سيارة نيو موتورز “المغربية” .. الصحفي عصام واعيس يكشف الحقيقة الكاملة
السيارة الكهربائية التي سمتها شركة “نيو موتورز” ب”ديالي” (Dial-E) ليست مغربية الصنع.. مائة بالمائة! لكن سعر النماذج التي صممت على مقاسها ليس 5 ملايين سنتيم، على الأقل ليس للسيارة الواحدة..
وهذه السيارات الكهربائية التي تستقدم من الصين وتضاف إليها مكونات محلية، في حدود 25 في المائة حاليا، قد تكون قدم السعد على الشركة، لأنها تمدها بحبل نجاة، وتلبي حاجة في نفس الصين أيضا.
تلقيت معطيات وتدقيقات من الزميل العزيز يوسف لحيرش حول الموضوع، لتشكيل رأي وتحليل أكثر دقة، وما تقرؤونه ينطلق من تلك المعطيات التي تحققتُ من الجزء المتاح للعموم منها ومعطيات أخرى توسعت فيها.
لنبدأ بسيارة “علي بابا” ذات سعر ال5 ملايين سنتيم التي كانت أبرز ملامح الضجة. إذا بحثت عن “سيارة كهربائية صغيرة” في المتجر الرقمي المذكور، ستجد أقرب النماذج للسيارة المغربية “ديالي” هو نموذج “M series” الذي تصنعه شركة صينية اسمها:
Zhejiang Today Sunshine New Energy Vehicle Industry
هنا تكتشف أن هذا السعر هو سعر الجملة. 5 آلاف دولار إذا كنتَ ستشري أزيد من 50 سيارة، و5 آلاف 280 دولار لما بين 20 و49 سيارة، و9 آلاف و100 دولار من سيارة واحدة إلى 19 سيارة.
هناك سيارت كهربائية بأسعار أقل للجملة وهناك بأسعار أكبر، لكننا نتحدث عن النموذج الأقرب لذاك الذي تم عرضه من طرف شركة “نيو موتروز” خلال اليوم الوطني للصناعة في 4 نونبر 2025.
مدير شركة “نيو موتورز” نسيم بلخياط لم ينف هذا “التشابه” وإنما أطرّه بأنه جزء من “إعادة التصنيع” الذي يستلزم أن تضاف إلى المكونات المستوردة “مكونات محلية الصنع”.
هنا نأتي لنقطة كيف ولماذا؟ الشركات الصينية تسمح لك بشراء سياراتها بثلاث صيغ عموما:
إما شراء السيارة كاملة (Completely built up) أي باسمها ورمزها وبيعها بعد ذلك، أو أن تأخذها عذراء بيضاء (White label) أي بدون رمز وعلامة الشركة الأم وتضع عليها شعارك واسمك، أو مفصلة في قطع غيار (Completly Knocked down) ويتم التجميع في الدولة المستوردة.
هل السيارة الجديدة إذن مجرد إعادة تجميع لقطع غيار صينية؟ لا، يقول مدير الشركة نسيم بلخياط، في تصريح للزملاء في “لوديسك”. يقر بالاعتماد على قطع صينية لكن الباقي من إنتاج المغرب.
ما نسبة هذا الإنتاج المغربي؟ 25 في المائة (يعني 75 في المائة من الصين!).
لكن في غضون 6 أشهر يتوقع أن يرتفع التوطين المحلي (أي النسبة المئوية من قيمة السيارة النهائية التي تُصنَع أو تُجمَع فعليا داخل المغرب) إلى 55 في المائة.
سيضيف المصنع خط تجميع بطاريات في المغرب تصنع فيه الكابلات وعلبة البطارية ونظام إدارة البطارية BMS، وهو ما يتوقع أن يرفع نسبة التوطين إلى 55 في المائة.
لكن ليس الهدف، أو أقلها الهدف الأسمى، من رفع المساهمة المغربية في إنتاج السيارة الرد على المشككين وتدارك سوء الفهم حول “مغربية” السيارة بسرعة!
