تفاعلا مع مذكرة السيد الوالي السيد يونس التازي وما أثارته من ارتياح إداري وارتباك وقلق شديد وسط المرتفقين
تأتي مذكرة السيد الوالي السيد يونس التازي في إطار تفعيل قانون تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية رقم 55/19 بعد ما تم تسجيل الاكتظاظ والازدحام الكبير الذي تعرفه مجمل الملحقات الإدارية ومصالح التصديق على الإمضاء، بفعل النقص الحاد في الموارد البشرية التي تعيشها جماعة طنجة بمقاطعاتها الأربع.
ويعد إلغاء التصديق على العديد من الوثائق والنسخ طبق الأصل أحد أبرز تجليات هذا القانون الذي سعى إلى تحديث الإدارة وجعلها أكثر مرونة وشفافية في خدمة المواطنين والمقاولات.
ولاشك أن القرار له جوانب إيجابية متعددة، منها تسريع وتيرة المعاملات، وإلغاء المصادقة على مجموعة من العقود والنسخ يختصر وقتا طويلا ويخفف على الأسر محنة وعناء التنقل، ويساهم في التخفيف من الازدحام، وضغط حركية السير والجولان بالمدينة، والانتقال بين مصالح أقسام المصادقة مما ينعكس إيجابا على عموم المرتفقين ومناخ الأعمال.
وعلى الرغم من الإيجابيات المتعددة والمكاسب النظرية إلا أن التطبيق المتسرع لهذه المذكرة دون أن يسبقه اجتماع موسع مع كافة المصالح الخارجية، وعموم الإدارات العمومية المتدخلة، والتمثيليات الترابية والمهنية. ثم إن التنزيل المباشر للمذكرة من شأنه أن يربك العملية بسبب عدة إشكالات عملية وقانونية، لتفاوت القدرات ونوعية استقبال المرتفقين بين المقاطعات الأربع.
وباعتبار طنجة مركز الجهة وحاضنة للاستثمار قد يؤدي إلغاء المصادقة على بعض الوثائق والتقيد بالمجال الترابي للمقاطعات إلى فوضى وارتباك لدي عموم المرتفقين لاختلاف طلبات وحاجيات المصادقة بين مقاطعة وأخرى.
كما أن التقيد الحرفي بمضون المذكرة من طرف موظفي أقسام التصديق، وعلى الأخص مقاطعة طنجة المدينة بالامتناع عن التصديق على وثائق المرتفقين، الخارجة عن نفوذ تراب المقاطعة قد يعتبر في تصادم وتعارض مباشر مع القانون التنظيمي 113/14المنظم لوحدة المدينة بمقاطعاتها الأربع.
وقد تدفع مذكرة المنع إدارة التصديق إلى التشدد غير المبرر وبالتالي تعطيل مصالح المرتفقين، مثلما يهدد غياب التنسيق القبلي بين عموم الإدارات بعمل كل إدارة بمعزل عن الأخرى، ومن ثم تعارض ما ترفضه مصلحة التصديق مع ما تخطط له مصلحة أو إدارة أخرى، ومثال ذلك أن شواهد البكالوريا لا تقبل في التسجيل إلا إذا كانت مصادقا عليها، في حين تمتنع أقسام المصادقة على التصديق تقيدا بالمذكرة. وفي النهاية من يدفع فاتورة الارتباك هي الأسر والطلبة والتنقل بين رافض التصديق وطالب المصادقة.
ومن الناحية الاقتصادية فإن المذكرة تخدم الهيئات المنظمة وتضعف المقاولات الصغرى حيث تنص مذكرة المنع عل عدم المصادقة على عقود الكراء إلا إذا كانت منجزة من طرف النوطير أو المحامي، الأمر الذي يساهم في إغلاق العديد من المقاولات الصغرى التي تقدم خدمة الكتابة العمومية.
وختاما، نرى أن هده المذكرة ليست غاية في حد ذاتها بل هي اختبار لقدرة الإدارة المحلية على التجاوب مع المرتفق، والانتقال من ثقافة الختم إلى ثقافة النتيجة، وأن نجاحها رهين بحسن التعاون، والتشاور، وحسن الإنصات، والتفاعل الإيجابي مع كل الآراء والمقترحات التي تخدم الساكنة وتطور أداء الإدارة.
مقال رأي للكاتب مصطفى بنعبد الغفور عضو غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة طنجة
Discussion about this post