بقلم عبد الرحيم بلشقار – مدير النشر
شكل توجه فرنسا نحو الإعلان الرسمي للاعتراف بمغربية الصحراء وتقديم الدعم الصريح والواضح لمخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، الضربة القاصمة لظهر النظام الجزائري، وذلك بعد أن أبلغ حكام قصر الإيليزيه سكان قصر المرادية، حسم باريس موقفها الذي ظل ملتبسا رماديا فترة طويلة.
موقف السلطات الفرنسية الذي أبلغته لنظيرتها الجزائرية، كما جاء في بيان لوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، جرى تعميمه يوم الخميس 25 يوليوز 2024، إن “فرنسا أبلغت السلطات الجزائرية بفحوى هذا القرار في الأيام الأخيرة”، دفعها للتعبير عن “غضب شديد”، وهو “غضب” غير مُجد في كل الأحوال، بالنظر إلى الخسائر الماحقة المتلاحقة للجزائر في هذا الملف.
وبما أن فرنسا دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، فإن حالة الضجر التي عبرت عنها وزارة الخارجية الجزائرية، تحصيل حاصل، لأن حسابات النظام الجزائري الداعم والممول لميليشيات جبهة البوليساريو الانفصالية، لا شك أنها ستختلط وتتعقد بشكل غير مسبوق، على إثر تراجع المواقف السياسية الأوروبية بخصوص قضية الصحراء المغربية، لصالح خطة الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة المغربية.
شاهد بالفيديو : حكايات مزارعات القنب الهندي
وأمام هذا المستجد الطارئ والصاعق لحكام قصر المرادية، لم تجد وزارة الخارجية الجزائرية، بدا من الإقرار بأن القرار الفرنسي لا يساعد على توفير الظروف الكفيلة بتسوية سلمية لقضية الصحراء، زاعما بأن تغيير باريس لموقفها “يساهم بصفة مباشرة في تفاقم حالة الانسداد والجمود”، وبالفعل سيؤدي إلى مزيد من عزلة النظام الجزائري الذي يمعن في إشعال فتنة مع بلدان الجوار.
ظلت فرنسا منذ عقود في موقف وسط من قضية الصحراء المغربية، بيد أن الموقف الوسط أو “اللاموقف” صار موقفا بالنسبة للرباط، بعدما حدث منعطف نوعي في خطاب المملكة المغربية، حيث صارت قضية الصحراء “منظار الديبلوماسية الجديد”، حينما أكد جلالة الملك محمد السادس على أهمية الموقف من قضية الصحراء كقاعدة ترسى على أسسها العلاقات والشراكات.
صحيح أن الأزمة الصامتة بين المغرب وفرنسا منذ ثلاث أعوام على الأقل لم تتحول إلى قطيعة، إلا أن بوح باريس مؤخرا بموقفها الجديد يعد إشارة مهمة في مسار الاعتراف بسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية، الأمر الذي جعل نظام العسكر في الجزائر يدرك أن ميزان الوضع الإقليمي ستميل كفته بشكل أكثر لصالح الرباط لا محالة، خصوصا وأن المملكة صارت ذات مركز ثقل اقتصادي متزايد، وحلقة وصل متينة بين أوروبا وإفريقيا.
اقرأ أيضا : مواضيع أخرى في مجلة إيكوبريس
Discussion about this post