في مجال العقار حرب المنافسة تشتد لأبعد الحدود، ولكي تظفر بموقع محترم ضمن رواد المنعشين العقاريين في طنجة، يلزمك أن تكون عبقريا نبها، حتى تتخطى شرك المنافسة الغير المشروعة.
ففي عالم العقار في طنجة، ثمة من لا تهمه الأرباح بقدر ما يهمه تحويل الأموال إلى إسمنت، وبأي تكلفة كانت، كما لا تهم المساحة ولا عدد الطوابق، ولا حساب المصاريف و لا هامش الربح… كل ما يهم هو تصريف النقد في الخرسانة والحديد، وهي قنطرة آمنة أصبحت سالكة لبعض من يسعون لتبييض الأموال المجهولة المصدر.
لكن عيسى بن يعقوب و رجال أعمال آخرون ي مجال العقار سنأتي على ذكرهم في حلقات مقبلة، ليسوا من الفئة الثانية، وإنما ممن شمروا على سواعدهم واغتنموا الفرص حيثما كانت لنمو مشاريعهم العقارية، والتي بدأت باستثمارات متواضعة..
بدأ مساره الناجح تقول مصادر مهنية، مطلع الألفين حيث كان والده شريكا لعائلة سعودية مستقرة في طنجة، تستثمر في العقار، و 2004، ثم بعدها فكت عائلة عيسى بن يعقوب الارتباط المهني وتفرغت لمشاريعها الخاصة، حيث شيدت أول عمارة في منطقة عين قطيوط، وقد كانت فاتحة خير لابن بار، وجد فيه والده خير خلف في مجال الأعمال، و منذاك الوقت واصل مشواره في مجال العقار إلى أن صار اليوم واحدا من الفاعلين الرئيسيين في مدينة طنجة.
وقد بدأنا بالمنعش عيسى بنيعقوب لكونه صانع الحدث مؤخرا على المستوى المحلي، وذلك بعد أن قدم هبة لفائدة جماعة طنجة، ويتعلق الأمر بقطعة أرضية مساحتها تقارب 2.500 m2 تقريبا، وذلك من أجل ضمها إلى مقبرة الكلاب في منطقة كوريندا.
لم تكن قطعة صغيرة من مساحة لا تتجاوز 2.500 m2 مترا، والتي أهداها المنعش العقاري عيسى بن يعقوب لجماعة طنجة، حسب ما جاء في بلاغ رسمي، سوى الشجرة التي تخفي غابة الامتيازات وصراع المصالح في مدينة طنجة.
وقد لعب عيسى بن يعقوب ذكيا في هذه النازلة خرج منها مُظفرا منتصرا، بل وضرب عصفورين بحجر واحد، فمن جهة نجح في الحفاظ على صورته أمام الرأي العام في عاصمة البوغاز، وفي نفس الوقت شرعن حقه في اكتساب قطعة أرضية في موقع مثير للجدل، ولو أن جوار تلك القطعة الأرضية تحزئة ذات تنطيق الفيلات مرخصة منذ سنة 1993.
فهذه البقعة الأرضية التي تقع جوار نادي الغولف الملكي، وخلف نادي الفروسية، كانت مقترحة في مشروع تصميم التهيئة منطقة مُحرمة البناء، لكن وكما يقال ” لا يفوز إلا زعيم أو كريم”.
بل إن تقرير الوكالة الحضرية لسنة 2016 جاء فيه أنه من أجل حماية المناطق والمواقع الأثرية، فقد تم اقتراح تصنيف موقع الغولف ضمن التراث، وسيتم إصدار الرأي بشأنه مستقبلا.
وحينئذ كان الحديث عن ضم حتى مقبرة الكلاب إلى المواقع الأثرية.
