إيكو بريس – إلياس الميموني عبد الرحيم بلشقار
لا يزال عمال شركة ميكومار للنظافة في طنجة يعانون مظاهر التعسف والمضايقات، من قبل مسؤولين في مصلحة الموارد البشرية يضربان الاتفاقية الجماعية عرض الحائط، مثلما يغلقان في وجوه العمال باب الحوار، على الرغم من خوضهم أشكالا احتجاجية، كان آخرها الدخول في إضراب إنذاري منذ أسبوعين.
وفي الوقت الذي تجعل مصلحة الموارد البشرية في الشركات الرائدة، من بين ركائزها الأساسية في سياستها، تقديم التحفيزات، وجوائز الاستحقاق للعمال ذوي المردودية الأفضل، وتعزيز مجالات الصحة والسلامة، بهدف تأمين السلم الاجتماعي، وتحسين المردودية وتحقيق النجاح، فإن عقلية بعض المسؤولين في مصالح الموارد البشرية بشركة ميكومار، تعاكس هذا التوجه، وكأنما يحلو لهم الاستمتاع بإلحاق الأذى النفسي بالعمال!!
مصادر نقابية، اشتكت بالأساس من تصرفات مسؤولين في مصلحة الموارد البشرية هما: رشيد الجامعي، وإلهام، منبهة إلى أن شركة ميكومار تمتلك أجهزة عليا تصدر القرارات، وإلى أنها مؤسسة تضم مستثمرين أجانب، وليست ضيعة خاصة يشتغل بها العبيد !!
الاتفاقية الجماعية مع وقف التنفيذ
مصادر جد مطلعة، سجلت تقاعس شركة ميكومار للنظافة، عن الشروع في بدء الاستثمارات المنصوص عليها في دفتر التحملات، إلى غاية اللحظة، على الرغم من مرور 3 سنوات على توقيعها عقد التدبير المفوض مع جماعة طنجة.
وإذا كانت الاتفاقية الجماعية تكفل لعمال شركة ميكومار مجموعة من الحقوق، فإن مصلحة الموارد البشرية في الشركة تهضم حقوقهم، وتستند إلى الشطط في ممارسة السلطة، وفق تصريحات أدلى بها العمال لصحيفة إيكوبريس.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، تقتضي الإجراءات التأديبية حسب الاتفاقية الجماعية، نهج مبدأ التدرج في الإجراءات، إذ يجب على الإدارة الانتقال حسب ما هو محدد في الاتفاقية، عوضا عن المرور إلى العقوبات النافذة، مثل التوقيف عدة أيام مع الخصم من الأجرة، بشكل تلفه الكثير من نوازع الانتقام والتعسف، تقول مصادر صحيفة إيكوبريس الإلكترونية.
وخلافا لذلك، تعمد مصلحة الموارد البشرية داخل الشركة في الآونة الأخيرة إلى تنفيذ عقوبات انتقامية في حق العمال، جراء انتمائهم النقابي، ومشاركتهم في الأشكال النضالية التي تطالب بحقوقهم المشروعة، ومن ذلك: التوقيفات المؤقتة عن العمل، وتغيير أماكن عملهم بعيدا عن مقر سكناهم.
ضغط رهيب فوق الطاقة البشرية
يقاسي عمال الشركة الأمرين في ظل إثقال كاهلهم بتنظيف أحياء كثيرة فوق قدرتهم وطاقتهم، وتضررهم الشديد من الأعطاب المتكررة لجهاز gps، والتي تعرقل أداء واجبهم المهني.
وحتى تتضح الصورة أكثر، لا بأس أن نضرب المثل بمنطقة طنجة الغربية، التي تضم مقاطعتي السواني وطنجة المدينة، ذلك أن هذه المنطقة تشهد توسعا عمرانيا وديموغرافيا، مما يعني تسجيلَ تـزايدٍ في إنتاج النفايات كل سنة، وحدوثَ توسعٍ في جغرافيا المجال الترابي بات من الواجب على عمال النظافة تغطيته غَصْبًا.
غير أن القائمين على تسيير شركة ميكومار وتدبيرها في طنجة، والتي يتولى ميشيل رياض صهيون منصب إدارتها العامة، منذ سنة 2020، لم يحققوا تقدما ملموسا على مستوى مسايرة التزايد السكاني، تحققا بانتهاج الشركة سياسة التقشف الشديد في التوظيف، حتى وإن كان دفتر التحملات يشير إلى تصاعد منحنى إنتاج النفايات سنة بعد أخرى، وذلك بنحو 7 آلاف طن في مقاطعة طنجة المدينة، ونحو 1500 طن كل عام في مقاطعة السواني.
