إيكوبريس محمد الراضي –
أحجية الطاقة، مسارعة المغرب لتوفير مصادر بديلة للطاقة للخروج من دوامة الارتفاع المستمر لسعر المحروقات
عرفت أسعار المحروقات هذا الأسبوع زيادات جديدة بمختلف محطات الوقود، وهو ما دفع كثيرا من المواطنين إلى التنديد بهذه الزيادات، داعين الحكومة إلى التدخل لمراقبة القطاع، مع تخوف الكثيرين من أن لا تلقى هذه الدعوات أي مستجيب، نظرا لأن شركة المحروقات التي تمتلك الحصة الأكبر من سوق استيراد وتوزيع المحروقات بالمغرب تابعة لرئيس الحكومة الجديد.
الزيادة في سعر المحروقات بين الفينة والأخرى يعد إشكالا منذ تحرير الأسعار سنة 2015، تحرير كان يرجى منه تخفيض ثمن البنزين والگازوال إسوة بالسعر العالمي لهاذه المواد الذي عرف نزولا حادا في تلك الفترة.
لكن المعادلة في المغرب كانت مختلفة، فرغم نزول السعر العالمي للمحروقات إلا أن الشركات المستوردة لهذه المواد بالمغرب أبقت على نفس السعر ما جعلها تراكم ثروة هائلة استخلصت من جيوب المغاربة بدون وجه حق. ليتضح أن السعر في المغرب لا يخضع لمبدأ العرض والطلب، بل لاتفاق دائم بين الشركات المحتكرة لسوق المحروقات بالمغرب، في تحدٍّ صارخ للمواطنين وللجنة اليقظة ولجمعيات حقوق المستهلكين.
بعد كل هذه التجاوزات والأرباح غير المشروعة، استمرت شركات استيراد وتوزيع المحروقات بالمغرب في تحدي الجميع وأعلنت زيادات جديدة بحر هذا الأسبوع كما ذكرنا سابقا، مبررة ذلك بالارتفاع العالمي لسعر برميل النفط،، ارتفاع نتج عن الانتعاش الاقتصادي الذي عرفه العالم بعد أزمة كورونا، حيث عادت جل المصانع للعمل بكل طاقتها الانتاجية ، كما أن رفع القيود عن التنقل والسفر و إعلان العديد من الدول كالولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا عن فتح حدودها أمام المواطنين الأجانب الملقحين جعل طلب شركات الطيران على الفيول في تزايد مستمر، زد على ذلك التحول من الغاز إلى النفط لتوليد الطاقة الكهربائية نظرا لأزمة الغاز التي يعرفها العالم. كلها عوامل ساهمت في صعود مستمر لأسعار النفط الخام.
المغرب في سباقه نحو الخروج من دوامة الارتفاع المستمر لأسعار الوقود، عمل على إيجاد العديد من الحلول البديلة والكفيلة بإعفائه من تبعات الاستيراد المتواصل للمحروقات، فمنذ منتصف العقد الأول من سنوات 2000، أطلق المغرب برنامجاً ضخماً للتحوُّل الطاقي جعله في ظرف عشر سنوات ينتقل من بلد يعاني عجزاً في الطاقة إلى بلد لديه فائض منها قدر بنسبة 20% سنة 2020. محور ذلك كان الاستثمار في إنشاء محطات توليد الكهرباء من الطاقات المتجددة، والذي رصد له غلاف مالي تعدى 5.3 دولار. محطات، بحسب إحصاءات سنة 2020، أصبحت تلبي 42% من حاجات المغاربة من الكهرباء، ورصد لها أن تصل إلى 52% بحلول 2030 باعتبار ارتفاع الطلب عليها ما بين 6% إلى 7% سنوياً.
زيادة على حلول الطاقات المتجددة، باشر المغرب قبل سنوات عقد شراكات مع مقاولات دولية متخصصة في التنقيب عن الغاز والبترول برا وبحرا، كشركة “Europa Oil and Gaz” البريطانية، شركة “Longreach Oil” الأسترالية وشركة الطاقة الأمريكية “Kosmos”… من أجل استكشاف ما قد تكتنزه المملكة من ثروات باطنية، في أفق أن تساهم تلك الاكتشافات في إحداث ثروة اقتصادية في البلاد . وهو ما تأتى فعلا، حيث تم اكتشاف العديد من الاحتياطيات المؤكدة من الصخور النفطية مع بوادر لإكتشاف المزيد، حيث يحتضن المغرب، حاليا، 47 مشروعا في مناطق متفرقة من البلاد، منها 11 مشروعا خاصا بالمعادن النفيسة، و9 مشاريع موجهة للمعادن الأساسية، و7 مشاريع أخرى للصخور والمعادن الصناعية، و4 للاستكشافات العامة، إضافة إلى 3 مشاريع خاصة بالطاقة الجيوحرارية والهيدروجين.
يبقى السؤال المطروح الآن هل في حالة نجاح خطط المغرب في إيجاد بديل طاقي قادر على إعفاءه من التبعية الطاقية للخارج، مع ما يترتب عن ذلك من إقلاع و انتعاش اقتصادي، سيستفيد المواطن البسيط من هذه النجاحات أم سيدر ذلك أموالا طائلة إضافية على شركات مملوكة لأشخاص معينين فقط.
فآخر أخبار الطاقة تشير إلى أن المغرب قد عقد شراكة مع بريطانيا لتمرير أطول كابل بحري في العالم حتى يتسنى لبريطانيا استيراد الطاقة الكهربائية من المغرب في وقت يشتكي جل المواطنين من ارتفاع فواتير الكهرباء، زيادة على أن جل عقود التنقيب واستغلال النفط والغاز تعطي نسبة كبيرة للشركات المنقبة حيث لا تتجاوز نسبة المكتب المغربي للهيدروكاربورات والمعادن نسبة 25 % في أغلب الأحيان.
فهل للمواطن المغربي وزن في معادلة الطاقة هذه، أم أنه مجرد شاهد على تطور لا يصله من ثماره شيء؟ !