إيكو بريس ـ نبيل حانة –
منذ نهاية شهر يناير الماضي، تم الهجوم على الشاحنات المغربية المحملة بالخضر والفواكه في كل من فرنسا ومؤخرا في إسبانيا. وأعرب العديد من المصدرين المغاربة لموقع ”فريش بلازا”(FreshPlaza) عن استيائهم وقلقهم إزاء تزايد الهجمات على المنتجات المغربية.
وأعربت الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية في بلاغ صحفي لها، عن “قلقها العميق إزاء الهجمات المتكررة على المنتجات المغربية، فضلا عن المعلومات المضللة في وسائل الإعلام، التي لا أساس لها من الصحة، كما ذكر البلاغ أن الصادرات الفلاحية المغربية “تبرز بشكل خاص” بفضل جودتها العالية وامتثالها الصارم للمعايير القانونية المطلوبة في أسواق الاستيراد العالمية.”
ويقول أسامة ماشي، وهو أحد المصدّرين من منطقة سوس ماسة، لموقع ”فريش بلازا” “لقد تأثرنا بشكل شديد بهذه الأعمال الطائشة وغير المبررة. إن الأشخاص الذين يقفون وراء هذه الأعمال الهمجية لا يأبهون إن كانت الشاحنات متجهة إلى السوق الإسبانية أو المملكة المتحدة، حيث يقومون باستهداف الشاحنات بكل بساطة لأنها قادمة من المغرب، ما علاقة المتظاهرين الإسبان أو الفرنسيين بشاحنات الطماطم المتجهة نحو المملكة المتحدة، والتي لم تعد عضوا في الاتحاد الأوروبي؟ لا أرى أي فرق بين ما يحدث في أوروبا الآن وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر”.
ويصف أسامة الأضرار، في شهادة أكدها مصدّرون آخرون من مناطق مغربية مختلفة: “هؤلاء الأشخاص يهاجمون الشاحنات المغربية، ويدمرون المنتجات، ويتركون الشاحنات مفتوحة، مما يتلف عملية التبريد ويتسبب في إفساد المنتجات الطازجة. إن جميع المصدرين يتأثرون من الهجمات وإغلاق الطرق، وتأخير عملية التسليم، وبالتالي تأتي العقوبات التي يفرضها الزبائن، وعندما تتمكن الشاحنات من الوصول إلى الأسواق، تؤدي هذه الهجمات إلى حدوث ازدحام وانخفاض الأسعار”.
ووفقاً لأسامة والعديد من المصادر الأخرى في القطاع، “لقد تكبد المصدرون جميع الأضرار لوحدهم، ولم يتحمل الناقلون ولا شركات التأمين أي مسؤولية”. وقال مصدّر آخر من منطقة العرائش إن شركة التأمين رفضت طلبه على أساس أن “التأمين على البضائع لا يغطي الإضرابات أو أعمال البلطجة، سواء في المغرب أو في أي مكان آخر”. في حين التزمت الفيدرالية المغربية للتأمين الصمت حول الموضوع.
وخلال الأيام القليلة الماضية، اتخذ الوضع أبعادا كبرى، إلى حد تأخير عملية حصاد العديد من المحاصيل الزراعية في المغرب في انتظار التسوية والعودة إلى الهدوء. وقال مصدّر أخر من منطقة الغرب لـموقع ”فريش بلازا” أنه أوقف عملية التصدير. وقال مصّدر آخر من أكادير: “بعضنا لا يستطيع التعافي بسهولة بعد خسارة حمولة شاحنة كاملة”.
“إن أسلوب الاحتجاجات ودوافعها ليس له أي تبرير على الإطلاق.” يقول أسامة: “إن المتظاهرين يستخدموننا كأكباش فداء للضغط على حكومتهم، والحصول على المزيد منالدعم، هذا كل شيء. لا يوجد أي أساس من اتهاماتهم للمنتجين والمصدرين المغاربة، بل على العكس من ذلك”.
ويعاني المغرب من عجز تجاري مع كل من فرنسا وإسبانيا، حيث استوردت فرنسا ما قيمته 706 مليار درهم من الطماطم المغربية العام الماضي، واستورد المغرب ما قيمته 868 مليار درهم من الطماطم الفرنسية، ناهيك عن أن التجارة تتم بعملتهم، وهو أمر مفيد اقتصادهم بشكل كلي. ومن مصلحة فرنسا شراء الطماطم المغربية، نظرا لقربها وسعرها، في حين سيتعين على المغرب شراء القمح الروسي، مع الأخذ بالاعتبار أن 3٪ فقط من الطماطم المغربية تتواجد في الأسواق الأوروبية بصفة كاملة.
