عندما استثنت الوكالة الحضرية لطنجة، بداية العام الجاري، مساحة إجمالية تضم نحو 60 هكتارا من الأراضي في مقاطعة امغوغة، رغم المصادقة على تصميم التهيئة المتعلق بالمجال الترابي لمقاطعتي امغوغة – السواني.
ساد في البداية ارتياح وسط الفاعلين الاقتصاديين، بعدما ذهبت التوقعات إلى أن السلطات المختصة تخطط لتحديد تنطيقات فريدة، تميز هاته المنطقة لتكون شبيهة بالقطب المالي في الدار البيضاء.
لكن تلك التوقعات، سرعان ما بدأت تتلاشى مع التماطل “الغير المفهوم” من الجهات المسؤولة المتدخلة في هندسة وثائق التعمير، واتخاذ القرارات بشأنها، و يتعلق الأمر بالوكالة الحضرية صاحبة الاختصاص ثم ولاية جهة طنجة، التي بدأت في عهد الوالي الجديد العمل بمبدأ تفويض الاختصاصات.
لكن ما هي أسباب هذا التباطؤ ؟ ومن هي الأطراف المعرقلة لخروج التصميم لحيز الوجود؟ ولماذا كل هذا الوقت المهدور من زمن الاستثمار ؟؟ وما هي تكلفته على تقييم مدينة يفترض أنها مختارة من بين المدن المستضيفة لتظاهرة كأس العالم 2030 ؟
ذلك أن عاصمة البوغاز المرشحة ضمن المدنالمستضيفة تظاهرة الموديال المزمع تنظيمه بين المغرب إسبانيا والبرتغال، جاءت متذيلة الترتيب في مجال الإقامة والاستضافة، إلى جانب النقل والمواصلات والسير والجولان!!
رؤوس أموال مجمدة وديون تتراكم
استثناء حوالي 60 هكتارًا من تصميم تهيئة مقاطعتي مغوغة-السواني، والذي صادقت عليه وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير وسياسة المدينة مطلع السنة الحالية، بداعي تخصيصه بدراسة قطاعية من أجل وضع تنطيقات خاصة بالمشاريع الكبرى.
تضم هاته المساحة عشرات القطع الأرضية، والتي جمد فيها فاعلون اقتصاديون ورجال أعمال أموالهم بهدف استثمارها في مشاريع سكنية وسياحية، ذات عائد اقتصادي مستدام.
لكن هذا الحلم تحول عند عدد منهم إلى كابوس، بسبب بطئ الإدارة المحلية في الإفراج عن الوثيقة المحينة لتصميم التهيئة الخاصة بنحو 60 هكتار، وتشمل الجزء الخلف لمحطة القطار طنجة، وتمتد على سهل منبسط ما بين منطقة امغوغة وطنجة البالية.
ومع مرور الشهور واقتراب مدة الانتظار من العام، عادت الأسئلة المقلقة تراود بال الفاعلين الاقتصايين والمنعشين العقاريين الذين لديهم قطع أرضية في تلك المنطقة، والسؤال المطروح بإلحاح ما هو سبب التأخير ؟؟؟
أما أجوبة الإدارة الوصية فهو نفس الكلام الذي قيل منذ عام تقريبا، وهو أن الدراسة التي أعدتها الوكالة الحضرية تم إرسالها إلى اللجنة المركزية في وزارة إعداد التراب الوطن والتعمير وسياسة المدينة، قصد التقييم وإبداء الرأي التقني.
ضعف تواصل الإدارة يعمق المخاوف !!
في وقت ينتظر ملاك الأراضي في “المنطقة المعزولة” من تصميم التهية إعلانا قريبا لم يأت بعد، تقفل الوكالة الحضرية ومصالح قسم التعمير بولاية جهة طنجة، باب الحصول على المعلومة في وجه الجميع، إلى درجة أن المديرة تقفل باب مكتبها في وجه أصحاب الأوعية العقارية، رغم ما يتهدد بعضهم من ارتفاع الديون على كاهلهم.
وفي الوقت الذي تشهد مدينة طنجة مرحلة استثنائية على المستوى الوطني في قطاع التعمير، إلا أن غياب سياسة تواصلية أثار مخاوف وتوجسات عدد من الفاعلين الاقتصاديين، نظرًا للتأخير في تنزيل هذا التصميم الذي يخص منطقة استراتيجية تقدّر استثماراتها بملايير الدراهم.
وعلى نفس المنوال، يوصد قسم التعمير في ولاية طنجة، أبوابه أمام المعنيين بالأمر، حتى بدأت الشكوك تؤرق بالهم، بعدما كانوا ينتظرون تحفيزات مشجعة تترجم خطاب الجدية الذي نادى به صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
المسثمر جاهز والإدارة بطيئة والمدينة ضحية
يؤدي غياب وثائق التعمير إلى خلق جو ضبابي أمام المستثمرين وشركائهم في المشاريع المرتقبة، ففي الوقت الذي يتحدث المسؤولون في اجتماعات المجلس الإداري، ولقاءات اللجن الدهوية للاستثمار، عن مجهودات الإدارة في تحسين مناخ الأعمال وتبسيط المساطر أمام المرتفقين.
فإن العكس هو السائد في مجال التعمير بعاصمة البوغاز، ففي الوقت الذي عبر عدد من الفاعلين الاقتصاديين في مجال العقار عن ارتياحهم للمبادئ الجديدة والتوجهات الجديدة نحو القطع مع فوضى المشهد الحضري بالمدينة.
فإن العراقيل والعقبات التي يصطدم بها المعنيون بـ 60 هكتار خلف محطة القطار طنجة، تعيد إنتاج أزمة الثقة، وتكرس شكلا جديدا من أشكال “التعسف الناعم”، عوض الدفع بعجلة الاستثمار المنتج.
ويؤكد المنعشون العقاريون أنهم مستعدون للانخراط في التجربة التعميرية الجديدة، وبما تنطوي عليه من بيئة عمرانية متوازنة ما بين المرافق والمناطق الخضراء والمباني، مع استحضار تصاميم هندسية مبتكرة، وبنايات حديثة تضاهي مدن المال والأعمال.
Discussion about this post