مهرجان موازين… تصريف للسلطوية في قالب ترفيهي؟
أثار الصحفي والمدون رشيد البلغيتي جدلا واسعا بمنشور على صفحته بموقع فيسبوك. وقد حمّله رؤيته النقدية لمهرجان موازين، واصفا إياه بأنه ليس مجرد تظاهرة فنية، بل “ممارسة رمزية مشبعة بالدلالات السياسية والثقافية والاجتماعية”. واعتبر أنها تتعدى الطرب والغناء إلى ما هو أعمق من ذلك بكثير.
مهرجان موازين.. ترفيه أم أداة للهيمنة الرمزية؟
ووصف البلغيتي المهرجان، في تدوينته، بأنه “تصريف للسلطوية في قالب ترفيهي”، و”طمس للنقاش الثقافي والسياسي الحقيقي تحت موسيقى صاخبة”.
واعتبر الصحفي أن رموز الوطن يتم “تسليعها” وتوظيفها بشكل مبتذل. وذلك في إشارة إلى رفع الراية الوطنية على أكتاف فنانين أجانب، وإهداء قمصان المنتخب الوطني لمغنيات بعيدات عن السياق الرياضي.
وكتب البلغيتي قائلا: “عندما تهدي قميص المنتخب لفنانة لا علاقة لها بالمجال، فأنت تحاول مغربتها لساعة ونصف.. دون مضمون سياسي أو وطني حقيقي. إنه ابتذال رمزي واضح”.
من مشجع رياضي إلى جمهور منصات الغناء
وبأسلوب تهكمي لاذع، شبّه البلغيتي هذا التوظيف الرمزي بـ”إسقاط استاد الثمامة على منصة حي النهضة”. حيث يتم تحويل شعارات مونديالية حماسية إلى “زينة سطحية” أمام جمهور يبحث عن المتعة. بينما كلمات الأغاني تدور حول علاقات عاطفية واهية، لا تحمل أي مضمون يرتبط بسياق وطني جامع.
كما استعرض المدون شهادات من قلب الجمهور، وصفها بأنها مرآة للواقع الاجتماعي الهش. وذلك من قبيل:
“أنا هنا حيث ما لقيت ما ندير في حياتي”، “خصهم ينقصو لينا من ثمن القرقوبي”، و”أنا أصلا عزيز عليا الزهو… مزوجة بثلاثة وكا نقلب على الرابع”..
تحليل سوسيو-أنثروبولوجي: العنف الرمزي في أبسط صوره
وبالعودة إلى خلفيته الأكاديمية، استشهد البلغيتي بمفهوم “العنف الرمزي” لعالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو. وذلك ليؤطر رؤيته بأن الترفيه يمكن أن يتحول إلى وسيلة لإعادة إنتاج الهيمنة، من خلال تطبيع تصورات معينة للوطنية والفرح والانتماء.
وحسب قوله، فإن الدولة، من خلال هذا المهرجان، “تحتكر تعريف الوطنية”. وتجعل منها مفهوما مختزلا في الرقص ورفع الراية على أنغام المغنين.. بعيدا عن القيم الأساسية للمواطنة الحقة كالمساءلة والمشاركة والعدالة الاجتماعية.
من التسلية إلى التساؤل
واختتم رشيد البلجيكي منشوره برسالة ذات بعد وجودي وسياسي، معتبرا أن “الكلفة الحقيقية في الصمت”. وأن غياب النقاش النقدي حول ديناميات كـ”موازين” قد يقودنا إلى وطن “يُمارس كحفلة”، بلا مشروع، ولا مضمون.
وفي المقابل، يرى أن الأمل يكمن في مساءلة الواقع، والإنصات لصوت ذلك الشاب الذي قال أمام إحدى المنصات: “أنا هنا حيث ما لقيت ما ندير في حياتي”.
ولا ينطلق منشور البلجيكي من عداء شخصي للمهرجان، بل من رغبة واضحة في فتح نقاش عمومي حول السياسات الثقافية في المغرب، ووضع الترفيه في سياقه السياسي والاجتماعي. متسائلا في العمق عن: من يربح من هذه الاحتفالات؟ وما الذي يخسر عندما يغيب الحوار ويعلو الضجيج؟
ذات صلة:
بعد مائة عام من الغياب عن طنجة.. مهرجان التبوريدة يعود لعاصمة الشمال
اختتام الدورة الثانية من مهرجان “السينما والمدرسة” بطنجة وسط أجواء فنية وتربوية مميزة
Discussion about this post