يسود تذمر شديد وسط رجال الأعمال في مدينة طنجة، والذين لديهم تصور جاهز لإنجاز مشاريع استثمارية في المجال السياحي، من هدر الزمن الاستثماري لمشاريعهم الخاصة لأسباب تقنية وإدارية تعاكس توجهات الدولة والسلطات العليا في إنجاح ورش الجهوية المتقدمة.
وبينما كانت عاصمة البوغاز للمفارقة، هي المدينة التي تحتضن فعاليات المناظرة الوطنية حول الجهوية المتقدمة، فإن طنجة هي أكثر المدن الكبرى على الصعيد الوطني تضررا من الارتهان للمركز فيما يخص قرارات مصيرية يفترض البث فيها جهويا أو إقليميا.
ولعل أكثر الأمثلة الملموسة لهذا الوضع النشاز هو التعثر في خروج تصاميم التهيئة “طنجة المدينة” والوضعية القانونية لتصميم تجزيئي “امغوغة” مساحته 60 هكتارا يوجد في مدار محطة البراق طنجة، وتصميم تهيئة جماعة اكزناية.
إذ في وقت صنفت لجن الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” عاصمة البوغاز في ذيل جاهزية المدن المغربية على مستوى النقل والمواصلات والإقامة والعرض السياحي، فإن منصة الشباك الوحيد توصلت بملفات ثقيلة من حيث حجم الاستثمارات، غالبيتها مشاريع سياحية وترفيهية جاهزة للتنفيذ وبدء الأشغال من ناحية الموارد المالية، لكنها تنتظر فقط الترخيص والإذن من السلطات.
مستثمرون مغاربة وأجانب في الانتظار !!
المجال الترابي في مدار محطة القطار بطنجة، هو جزء مقتطع من تصميم تهيئة مقاطعة امغوغة الشرف السواني، مساحته 60 هكتارا، ويضم قطعا أرضية ملاكها رجال أعمال مغاربة وأجانب، مما يعني أن الأضرار لا تطال فقط المستثمر الوطني وإنما حتى الأجنبي، وهو ما قد يضر بالصورة الخارجية للبلد، حسب التقييم الدولي.
واستغربت المصادر من التذرع بوجود تصميم التهيئة الجزئي ما يزال في الوزارة بالرباط، وأن عددا من الملفات مودعة في منصة المركز الجهوي للاستثمار، بينما أصحاب تلك المشاريع لا يطلبون الاستفادة من أراضي أملاك الدولة، ولا وعاء عقاريا ممنوحا، وإنما غالبيتهم يتوفرون على رسوم في اسم شركات خاص بهم.
وعلى ضوء ذلك، أكد المصدر على أن السلطات لا يجب أن تتعامل مع ملفات المستثمرين في منطقة 60 هكتار، على أنها مشاريع بناء عمارة سكنية. وإنما يتعلق الأمر بمشاريع سياحية وفندقية، وفي هاته النقطة وقع الالتباس وساد الغموض الذي أدى إلى بطئ الإجراءات، والجواب بالرفض على عدد من الملفات، والامتناع عن تسلم ملفات أخرى بداعي غياب تصميم التهيئة !!
مبررات ليست قوية الحجج !!
المبررات التي يسوقها المسؤولون عن التعمير في ولاية طنجة، وفي الوكالة الحضرية، تتحدث عن “تأخر المعالجة الإدارية على المستوى المركزي بوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة في الرباط”. ليست بحسب مصادر إدارية إلا تنصلا من المسؤولية ومبررات واهية.
وأضافت المصادر المسؤولة وشديدة الاطلاع في حديث مع صحيفة إيكو بريس، بأن هاته الذرائع ليست قوية في حججها، إنما هي إلا مشجب لتعليق “تعثر” ما في منظومة التدبير الإداري على الصعيد الإقليمي، مما حال دون حلحلة إشكالات تخص مستثمرين اختاروا المجال الترابي لمدينة طنجة من أجل توطين مشاريعهم.
وفي المقابل لم يتم استدعاءهم أو استقبالهم من الإدارة والتواصل معهم لتبديد سوء الفهم، وهواجس الانتظار الطويل بغير أفق محدد سقفه الزمني.
ذلك أن المشاريع الاستثمارية، تمر عبر مسطرة ترخيص منفصلة عن مساطر الترخيص للعمارات السكنية والمشاريع العقارية، وذلك عبر اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار، والتي يترأسها والي الجهة، ويتم دراستها أمام أنظار لجنة مختلطة من المصالح الإدارية المتدخلة في إطار الشباك الوحيد.
في سياق متصل، عزت المصادر تأخر دراسة الملف في مديرية التعمير بوزارة الإسكان وسياسة المدينة، إلى كثرة الملفات الواردة عليهم من مختلف مدن وأقاليم المملكة، ولكن من ناحية أخرى، لم تتوصل الوزارة بأية “إشارات” من المسؤولين الإقليميين مفادها أن هناك ضرورة ملحة تتطلب تسريع الإجراءات، من أجل فك ملفات المستثمرين.
وتسائلت المصادر نفسها عن ماهية دور المسؤولين الإقليميين والجهويين إذا لم يساعدوا في تسريع الإجراءات، وتبسيط المساطر أمام الفاعلين الاقتصاديين؟؟ وما جدوى المناظرة الوطنية حول الجهوية المتقدمة إذا كانت القرارات في شأن وثائق التعمير ستبقى ممركزة في العاصمة الرباط؟؟ وما هو دور المصالح الجهوية إذا كانت غير قادرة على تقديم الحلول للفاعلين وتبسيط الإجراءات أمام المستثمرين ؟؟
زمن مهدور و بناء المشاريع يستغرق الوقت
من جانب آخر، قال مقاولون في مجال بناء المشاريع الكبرى، إن تشييد وحدة فندقية من الصنف الفاخر أو منشأة سياحية بمواصفات هندسية مبتكرة، يستغرق ما بين 3 و 4 سنوات، وكلما اقترب موعد التظاهرات الكبرى إلا ويتزايد الضغط على المقاولات المشرفة على إنجاز عروض سياحية تليق بسمعة المدينة وتاريخ المملكة.
Discussion about this post