لم يحتج الأمر لأكثر من ساعة واحدة من الأمطار الغزيرة، حتى غرقت شوارع وأحياء بأكملها في طنجة. وذلك في مشهد متكرر أصبح جزءا من “الموروث الشتوي” للمدينة. لكنه هذه المرة يأتي مصحوبًا بمساءلات أكثر إلحاحا حول دور السلطات المحلية ومجلس المدينة في مواجهة هذا الواقع المزري.
وتظهر مقاطع الفيديو والصور التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي، أمس الجمعة، سيارات تطفو كالقوارب في شوارع رئيسية، وأرصفة تحولت إلى سيول جارية. بينما وجد المارة أنفسهم محاصرين بين مياه عجزت البالوعات – أو ما تبقى منها – عن استيعابها.
وتجسد هذه المشاهد انهيارا واضحا للبنية التحتية. وذلك رغم الملايين التي تُضخ سنويا في مشاريع التهيئة والتحديث.
مدينة مشلولة.. فمن يتحمل المسؤولية؟
ولم يكن مفاجئا أن تغرق المدينة، فالواقعة تتكرر كل موسم مطري. لكن ما يثير السخط هو غياب أي حلول ملموسة، وكأن الأمر خارج عن سيطرة الجهات المعنية.
وقد وجد سكان الأحياء الأكثر تضررا، مثل حي بني مكادة و”البرانص” ومسنانة؛ أنفسهم في مواجهة كارثة حقيقية. حيث غمرت المياه الشوارع وشلت حركة المواطنين.
ورغم أن مجلس المدينة يتذرع عادة بـ”غزارة التساقطات” لتبرير هذا الوضع، إلا أن الواقع يكشف أن الإشكال أعمق من مجرد كمية أمطار مفاجئة. فهل يُعقل أن تتعطل مدينة بحجم طنجة بسبب ساعة واحدة من المطر؟
مشاريع تصريف المياه.. هل هي مجرد شعارات؟
لطالما رفعت السلطات المحلية شعارات حول تحسين البنية التحتية، واستثمار الملايين في مشاريع تصريف المياه. لكن، على ما يبدو، ماتزال قنوات الصرف الصحي “حبرا على ورق”، وإلا كيف نفسر أن الشوارع الرئيسية تتحول إلى أنهار بمجرد أن يفتح المطر أبوابه؟
وفي هذا السياق، تساءل نشطاء عن مصير الميزانيات الضخمة التي تخصص سنويا لهذه المشاريع. بينما لا يزال المواطنون يدفعون ثمن سوء التخطيط وغياب الصيانة الدورية. فهل تحولت وعود تحسين البنية التحتية إلى مجرد مسكنات لامتصاص الغضب الشعبي؟
طنجة.. مدينة “الاختناق” في كل الفصول
ولربما يمكن القول إن ما حدث أمس ليس مجرد حادث عرضي. بل هو امتداد لمشاكل بنيوية أعمق تعاني منها طنجة. فهي تشهد الاختناق المروري في الصيف، والانهيار أمام أول زخات مطرية في الشتاء.
وتبقى النتيجة واحدة: مدينة تبدو غير مؤهلة لمواجهة التقلبات الجوية، في ظل صمت رسمي غير مبرر، وغياب أي مساءلة حقيقية للمسؤولين عن هذا الفشل المتكرر.
فإلى متى ستظل طنجة رهينة العشوائية وسوء التدبير؟ ومتى ستتحول وعود الإصلاح إلى إنجازات ملموسة، بدلا من أن تتحول شوارع المدينة إلى بحيرات عائمة عند كل تساقط مطري؟
Discussion about this post