“مجزرة تصحيحية” تُفجر غضب مترشحي الباكالوريا بطنجة وتدفع للمطالبة بلجنة تقصي الحقائق
أثارت نتائج امتحانات الباكالوريا الأخيرة، في دورتها العادية والاستدراكية، موجة استياء واسعة في صفوف المترشحين. وذلك بعد تواتر شكايات تتحدث عن “مجزرة تصحيحية” طالت مواد معينة، خاصة امتحان مادة اللغة العربية في الامتحان الجهوي.
ففي إحدى المؤسسات التعليمية بطنجة، تفاجأ عشرات تلاميذ الأولى باكالوريا، خاصة مترشحي شعبة العلوم، بتطابق غريب في النقاط التي حصلوا عليها في اللغة العربية، حيث نال أكثر من 50 تلميذا، موزعين على ثلاث أقسام متجاورة، نقطا متقاربة تراوحت بين 9 و10 من 20، رغم التفاوت الواضح في مستواهم الدراسي، الذي ظهر جليا في نتائج المواد الأخرى.
وأفاد إطار تربوي أن هذا التكرار غير الطبيعي في النتائج يرجح أن يكون ناجما عن عملية تصحيح غير دقيقة من طرف مصحح واحد، قام بتقييم أوراق التلاميذ الذين تواجدوا في قاعات متجاورة، دون مراعاة الفوارق الفردية، ما خلق شعورا بالظلم في صفوف التلاميذ وأسرهم.
ومن جهته، عبّر مترشح حر يشتغل إطارا في المحاسبة منذ عشر سنوات بأحد مكاتب طنجة، عن صدمته بعد حصوله على نقطة متدنية جدا في مادة الرياضيات في الامتحان الوطني.. رغم أن طبيعة عمله اليومي تقوم أساسا على الحسابات الدقيقة.
وتقدم المترشح بشكاية رسمية عبر المنصة الرقمية التي خصصتها وزارة التربية الوطنية، مطالبا بإعادة النظر في طريقة التصحيح، ومشككا في نزاهة عملية التقويم.
وتتقاطع هذه المعطيات مع شهادات أخرى لمترشحين عبر ربوع الجهة، تحدّثوا عن نتائج صادمة وغير متوقعة، معتبرين أن ما جرى لا يمكن اعتباره مجرد أخطاء فردية.. بل مؤشرات على خلل ممنهج في منظومة التصحيح.
وفي ظل هذه الشهادات المتواترة، طالب عدد من المتضررين وزارة التربية الوطنية والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة طنجة تطوان الحسيمة بفتح تحقيق جدي عبر تشكيل لجنة تقصي مستقلة، من أجل الوقوف على ما وصفوه بـ”الاستهتار بمجهودات آلاف التلاميذ”، وضمان حماية حقوق المترشحين في تقييم عادل ومنصف.
هذا، ويعزو البعض استفحال مثل هذه الاختلالات إلى غياب آليات الزجر والمحاسبة الفعالة في حال ثبوت تقصير المصححين، حيث تظل أقصى عقوبة تأديبية يمكن أن تُفعّل في حقهم هي المنع المؤقت من تصحيح الامتحانات مستقبلا، دون أن يمسّ ذلك مسارهم المهني بشكل فعلي.
وتطرح هذه الواقعة من جديد إشكالية شفافية وعدالة منظومة التقويم في امتحانات الباكالوريا، داعية إلى مراجعة الإجراءات التنظيمية، وضمان آليات رقابة أكثر صرامة، حفاظا على مصداقية الشهادة الوطنية وثقة المترشحين في منظومة التعليم.
Discussion about this post