في غضون ذلك، تستعين شركة ميكومار بنحو 200 عامل يشتغلون بعقود عمل مؤقتة، إذ لم يتم إدماجهم بشكل رسمي، وقد حاولت أطراف في مصلحة الموارد البشرية، إبرام “اتفاق سري” مع منظمة نقابية لتشكيل جبهة مضادة للنقابة الأكثر تمثيلية، مُحَاوِلَةً إغراء المنتسبين إليها بالإدماج الوظيفي.
غير أن هذه الخطة لاقت الفشل الذريع، وفق ما أفادت مصادر صحيفة إيكوبريس، والتي سربت بعضا من تفاصيل الخطة الموسومة بأساليب تعود إلى الزمن الغابر، بيد أنها تحفظت عن نشرها للعموم في وسائل الإعلام.
13 مليار سنتيم مقابل خدمات رديئة
يطالب متتبعون للشأن المحلي، في حديث إلى صحيفة إيكوبريس الإلكترونية، السلطة المفوضة بتفعيل مسطرة الغرامات في حق شركة ميكومار، قياسا إلى تحول مكبات النفايات إلى نقط سوداء، خصوصا في الأحياء الشعبية، إذ توشك أن تنعدم خدمة غسل الحاويات وأماكن رمي النفايات، بقدر ما تنخفض وتيرة الكنس الآلي في الشوارع الرئيسية، وذلك بسبب ضعف الاستثمارات في العتاد، إلى جانب النقص في اليد العاملة التي لا يخفى على أحد أنها ركيزة أي نجاح.
ويرصد متتبعو الشأن المحلي، وجمعيات المجتمع المدني، تقصيرا مفترضا في احترام بنود المادة 5 من دفتر التحملات، وما يليها من بنود فرعية 5-1 إلى غاية 5-12، مشيرين إلى ضعف تغطية الغابات الحضرية، والتقصير في غسل الطرقات والأرصفة والساحات، والأسواق، والرش بالمياه، بما يؤدي إلى تراكم المخلفات في أماكن عمومية تعرف تجمعات سكانية كبيرة.
ولا تزال مستودعات الشركة غير مجهزة، ويكفي أنها تفتقر إلى حمامات، ولا تتوفر على غرف تغيير الملابس أيضا، حتى أن العمال يغيرون ملابسهم كما اتفق دون مراعاة خصوصيتهم، ثم إنهم يحفظون لوازم العمل في كونطونيرات حديدية، وهو ما يكرس ثقافة الحط من قيمة اليد العاملة في مجال النظافة، ويجعل كرامة هذه الفئة في الحضيض كذلك.
فهل يعقل ألا تلبي هذه الشركة مطالب العمال بتفعيل دور مندوبي الأجراء المعطل، وألا تبادر إلى الإسراع في تشكيل لجنة الصحة والسلامة، التي لم تر النور على الرغم من مرور 3 سنوات كاملة على توقيع عقد التدبير مع جماعة طنجة، والتي من شأنها أن تضمن كرامتهم، قياسا إلى الأوضاع المزرية التي تشهدها مستودعات الملابس، والشاحنات، والآليات في الوقت الراهن ؟؟
أنسيت هاته الشركة المختصة بتدبير مرفق حيوي حساس في مدينة كبرى أن السلطة العليا في البلاد تشدد على ضرورة احترام الالتزامات والمعاهدات والمواثيق الدولية التي وقع عليها المغرب؟ يتساءل المحيطون بهذا الموضوع.
وهنا نورد على سبيل الذكرى عسى الذكرى تنفع الغافلين، أنَّ الملك محمد السادس أكد، في إحدى رسائله السامية؛ أن التزام المملكة المغربية بالنهوض بحقوق الإنسان على المستوى الوطني، تخطى النص الدستوري إلى التنزيل على أرض الواقع، إذ أصبح هذا الالتزام ركيزة السياسات العمومية، ومحددا رئيسيا للاختيارات الاستراتيجية، بما فيها الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية، والبيئية.
وقد أوضح عاهل البلاد قائلا: “إن تشبثنا الراسخ بالدفاع عن هذه الحقوق وتكريسها، لا يعادله إلا حرصنا الوطيد على مواصلة ترسيخ وتجويد دولة الحق والقانون وتقوية المؤسسات، باعتباره خياراً إرادياً وسيادياً، وتعزيز رصيد هذه المكتسبات، في ضوء التفاعل المتواصل والإيجابي مع القضايا الحقوقية المستجدة، سواء على المستوى الوطني، أو ضمن المنظومة الأممية لحقوق الإنسان”
وإذا كانت أعلى سلطة في البلاد، تسعى إلى صون حقوق الأفراد، عبر إعمال مبدأ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فما بال بعض المسؤولين في المؤسسات العامة والشركات الخاصة، يغردون خارج السرب بواسطة ممارسات تحن إلى عهد أكل عليه الدهر وشرب؟
إيكو بريس العودة للصفحة الرئيسية
Discussion about this post