إيكو بريس من طنجة –
يبدو أن فقراء مدينة طنجة من أصحاب الراميد سابقا والذين تم “ترحيلهم” إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، صاروا شبه “مجردين” من التغطية الصحية ومهددون بالحرمان من بعض أصناف الفحوصات بأجهزة الأشعة في عدة تخصصات بمستشفيات الدولة.
ومن بين هذه التخصصات التي يكابد أصحاب “راميد” سابقا بحثا عن فحص منخفض التكلفة، أو على حساب نفقة الدولة، الفحص بالليزر على العين، وهذه الخدمة تبدأ من 1000 درهم إلى 1500 درهم، حسب نوعية الفحص بالأشعة، إما من أجل استكمال مراحل التشخيص، أو من أجل إجراء الفحص القبلي للعملية الجراحية على جلالة.
فمثلا تخصص طب العيون في مستشفى القرطبي يستقبل المرضى وبعد تشخيص حالتهم، يتم توجيههم إلى المراكز الخاصة للفحص بالأشعة لأن هذه الخدمة التي كانت سابقا في مستشفى القرطبي، لم تعد متوفرة في سبيطار الدولة في هذه المدينة المليونية، والتي يشكل فيها الفقراء أزيد من 50 في المائة من مجموع الساكنة.
ورغم افتتاح المستشفى الجامعي محمد السادس، منذ بضعة أسابيع، وحسب ما أخبرنا به أطر صحية تواصلنا معهم، صباح اليوم الثلاثاء 23 ماي الجاري، فإن هذه الخدمة لم تدخل بعد حيز الخدمة في أكبر منشأة طبية بالمملكة !!
في المقابل، يستغل أطباء العيون في القطاع الخاص منذ سنوات طويلة في طنجة، الفرصة لربح مكاسب مضاعفة جراء غياب بعض التدخلات الطبية في المستشفيات العامة، فمثلا عملية “الجلالة” التي يتطلب موعد إجراء العملية عليها في مستشفى القرطبي عدة أشهر، يجريها طبيب معروف، مقابل مبلغ ثابت 6500 درهم في مصحة خاصة.
نفس الطبيب، يُجري في اليوم جسب مصادر موثوقة، ما بين 5 و 8 عمليات جراحية في اليوم، محققا عائدا ماليا لا يقل عن 4 مليون سنتيم في اليوم من المصحة الخاصة، دون احتساب مداخيل عيادته الخاصة التي يزدحم عليها ما لا يقل عن 30 مريضا في اليوم.
في حين يجري نفس العملية الجراحية على العين، أطباء آخرون بسعر يتراوح ما بين 5 و 6 آلاف درهم، حسب الحالة للمادية للمريض، وبعضهم يقدم يد المساعدة بتخفيض أكثر لمن كانت ظروفه معوزة.
ونظرا لأن مستشفى القرطبي باعتباره المستشفى التخصصي لأمراض الرأس، لا يتوفر على الجاهزية لامتصاص الأعداد الهائلة من المواطنين أصحاب “راميد” سابقا، فإن القطاع الخاص في طب العيون يجد الطريق مفتوحا لكسب المزيد من الأرباح في تجارة مزدهرة، في ظل غياب شبه تام حتى لقوافل طبية إنسانية لفائدة الفئات الهشة في الأحباء الهامشبة في طنجة.
فهل طغت حسابات التجارة على حسابات صحة المواطن لهذه الدرجة؟ ففي وقت سابق كان المواطن يقول “حين تكون الندرة يغلى المطلوب”، أما اليوم وبعدما افتتح صاحب الجلالة الملك محمد السادس المستشفى الجامعي محمد السادس أبوابه استبشر المواطنون خيرا أن تنخفض تكاليف العلاجات، وتتحسن مردودية العرض الصحي العمومي، فإذا بها في بعض التخصصات غير موجودة أصلا !!
أما من يقول بأن التغطية الصحية أصبحت تؤمن التعويضات عن المرض، فإن بعض فئات المجتمع ذوي الدخل المحدود، لا يجد حتى ما يحقق به الإشباع الغشائي لأبناءه، فمن أين له بمبلغ التسبيق الذي سيدفعه للقطاع الخاص في انتظار ما سيرجعه له الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، علما أن التعريفة المرجعية للعلاجات هزيلة جدا مقارنة مع الأسعار الحقيقية لتكاليف التشخيص والفحوصات بالأشعة والاستشفاء.
Discussion about this post