أما بخصوص الاتهامات بـ “تدني جودة المنتجات المغربية” و”عدم الالتزام بالمعايير البيئية”، فيجيب أسامة: “نحن مرهونون بنفس المقاييس الموجودة في أوروبا، كما أننا نتبع نفس المعايير، ونجري نفس عمليات التدقيق، بل على العكس من ذلك، فالمصدّرون المغاربة هم في الواقع في وضع غير متكافئ بشكل كبير. يقول نظراؤنا الإسبان والفرنسيون إن العمالة لدينا أرخص، لكننا نوظف ثلاثة أضعاف عدد العمال في الهكتار الواحد مقارنة بالعدد الذي يستخدمونه، كما أننا ملزمون بتكاليف النقل والتصدير وغيرها من النفقات والأعمال التي لا يقومون بها”.
“يقولون إن جودتنا رديئة، لكنهم يعيدون وصم منتجاتنا ليبيعوها كما لو تم إنتاجها في أوروبا. إن ميزتنا الوحيدة هي المناخ، فإذا اختفت الطماطم المغربية من الأسواق، فكيف سينتجها المنتجون الفرنسيون أو الإسبان في فصل الشتاء؟ هل سيستخدمون دفيئات مكيفة ذات انبعاثات كربونية ضارة بالبيئة كتلك التي يدافعون عنها، أم سنرى رفوفا فارغة من الطماطم مثلما ما حدث خلال الشتاء الماضي؟
ويواصل أسامة مناشدته ردا على اتهامات المتظاهرين، قائلا: “إن عتبات الأسعار ومعايير حجم المنتجات، فضلا عن النظام الطارئ، تحمي بشكل فعال الإنتاج المحلي في أوروبا، وهي موجودة بالفعل، وهي في الواقع قوانين صارمة للغاية بالنسبة للمصدرين المغاربة والمستوردين والمستهلكين الأوروبيين على حد سواء، نحن لم نتوقع أن يكون المنتجون الأوروبيون هم من يتشكون، ومن الجدير بالذكر أن نموذج الأعمال في اسبانيا يعتمد على الصادرات وأنهم يتمتعون بسيطرة قوية على السوق، ويبيعون كل كمياتهم، دون خسارة أبدا. هناك أوقات من السنة حيث يبيع فيها المصدرون المغاربة منتجاتهم الفلاحية بخسارة من أجل الوفاء بعقودهم”.
ومع ذلك، يميز أسامة بين المتظاهرين، “يمكن تقسيمهم إلى قسمين: هناك من يمكن أن أسميهم بالمجرمين، الذين يهاجمون الشاحنات المغربية، مع كامل الرضا من جانب قوات إنفاذ القانون، وفي ظل إفلات تام من العقاب، يتم ترهيب السائقين للضغط على حكوماتهم وعلى المفوضية الأوروبية، ومن ناحية أخرى، هناك المزارعون الذين يعانون وينهارون تحت وطأة الديون، إننا نرى ببالغ الأسى والأسى إحصائيات حالات الانتحار لدى زملائنا المزارعين في فرنسا، إلا أننا لسنا في نفس المخططات التنافسية معهم على الإطلاق.”
ويضيف أسامة “علاوة على ذلك، وعلى الرغم من أن اتفاقيات التجارة الحرة مكنت المغرب من الاندماج في الاقتصاد العالمي، إلا أننا لا نزال نعاني من عجز كبير، خاصة مع أوروبيين”. ويخلص إلى القول: “إننا نتمتع بالميزة فقط في الطماطم وبعض المنتجات الطازجة، والمستهلكون الأوروبيون بحاجة إلى هذه المنتجات من مصدر جاد وموثوق ومستقر مثل المغرب”. وأشارت الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، في بلاغها، إلى أنه “بين سنتي 2021 و2022، ارتفعت صادرات المغرب من المنتجات الفلاحية نحو الاتحاد الأوروبي بنسبة 15%، في حين ارتفعت الصادرات نحو إسبانيا بنسبة 2%. وخلال نفس الفترة، ارتفعت صادرات الاتحاد الأوروبي من المنتجات الزراعية إلى المغرب بنسبة 75%، بينما ارتفعت الصادرات نحو اسبانيا بنسبة 20%.
عن FreshPlaza