بينما تعيش المدن المغربية على وقع حراك واسع جلّ قيادييه و مشاركين شباب يرفعون شعارات الكرامة والعدالة والحق في الحياة، نجد في طنجة مشهداً مغايراً، حيث تُمارس السرعة القصوى في تحويل المرافق العمومية إلى مشاريع خاصة.
ففي خطوة غريبة، وافقت سلطات الجماعة على تحويل قطعة أرضية بتجزئة رياض أهلا كانت مخصصة لإنشاء دار للشباب إلى مصحة خاصة، في مشهد يوحي بسرقة موصوفة بقوة القانون لفضاءات كان يُفترض أن تُخدم بها أجيال “زيد وما بعده”.
أيادٍ خفية تعبث بخُطط التصاميم لتلبية أطماع بعض المنعشين العقاريين الذين أكلوا الأخضر واليابس، وما زالت بطونهم لم تشبع بعد.
القضية التي تفجّرت خيوطها مؤخراً تتعلق بأرض مصنّفة في تصميم التهيئة لإنشاء دار للشباب داخل تجزئة رياض أهلا، وهي منطقة تفتقر لأبسط شروط العمل الجمعوي أو الرياضي.
التحويل تمّ في صمت، على غرار ما حدث سابقاً حين تمّ السطو على مرافق رياضية وتعليمية عمومية وتحويلها إلى مشاريع خاصة تحت غطاء “التنمية المحلية” و”تشجيع الاستثمار”.
تجزئة رياض أهلا، التي تضمّ أكثر من ألف منزل، تعيش فراغاً مهولاً في ما يخص المرافق العمومية: فلا مدرسة عمومية، ولا ملاعب قرب، ولا دار للشباب، ولا حتى مناطق خضراء كافية.
ورغم هذا الخصاص، يُصرّ بعض المسؤولين على إعدام ما تبقّى من الفضاءات العمومية، إرضاءً للوبيات العقار التي تتحكم في مفاصل القرار الترابي.
فمن يعبث بإعدادات تصاميم التهيئة بالمدينة؟ ومن يمنح الضوء الأخضر لنسف المصلحة العامة؟
وهل عجزت الوكالة الحضرية وقسم التعمير بولاية طنجة عن زجر هذه التلاعبات التي تضرب عرض الحائط جميع الخطابات الملكية الداعية إلى العدالة المجالية ومحاربة الفساد العمراني؟
إن ما يحدث في رياض أهلا ليس مجرد خلل إداري، بل هو نموذج مصغّر لكيفية اختطاف المدينة من أهلها باسم التنمية، بينما يُقصى الشباب من كل فضاء يمكن أن يحتضن أحلامهم
Discussion about this post