في ظل تصاعد أزمة المرور في مدينة طنجة، أكد الصحفي أيمن الزبير أن المشكلة تتجاوز مجرد ارتفاع عدد المركبات المسجلة، مشيرًا إلى أن غياب البنية التحتية للنقل العام يلعب دورل محوريا في تفاقم الوضع.
الاختناق المروري في طنجة
ولفت الزبير، في تدوينة على صفحته بمنصة “فيسبوك”، إلى أنه “إذا كنت من سكان طنجة، فربما لاحظت في الآونة الأخيرة تصاعد الحديث عن أزمة المرور التي تعصف بالمدينة”.
وأوضح أنه “غالبا ما يُربط هذا الاختناق المروري بارتفاع عدد المركبات المسجلة في المدينة. وهو تفسير قد يبدو مقنعا في البداية لكنه لا يُغطي الصورة كاملة. المشكلة أكبر بكثير من مجرد زيادة عدد السيارات”.
السيارات تخنق طنجة..
وأشار الصحفي إلى أنه في عام 2023، كشف تقرير المندوبية السامية للتخطيط عن أرقام هامة. وكشف أنه “حتى نهاية دجنبر 2022، بلغ أسطول المركبات في المغرب 4 ملايين و274 ألفا و337 مركبة. ومنها مليونان و808 آلاف و830 سيارة شخصية ومليون و183 ألفا و421 مركبة مخصصة للخدمات”.
وتابع الزبير: “إذا افترضنا، بناء على معطيات تقريبية، أن 8 في المائة من هذه المركبات تواجد في طنجة (وهي فرضية يمكن التشكيك في دقتها)، فهذا يعني أن 341,947 مركبة تتجول في شوارع المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليونا و275 ألفا و428 نسمة”.
مقارنة تكشف الحقيقة
وفي مقاربة لوضع هذه الأرقام في سياقها المناسب؛ قارنها الزبير مع مدينة أخرى ذات خصائص مماثلة. وقال: “بلنسية الإسبانية. على الرغم من أن عدد سكان بلنسية لا يتجاوز 788 ألفا و842 نسمة، فقد تم تسجيل 338 ألف مركبة في المدينة. ما يعني أن حوالي 43% من سكانها يمتلكون سيارات”.
وتابع: “وعلى الرغم من هذه النسبة المرتفعة، لا تواجه بلنسية الاختناق المروري ذاته الذي نراه في طنجة. فما السر وراء ذلك؟”.
فجوة في النقل العام.. مفارقة حقيقية
واعتبر أيمن الزبير أن “أحد الأجوبة الأكثر منطقية هو الفجوة الكبيرة في البنية التحتية بين المدينتين”.
وسطر على أن “بلنسية، ثالث أكبر مدينة في إسبانيا، تمتلك شبكة مواصلات عامة متطورة تتضمن الميترو والحافلات التي تغطي معظم أنحاء المدينة”.
وفي المقابل، لفت الصحفي إلى أن “طنجة تفتقر إلى شبكة مماثلة، إذ لا وجود للميترو أو الترام. وعدد الحافلات لا يتجاوز 150 حافلة، وهي لا تلبي احتياجات السكان بشكل كامل”.
وشدد الزبير على أن “هذه الفجوة في النقل العام تجعل من المستحيل على المواطنين في طنجة الاعتماد على وسائل النقل العامة في تنقلاتهم اليومية. ويفرض عليهم ذلك استخدام سياراتهم الخاصة، سواء في الرحلات الطويلة أو حتى القصيرة”.
الثقافة الاجتماعية.. عامل آخر
لكن الأرقام لا تنتهي هنا، يضيف الزبير، ونبه إلى أن “طنجة أيضا تشهد عددا كبيرا من سيارات الأجرة. والتي تقدر بحوالي 1500 إلى 2000 سيارة. في حين أن بلنسية تمتلك حوالي 3 آلاف سيارة أجرة. ورغم ذلك، لا يبدو أن تأثيرها على حركة المرور في بلنسية يشكل نفس الضغوط كما في طنجة”.
وأردف أن “ثقافة استخدام السيارة. في طنجة، تجد أن كثيرا من المواطنين يصرون على استخدام سياراتهم الخاصة حتى في التنقل لمسافات قصيرة جدا”.
وقال: “عندما نقارن مع مدن أخرى مثل بلنسية، حيث يميل السكان إلى استخدام وسائل النقل العامة أو المشي في المسافات القصيرة، نكتشف أن الفرق ليس فقط في البنية التحتية، بل في العقلية الاجتماعية التي ترى في امتلاك السيارة وسيلة أساسية للتنقل، حتى لو كانت الخيارات الأخرى متاحة”.
غياب البنية التحتية
ومن جهة أخرى؛ توقف الصحفي عند عدم إمكانية “تجاهل العامل الحيوي الآخر: غياب البنية التحتية للنقل العام”. وأبرز أن “طنجة ما تزال بعيدة عن توفير مثل هذا النظام المتكامل. فلا ميترو، ولا ترام، ولا حتى قطارات كهربائية لتخفيف الضغط على الطرق”.
حلول جذرية لمواجهة أزمة المرور في طنجة
ولإيحاد حلول جذرية للاختناق المروري في طنجة، أكد الزبير أنه “على المدينة أن تسلك طريق التخطيط العمراني الذكي وتعزيز البنية التحتية للنقل العام”.
وأضاف أنه يجب أيضا أن “نتوقف عن التحدث عن التقليل من عدد السيارات فقط. ويجب العمل على توفير شبكة ترام واسعة وخطوط حافلات إضافية.. مع تحسين التنقل داخل الأحياء المختلفة، بحيث تصبح وسائل النقل العامة خيارا أوليا للمواطنين”.
وشدد الصخفي مذلك على ضرورة “تغيير الثقافة، وهي قضية شائكة”. ويجب على السلطات، بحسبه، أن تقوم بحملات توعية تهدف إلى تغيير العقلية السائدة والتي ترى في استخدام السيارة الخاصة الخيار الأفضل”.
وشدد على أن يكمن في إعادة تنظيم شبكة المواصلات وتحفيز المواطن على الاعتماد على وسائل النقل العامة. ويرى أنه “فقط حينما نجد التوازن بين تحسين وسائل النقل العامة وبين التغيير في ثقافة التنقل، يمكن أن نتوقع تحسنا فعليا في حركة المرور في طنجة”.
ذات صلة:
عمدة طنجة: الإشارات المرورية الذكية لن تحل مشكل الازدحام في المدينة
تقرير: الدار البيضاء تحتل المركز 69 في قائمة المدن الأكثر ازدحامًا عالميًا
Discussion about this post