إيكوبريس من طنجة-
هل تطيح غضبة الملك والشعب بشكيب بنموسى بعد تعميقه جراح التعليم، سؤال يتردد في الشارع المغربي بعد مرور أكثر من شهر على انطلاق إضرابات الأساتذة احتجاجا على النظام الأساسي. والنتيجة مكلفة للغاية حتى اللحظة: هدر في الزمن المدرسي، وبطء في إنجاز الدروس، وتأخر في إجراء الفروض، وهذا ما يلوح بسنة دراسية بيضاء لربما تتراءى في عيون الكثيرين سوداء قاتمة.
النظام الأساسي أم نظام المآسي؟
شكلت مصادقة الحكومة المغربية، أواخر شتنبر المنصرم، على النظام الأساسي لموظفي التربية والتعليم النقطة التي أفاضت كأس المشاكل في هذا القطاع الحيوي، فسرعان ما وقف رجال التعليم ونساؤه في وجهه وقفة رجل واحد، وأعلنوا الإضراب احتجاجا على دخوله حيز التنفيذ، ثم إنهم وصفوه بالمجحف، حتى أنهم أطلقوا عليه: “نظام المآسي”.
الأساتذة يرفضون النظام الأساسي جملة وتفصيلا، وحجتهم أن هذا النظام لم يستمع إلى أصواتهم على الإطلاق، وشهد إعدادُه الكثيرَ من السرية والكتمان. وينبهون كذلك إلى أنه يبعد التعليم عن دائرة الوظيفة العمومية، ويضرب التحفيز المهني في الصميم قياسا إلى إغفاله تحسين آليات ترقيتهم، وإقصائه إياهم من التعويضات التي تشجعهم على مزيد من الاجتهاد والابتكار في عملهم، كما أنه يثقل كاهلهم بالعقوبات التي بإمكانها أن تلتهم سنوات من تعبهم وتعود بهم إلى الوراء.
وعلى النقيض ترى الوزارة أن النظام الأساسي جاء بعدد من المكتسبات، وعلى رأسها: إلغاء نظام التعاقد نهائيا، وإحداث الدرجة الجديدة في الترقية بوصفها علاجا لمشكل خارج السلم، وإقرار منحة سنوية لأساتذة الابتدائي قدرها 10 آلاف درهم…
مهندس خراب التعليم!
إن ما يتفق عليه الكثيرون في الشارع المغربي اليوم فشل شكيب بنموسى في تدبير وزارة التربية والتعليم منذ توليه هذا المنصب قبل سنتين من الآن، فقد أجج غضب الأساتذة المتعاقدين السنة الماضية ودفعهم إلى مقاطعة تسليم أوراق الفروض التي شلت القطاع، وههو اليوم يرص صفوف الشغيلة التعليمية جمعاء وعينها على هدف واحد ألا وهو إسقاط النظام الأساسي.
مهندس الدولة الحاصل على شواهد عليا من الجامعتين الفرنسية والأمريكية، والمتمرس في السياسة منذ أكثر من 35 سنة تحققا بتقلده مناصب وزارية عليا، واضطلاعه بمهام داخل مؤسسات عمومية كبرى، لم يفلح في إصلاح قطاع التعليم، بل على النقيض من ذلك أدخله في نفق مظلم يزداد بعدا عن الضوء، بشهادة أهل الاختصاص.
الرجل الذي كان يمني الأساتذة النفس بنجاحه في لملمة جراح التعليم، متفائلين بتجربته الناجحة في هندسة النموذج التنموي، خيب كل الآمال وأدخل القطاع في أزمة عميقة لم يشهدها منذ عقود من الزمن، ويكفي أن إضراب الأساتذة في طريقه إلى الشهر الثاني دون إيجاد الرجل الأول في وزارة التعليم الحل الكفيل بإرجاع لتلاميذ إلى حجرات الدراسة بانتظام، وإعادة عجلة الموسم الدراسي إلى الدوران بلا مشاكل. فهل يتدراك بنموسى الموقف ويقوم بهندسة حل يرضي الأساتذة، ويعجل بعودتهم إلى المدارس أم أنه سيكون مهندس خراب التعليم؟
غضبة الملك والشعب
خلف احتقان الوضع في القطاع التعليمي مع انطلاق الموسم الدراسي الجاري غضبا عارما في نفوس أولياء التلاميذ، وبلغ بأغلبهم إلى درجة إعلان التضامن اللامشروط مع الأساتذة المضربين، ومطالبتهم وزارة بنموسى بتحقيق مطالبهم، التي يرونها مشروعة، بهدف تسريع عودة أبنائهم إلى حجرات الدراسة. ولقد شهدت مختلف مدن البلاد مسيرات احتجاجية للأساتذة خرج فيها الأولياء والتلاميذ جنبا إلى جنب مع الأساتذة الغاضبين مطالبين بإلغاء النظام الأساسي.
غضبة الشعب على بنموسى جراء فشله في تدبير ملف المتعاقدين والنظام الأساسي قد تلحقها غضبة الملك في الأيام المقبلة لتطيح بابن فاس من رئاسة وزارة التعليم ما لم ينجح في وقف نزيف الزمن المدرسي في المؤسسات التعليمية العمومية.
Discussion about this post