لا، الهدف أن تستجيب السيارات الكهربائية المغربية للشروط المحددة من طرف الاتحاد الأوروبي لتعتبر “السيارة مغربية الصنع” ومن ثم تستفيد من الاتفاقات والامتيازات الجمركية التي تجمع المغرب بالاتحاد الأوربي (والأمر نفسه بالنسبة لأمريكا).
وهي الامتيازات التي لا تحظى بها طبعا الصين، ولأن التوطين المحلي بنسبة 55 في المائة هو شرط دخول سيارة في إطار التبادل الحر مع الاتحاد الأوربي باسم صنع في المغرب.
والصين تستعد لنقل تكنولوجياتها ومصانع لإنتاج البطاريات إلى تراب المغرب في إطار سعيها لكسر الطوق الغربي عليها وتوسيع سلاسل التوريد خارج حدودها.
وبهذا المعنى، ف”الصين هي التي تخبتئ في السيارة الكهربائية المغربية”، بتعبير الزميل لحيرش، علما أن شركة “نيو موتورز” حصلت مؤخرا على شهادة التصديق L7e-CU من الاتحاد الأوروبي التي تسمح لعرباتها بالسير بكل أريحية في طرقات البلدان 27 للاتحاد (زائد دول أخرى).
ماذا يربح المغرب في كل هذا؟ يربح القدرة الفعلية على تصنيع سيارة كهربائية متكاملة في المستقبل، بحيث يربح بقدر ما يصنع، وفي انتظار أن يصنع كل شيء، تربح الصين معه بقدر ما تصنعه لها وله (هاد الجملة فيها رنّة “عجبتُ منك ومني”..).
فللعلم السيارة الكهربائية الصينية نفسها تباع في أوربا بقرابة 16 مليون سنتيم من طرف شركة “Oxygo” التي تسوقها باسم “Goxy”، والاستراتيجية نفسها متبعة من المصنّع الروسي Avtotor عبر نموذج “Eyonyx”.
وكما أن الصين نفسها تصنف من قبل بعض الخبراء في الغرب على أنها “دولة لاحقة بالركب” catch-up nation تبني استراتيجيتها على التقليد في مرحلة أولى قبل المنافسة في مرحلة ثانية والإنتاج الذاتي، قد يلحق المغرب معها الركب.. ركب السيارات الكهربائية، وربما الدراجات الكهربائية أيضا في القريب.
وبما أن هذه هي الصورة الأكبر، وللشركة شهادة اعتماد تسمح لسياراتها التي ينتقدها المغاربة أنها “تسركل” في أوروبا، وبما أن تلك الشهادة تثبت للصين جدوى الاستثمار في المغرب، فالشركة تعاملت مع الضجة هنا في المغرب بلا مبالاة ولم تبدأ في التوضيح والتدقيق إلا بعد لأي.
وهذا خطأ. بما أنك اخترت أن تعرض المنتج في يوم الصناعة “الوطني” وتتوجه للمغاربة، فتوجه لهم بشفافية وتواصل متكامل الأركان، لا مكان فيه لمساحات الظل والعتمة.
تحتاج الشركة أن تفكر في الداخل قبل الخارج، وتنتقي الكلمات الدقيقة، وتفرّق بين صنع في المغرب ومغربي مائة في المائة، علما أنها استفادت من قبل من الأضواء الملكية وضمانات قروض وأحد الشركاء فيها وزير في الحكومة ومع ذلك أخفقت في تسويق النموذج الأول (غير الكهربائي) من سياراتها.
على صناع القرار في البلاد أن يتحلوا باليقظة أيضا في تحضير الخطط الصناعية، لأن الأوروبيين والأمريكيين لا يتفرجوّن على طموحات الصين ودور المغرب فيها.
بقلم الصحفي عصام واعيس
















Discussion about this post