التي ورد اسم زوجها نبيل بركة في فضيحة الشيك دون رصيد.
ذلك أن الليموري تكفل باستضافة وفد إسباني بفندق المنزه على شرف مهرجان ماطا الذي تحتضنه العرائش بإدارة نبيل بركة، زوج المنصوري.
إذ إن الليموري عهد إلى مستشاره المزدوجي، بتسليم فندق المنزه شيكا نيابة عنه مقابل مصاريف إقامة الوفد الإسباني، تفاديا للشبهات، بما أن مهرجان ماطا لا يقع في المجال الترابي لجماعة طنجة التي يترأسها.
وكان أن سلم المزدوجي فندق المنزه شيكا دون رصيد أول الأمر، بما خلف صراعا بين الطرفين، قبل أن يؤدي المزدوجي للفندق جميع المصاريف.
غير أن ذلك لم يكن كافيا لإنهاء الخلاف بينهما، ليكون ذلك الشرارة التي فجرت العداوة بين المزدوجي من جهة، وفندق المنزه والذراع الإعلامي لحزب الحمامة من جهة أخرى، والذي أفضى إلى سجن المزدوجي.
ولو أن الحزبين المتحالفين المتصارعين أفرغا كل هذا الجهد في خدمة الساكنة لكان خيرا لهما، فهاهي ذي مصالح المدينة معطلة، تحققا بتجميد رخص البناء، وغياب الإنارة العمومية، ورداءة الطرق، وضعف النقل العمومي، وهلم جرا…
ثم ألا يوجد في الحزبين، اللذين يتغنيان بقيادة حكومة الكفاءات، رجل رشيد، يلين القلوب ويحفظ ما تبقى من ماء في وجه السياسة الشاحب بمدينة طنجة خصوصا، والمغرب عموما؟