المجلس الإداري للوكالة الحضرية بطنجة بين أرقام واعدة وأسئلة مُعلّقة
في مشهد مؤسساتي يعكس الالتزام المتجدد بمبادئ الحكامة والنجاعة، انعقدت بمقر ولاية جهة طنجة-تطوان-الحسيمة أشغال الدورة الثانية والعشرين للمجلس الإداري للوكالة الحضرية لطنجة، بحضور مسؤولين حكوميين وجهويين وممثلي الجماعات الترابية، ووسط خطاب رسمي مشبع بلغة الأرقام والمنجزات.
وقد سجلت الوكالة خلال سنتي 2023 و2024 دراسة ما مجموعه 7 آلاف و914 ملف تعمير، من بينها 720 مشروعا كبيرا، و6 آلاف و930 مشروعا صغيرا.
غطت المساحات الإجمالية لهذه المشاريع أكثر من 7.9 مليون متر مربع، بقيمة استثمارية ناهزت 14.2 مليار درهم. ووعدت الوكالة بإحداث ما مجموعه 10 آلاف و532 فرصة شغل، في حين أن المقاولات هي من تحدث هذه المناصب.
أرقام واعدة وأسئلة مُعلّقة
كان أبرز ما طبع هذه الدورة هو العرض المفصل لحصيلة أداء الوكالة بين سنتي 2023 و2024، حيث كشف عن دراسة ما يفوق 7 آلاف و900 ملف تعمير في ظرف سنتين.
إلا أن هذه الحصيلة تطرح تساؤلا جوهريا: لماذا لم تكشف الوكالة الحضرية عن عدد الملفات المدروسة والمنجزة خلال السنة الأخيرة فقط؟ وهل في ذلك محاولة لتضخيم الأرقام بإدماج سنتين في حصيلة واحدة، ما قد يحجب حقيقة الأداء السنوي الفعلي؟
وفي ذات السياق؛ كشفت الوكالة أن من بين الملفات التي كشفت عنها الحصيلة، وجود 408 مشروعا كبيرا تمت الموافقة عليه في 2024، بقيمة استثمارية تناهز 8.9 مليار درهم، ووعد بتوفير أكثر من 5 آلاف و700 فرصة شغل.
ولكن في المقابل، فإن عدد المشاريع الكبرى التي لم تحصل على الموافقة بلغ ألفا وأربعة مشاريع ما يعني ذلك أن نسبة المشاريع المصادق عليها لا تتجاوز 28.9 في المائة فقط من مجموع الملفات المدروسة، وهو ما يطرح علامات استفهام حول أسباب هذا الفرق الكبير، ومدى فعالية المساطر المعتمدة، أو قدرة الملفات على تلبية المعايير المفروضة.
ومع أن هذه الأرقام تترجم حيوية ملحوظة في الأداء، إلا أن السؤال المشروع هو: إلى أي مدى تترجم هذه الاستثمارات الموعودة إلى نتائج ملموسة على الأرض، وخصوصا في محيط طنجة القروي والهوامش الحضرية حيث تتراكم مؤشرات الإقصاء العمراني؟
بين التخطيط ورقمنة الخدمات
وحسب التقرير، بلغت نسبة الجماعات المغطاة بوثائق تعمير 74 في المائة. بينما لا تزال 19 في المائة خارج التغطية. ومع أهمية هذا التقدم، يطرح غياب التغطية في قرابة خمس المجال الترابي تحديا حقيقيا. وخاصة في ظل الحاجة الملحة لتدبير التوسع العمراني غير المنظم ومواكبة الضغط السكاني.
وتعلن الوكالة اليوم عن رقمنة 100 في المائة من خدماتها. وذلك مع تقليص ملموس في آجال دراسة الملفات (من 6 إلى 4 أيام للمشاريع الكبرى). ولكن الواقع التقني لدى بعض الجماعات، وغياب التكوين لدى جزء من المرتفقين، يجعل من هذه الرقمنة نقلة غير مكتملة. وهو ما يفتح النقاش حول مدى مواكبة المواطن البسيط لهذه التحولات الرقمية.
وفي ظل مقاربة الرقمنة هذه، يبقة السؤال المطروح: هل قامت الوكالة فعلا بتعبئة وتأهيل مواردها البشرية ومواكبة الجماعات المحلية لضمان نجاعة هذا التحول الرقمي؟ أم أن الرقمنة ظلت مجرد واجهة تقنية لا تعكس بالضرورة تحولا مؤسساتيا حقيقيا في طرق العمل؟
مليارات في الميزانية… وشكوك حول الأثر
ويشار إلى أنه صودق على مشروع ميزانية 2025 بقيمة تفوق 63 مليون درهم، بينها 18 مليونا للاستثمار. وهي ميزانية تُظهر طموحا في التجهيز المعلوماتي وتوسيع التغطية العمرانية. ولكن يبقى التساؤل قائما حول توزيع الأثر: هل تصل هذه الاستثمارات فعلا إلى المناطق التي تحتاجها؟ أم أنها تظل محصورة في الفضاءات المركزية والمهيكلة مسبقا؟
ووقّعت الوكالة اتفاقية شراكة مع الهيئة الجهوية للمهندسين المعماريين. وذلك في خطوة نحو تعزيز التنسيق وتوحيد الرؤية. وهي خطوة تُحسب للمؤسسة، لكنها لا تعفي، حسب العديد من الفاعلين، من مطالب أعمق تتعلق بإعادة النظر في المساطر، وضمان مزيد من الإنصاف في دراسة الملفات. وخاصة تلك القادمة من المستثمرين الصغار والمهنيين المستقلين.
وبعد 28 سنة من العمل، تقف الوكالة الحضرية لطنجة اليوم على عتبة تحولات استراتيجية. وتبدو المؤشرات الرقمية مشجعة، لكنها تحتاج أكثر من مجرد أرقام. وتحتاج إلى مقاربة نوعية، تلامس أثر هذه الجهود على حياة المواطنين. وتفتح نقاشا شفافا حول ما تحقق وما لم يتحقق. كما تحتاج إلى تواصل جيد مع المواطنين لأن إدارة الوكالة الحضرية مغلقة على جدرانها. وهو ما يفاقم اللبس والغموض بين المواطنين.
ذات صلة:
مديرة الوكالة الحضرية أمام امتحان الاستجابة لمطالب الساكنة أو الرضوخ لأطماع الشركات العقارية
الترخيص لمجمع سكني يورط الوكالة الحضرية بطنجة في تشويه المشهد العمراني
Discussion about this post