موسم سياحي “بارد” في صيف ساخن بالمغرب
رغم مؤشرات رسمية تحدثت عن ارتفاع عدد الوافدين الأجانب مع انطلاق موسم الصيف، إلا أن الواقع الذي تعكسه شوارع وشواطئ مدن الشمال المغربي، وعلى رأسها طنجة، يبدو أقل حيوية مقارنة بالسنوات الماضية.
هذا ما عبّر عنه الصحفي وابن المدينة أيمن الزبير في تدوينة تحليلية حملت عنوان “السياحة المغربية: موسم بارد في صيفٍ ساخن”. ودعا من خلالها إلى قراءة متأنية وواقعية لأداء الموسم السياحي الحالي.
ونبه الزبير، الذي ينطلق من قاعدة كلاسيكية في علم السياحة مفادها أن “السائح الراضي يجلب واحدا، أما السائح المستاء فينفر عشرة”، إلى أن الانطباعات السلبية تنتشر بسرعة مضاعفة في زمن المؤثرين ومنصات التواصل، بما يضاعف من تداعيات التجربة السيئة.
ورغم ما يبدو من حيوية ظرفية في بعض المناطق، إلا أن الملاحَظ هو الغياب اللافت للوحات السيارات القادمة من أوروبا، وتراجع الوجود الظاهر للجالية المغربية المقيمة بالخارج، التي كانت لسنوات تمثل العمود الفقري للموسم السياحي المغربي خلال الصيف.
وبينما يعزو البعض هذا التحول إلى تزامن الموسم مع احتضان المغرب لكأس أمم إفريقيا، وهو ما غيّر جدول عودة عدد كبير من مغاربة العالم، فيما يرى آخرون أن وجهات بديلة مثل تركيا، البرتغال، وحتى إسبانيا باتت تقدم عروضًا أكثر جودة وأقل كلفة.
ومع ذلك، يرفض الزبير تبنّي هذه الأطروحات على عواهنها، محذرا من تجاهل الدوافع الوجدانية التي تدفع المغتربين إلى زيارة وطنهم، وعلى رأسها صلة الرحم، والتي تستغلها شركات الطيران والنقل البحري لفرض أسعار مرتفعة “بلا حسيب أو رقيب”.
اللافت في تدوينة الزبير هو ربطه ما يحدث في المغرب باتجاهات أوسع على مستوى العالم. حيث تشهد وجهات أوروبية تقليدية مثل سالامانكا ومايوركا في إسبانيا تراجعا ملحوظا، وظهور نمط جديد من السياح يوصفون بـ”سياح الصندويتش”، ممن يكتفون بالتجوال من دون إنفاق حقيقي.
وقد نجم عن ذلك تراجع حجوزات الفنادق، وركود غير مسبوق في عدد من المناطق السياحية، وسط سخط متزايد من السكان المحليين الذين لا يجنون من القطاع السياحي سوى الازدحام وارتفاع الأسعار.
وفي ظل هذا المشهد، شدد الزبير على ضرورة تأجيل الأحكام إلى نهاية الموسم، ريثما تتضح الصورة بالكامل. داعيًا في الوقت ذاته إلى وقفة تقييم شجاعة ترصد التحولات في سلوك الزوار، سواء من الجالية أو من الداخل المغربي، كما تُنصت بعقل مفتوح لملاحظاتهم وانتقاداتهم.
واختتم الزبير تدوينته برسالة واضحة: القطاع السياحي في المغرب ليس بخير. إذ يواجه اختلالات هيكلية تتعلق بالأسعار المبالغ فيها، وتراجع جودة الخدمات، وانعدام التكوين لدى العديد من العاملين في القطاع.. فضلا عن افتقار المدن لمرافق ترفيهية حقيقية تستهدف الطبقة المتوسطة والعائلات.
وأشار إلى أن إعداد موسم سياحي ناجح لا يتم في شهري يونيو أو يوليوز.. بل يبدأ من شتنبر العام الذي قبله، ويتطلب رؤية استراتيجية، ونقدا ذاتيا، وتواضعا جماعيا، ومناظرة وطنية حقيقية تضمن مشاركة كافة الفاعلين واستلهام التجارب الرائدة.
كما لم يغفل التطرق إلى ما وصفه بالتمييز السافر والتلميحات الدونية التي يواجهها زوار المدن السياحية من أبناء مناطق مغربية أخرى.. مطالبا برقابة حقيقية على الأسعار، وبتكريس حق الاستجمام للجميع دون تحقير أو إقصاء.
Discussion about this post