إلا أن جزءا من تلك المساحة الفاصلة بين موقع نادي الغولف ومقبرة الكلاب، كان من بين الأراضي الغير المصنفة في فترة مدير الوكالة الحضرية الأسبق، محمد بن لبشير. وحين تكون الأراضي غير مصنفة فإنها تكون غير محفظة، وغير مدرجة في منطقة أثرية أو بيئية أو منطقة طبيعية أو غير محفظة في اسم الأوقاف أو الأملاك المخزنية. وبالتالي فإن عملية تملكها من الخواص تصبح أمرا يسيرا.
وكذلك كان، فقد دخل عيسى بن يعقوب على تلك القطعة الأرضية التي كانت تستغلها أسرة من حومة الجزائري في مجال رعي الأغنام لمدة طويلة، ولربما تمتلك وثائق عدلية عليها تعود للأجداد، مما جعل صياد الأراضي المثيرة للجدل، يفوز بصفقة رابحة.
ولأن عيسى بن يعقوب رجل أعمال مغامر يقتحم المساحات التي يتردد فيها غيره، فإن هذه الفرصة لم تعجزه، فاتبع مسار التملك لتلك القطعة الأرضية، على الرغم من أنها في مكان مُشجر ومجاور للواد، وها هي اليوم تحوز على تراخيص تشييد مجمع من الفيلات الصغيرة تتوسط فندق أندلسيا، و نادي لاغوز بلو.
لذلك تعد هذه القطعة الأرضية ثالث وعاء عقاري لنفس الشركة العقارية يحاذي مجرى مائي كبير، لذلك لقبه بعض المراقبين بـ “صياد الأراضي قرب الوديان”، إذ أنها تباع رخيصة لكنها محفوفة بمصاعب مسطرة الترخيص.
فالأراضي المحاذية للوديان تخضع في منطوق قانون التعمير، للمناطق المثقلة بارتفاقات خاصة بحماية الموارد المائية، والأماكن الطبيعية التي يجب حمايتها او إبراز قيمتها.
وهذه القطعة هي الثالثة المجاورة لنفس المجرى المائي، بعد قطعة وادي المجاهدين التي شيد فوقها مجمع دينا السكني، وقام بتغطية شطر من الوادي خلف العمارة السكنية، بتكلفة فاقت مليون درهم، وقد كان المشروع أثار ضجة في وسائل إعلامبة محلية أنذاك.
ثم مشروع آخر في طور البناء في منطقة “الخربة” قرب مرجان، أيضا يجاور مجرى وادي، وقامت الشركة العقارية بتغطية جزء منه، وهذه من المزايا والقيم المواطنة التي يتمتع بها المنعش العقاري عيسى بنيعقوب.
يمتلك عيسى ذكاءا خارقا لتفصيل البقع وإبعادها عن دائرة منطقة الحظر وهو تصنيف “منطقة محرمة البناء” حسب تصنيفات الوكالة الحضرية التي تتغير قراراتها حسب الأشخاص.. لكن عيسى بن يعقوب دائما ما يترك المسافة الآمنة ويستصدر التراخيص القانونية من وكالة حوض اللكوس.. وهي الإدارة الوصية على المجاري المائية..
يقول الخبراء الذين تحدثت إليهم جريدة إيكوبريس الإلكترونية، إن الثغرات القانونية وغياب تصميم التهيئة تشكل أرضية صلبة وطريقا سالكا لتغيير الوضعية القانونية للأراضي وتحويلها مثلا من أرض في منطقة “محرمة البناء” أو في “منطقة طبيعية” مثيرة للجدل، إلى بقعة مفتوحة على مصراعيها أمام التعمير.
كل ذلك يأتي بجرة قلم في إدارة الوكالة الحضرية وقسم التعمير في ولاية طنجة، أما المسوغات لقرار كهذا فأمر ليس بالصعب.. إذ يكفي اعتبار المشروع ضمن ملفات الاستثمار حتى يحضى بدعم وتحفيز… والهدف تعزيز العرض السكني، كما لو أن طنجة تعاني الخصاص في الشقق الشاغرة ولا ينقص الاستثمارات غير الإسمنت فوقه فوق بعض.
Discussion about this post