يبدو أن التحايل على القانون والسطو على أراضي الغابات صار مرتعا خصبا لمن يريد الاغتناء السريع من دون أي جهد يبذله.
وهكذا الحال، باتت المنطقة الواقعة بين رميلات وبوبانة وبالضبط جوار تجزئة الطاهر شاكر، وقرب فيلا المرشح أقبيب ، وهي المساحة التي يتربص بها المتربصون، تشكو ومنذ عامين تقريبا من إذاية مدمري الغابة ولصوص الغطاء الأخضر، والذن يتخذون أشكالات ووسائل متعددة أخطرها تسلل الشاحنات الكبيرة المحملة بأطنان من الأتربة والردمة، ورميها وسط الأشجار وفوق الغطاء النباتي بغاية إعدامه.
وتجري هذه الغارات البشرية على منطقة بوبانة تارة خلسة، وفي أحايين أخرى جهارا نهارا حين تخفت أعين المراقبة.
وحين ينتشر خبر الشاحنات المتسللة إلى وسط الأشجار تفرغ حمولتها، تلحق جرافات بأمر من السلطات إلى قرب المكان لتمسح أكواما من الأتربة مرمية على قارعة الطريق قرب تجزئة الطاهر شاكر، دون أن تقترب من الأطنان المفرغة وسط الغطاء النباتي الأخضر.
وبما أن أفعال المتربصين بالغابة متكررة، سواء في منطقة الرميلات، السلوقية، مديونة، الرهراه، وبوبانة، مقابل تدخلات خجولة تارة ومحتشمة تارة أخرى، يبدو المشهد سورياليا كما لو أن انتهاك حرمة التراب الغابوي الذي يعد ملكا مشتركا لكل إنسان فوق هذه الرقعة الجغرافية، بل لكل كائن حي فوق المجال الذي نشترك الحياة فوقه، صار فعلا مأمونا من دون عقاب.
ومن بين الحيل التي يعتمدها لوبي السطو على أراضي الغابات والمناطق الخضراء، كتابة مساحة من الأراضي في اسم شخص مغلوب على أمره، مقابل تمتيعه باستغلالها في أنشطة الرعي والفلاحة المعيشية، على أن يقول للناس أن الأرض تعود لفلان، وهكذا تبدأ اكتساب صفة الحيازة لصحابها فلان كلما تقادم عليها الزمن إلى مدة 10 سنوات، وهي المدة التي تخول صفة الحيازة في تملك الأراضي بطرق عدلية.
ويراهن لوبي السطو على أراضي الغابات، حسب مصادر خبيرة، على عامل الزمن حيث أن هاته الفئة من مافيا العقار تلعب على إنهاك فعاليات المجتمع المدني ونشطاء حماية البيئة، كما أنها تسير وفق جدولة زمنية مرسومة سلفا على مخطط المدى البعيد.
وعن طريق هذه الخطة يستفيدون من امتيازين في آن واحد، تمدد المجال العمراني ليصبح محاذيا للمجال الأخضر والمناطق الغابوية، ومن جهة أخرى استنزاف مكونات الغطاء النباتي وطمس آثاره تارة بحرائق عرضية أو إرسال الشاحنات لرمي الردمة ومخلفات البناء والنفايات الصلبة، وكذا الرعي والتحطيب الجائر، بهدف قلع أكبر عدد من الأشجار.
وكلما تقدم الزمن ارتفعت القيمة السوقية للأراضي وزاد ثمنها ودرت على أصحابها بمختلف مواقعهم ضمن شبكة المستفيدين أرباحا طائلة، بدون أي جهد مستحق، بل بأفعال مجرمة قانونا ومحرمة دينا ومشبوهة أخلاقا، حسب ما يعتقده الكثيرون.
وهنا حق لمتتبعي الشأن المحلي أن يتسائلوا من سيحمي الغابة إذا لم تتدخل الأجهزة المخول لها إنفاذ القانون ؟ ومن سيطبق التعليمات الملكية السامية إذا لم تتحرك السلطات على وجه سرعة البرق؟
حري بالذكر، أن جلالة الملك محمد السادس نصره الله، أعطى يوم 13 فبراير 2020 انطلاقة الإستراتيجية الغابوية الجديدة “غابات المغرب 2020-2030” والتي تشكل نقطة تحول مهمة في تدبير الغابات بالمغرب
ويتمثل الهدف من هذه الإستراتيجية هو جعل قطاع الغابات أكثر تنافسية واستدامة، وذلك من خلال نموذج شامل لتدبير للثروة، يضع الساكنة المنتفعة من الغابات في قلب تدبيرها.
وتنص الإستراتيجية الجديدة على ضرورة الجمع بطريقة ملائمة بين المتطلبات الاجتماعية والإقتصادية والبيئية.