على خطى طنجة.. العرائش تحتج ضد مشروع تهيئة “الشرفة الأطلسية” وسط مخاوف من طمس الذاكرة الجماعية
بعد تجربة طنجة التي دفعت السلطات إلى إعادة النظر في أشغال تهيئة ساحة “سور المعكازين” إثر موجة احتجاجات شعبية.. تشهد مدينة العرائش بدورها تعبئة مدنية واسعة رفضا لمشروع تهيئة “الشرفة الأطلسية”، وسط قلق متزايد من طمس معالمها التاريخية وهويتها الثقافية.
فقد أعلنت فعاليات من المجتمع المدني بالعرائش عن تنظيم وقفة احتجاجية للتعبير عن استياء الساكنة من مآلات المشروع الذي أُطلق أملا في إعادة الاعتبار للواجهة البحرية للمدينة، وتحويلها إلى فضاء حضري يليق بمكانتها وتاريخها.
غير أن وتيرة الأشغال الجارية أثارت حفيظة السكان قبل اكتمال المشروع،بسبب ما اعتبروه “طمسا لمعالم رمزية وذاكرة جماعية لا تُعوض”.
ويعود مشروع تهيئة الشرفة الأطلسية والمنحدر الصخري لمدينة العرائش إلى دورة المجلس الجماعي لشهر فبراير 2023، حيث تمت المصادقة عليه لتبدأ الأشغال لاحقاً خلال الشهور الماضية.
ولكن مع تقدم الأشغال، بدأت ملاحظات وانتقادات تتوالى من هيئات مدنية وحقوقية، عبّرت عن استنكارها لما وصفته بـ”الإقصاء التام للبعد الثقافي والبيئي والرمزي للمكان”.
وبحسب بيان صادر عن عدد من جمعيات المجتمع المدني، فإن المشروع الحالي أفضى إلى “طمس معالم جمالية وتراثية أصيلة”، في مقدمتها “العريشة” التاريخية التي تستمد منها المدينة اسمها، فضلا عن الحدائق والمناطق الخضراء، والأعمدة والسقائف التقليدية التي ميزت الفضاء لعقود طويلة.
كما نُبّه إلى إغفال مكونات ذات قيمة بيئية وتراثية، على غرار “عين شقة”، المنحدر الساحلي المعروف، وبطارية المدافع التاريخية “سيدي بوقنادل” التي تعود لفترة السلطان سيدي محمد بن عبد الله، إلى جانب منابع مائية عتيقة كانت حيوية في حياة المدينة.
وتم التعبير عن هذه الاعتراضات عبر مراسلات رسمية، وعرائض شعبية، وتصريحات إعلامية… كلها تطالب بإعادة النظر في المشروع وفتح نقاش عمومي تشاركي يضمن إشراك الساكنة والهيئات المهتمة في بلورة رؤية تحترم خصوصيات المدينة التاريخية والبيئية.
وتأتي هذه التطورات لتعيد إلى الواجهة النقاش الوطني حول كيفية تدبير مشاريع تهيئة الفضاءات العمومية، وأهمية التوفيق بين متطلبات التحديث والحفاظ على الهوية والذاكرة الجماعية، خاصة في مدن لها عمق تاريخي وحضاري كمدينة العرائش.
Discussion about this post