في ظل الارتفاع الذي تعرفه أسعار زيت الزيتون بالمغرب ببلوغها مستويات قياسية، شكلت الظرفية الحالية بيئة خصبة لعدد من الممارسات المتعلقة بالغش والاحتكار من طرف بعض الأطراف، مستغلين قلة المعروض من هذا المنتوج، والحاجة الملحة لعدد من الأسر المغربية لهذه المادة.
ويعزو المهنيون ارتفاع أسعار زيت الزيتون إلى توالي سنوات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى هلاك وموت هكتارات من أشجار الزيتون المثمرة بسبب تأثيرات أزمة المناخ، وكذلك انتشار الأمراض والتكاليف المرتفعة للأسمدة والمبيدات وقلة المحصول، ما دفع المنتجين إلى رفع الأسعار لتعويض التكاليف.
وبحسب تقديرات لوزارة الفلاحة فإن الجفاف أدى إلى انخفاض ملحوظ في إنتاج زيت الزيتون خلال السنة الحالية، حيث يرتقب أن يبلغ الإنتاج 90 ألف طن، وهو دون معدل الاستهلاك الوطني الذي يتراوح بين 130 و140 ألف طن.
وفي هذا الإطار، أكد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، أن الإنتاج المرتقب بالنسبة لسلسلة إنتاج الزيتون خلال السنة الحالية يقدر بـ950 ألف طن، مضيفا أن الإنتاج انخفض بنسبة 11 في المائة مقارنة بالموسم الماضي، وبنسبة 40 في المائة مقارنة بسنة فلاحية عادية.
وأفاد الوزير في معرض رده على سؤال شفوي بمجلس النواب، أن أسباب هذا التراجع يعود إلى تأثير الجفاف الذي شمل أيضا المناطق المسقية، موضحا أن ارتفاع درجات الحرارة خلال فترة الإزهار أثر كذلك سلبا على المردودية وهو ما أدى إلى انخفاض الإنتاج.
ولمواجهة تراجع الإنتاج المحلي للزيتون وبهدف تموين الأسواق الوطنية واستقرار الأسعار، قررت الحكومة، في شهر أكتوبر الماضي، المصادقة على مشروع المرسوم رقم 2.24.960 بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على زيت الزيتون البكر وزيت الزيتون البكر الممتاز، حيث سيخضع هذا المنتوج المستورد للمراقبة الصارمة من قبل المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وكذا ضبط تصدير زيت الزيتون من خلال منح رخص تحدد الأنواع والكميات المسموح بها.
من جهته، أكد رئيس الفيدرالية البيمهنية المغربية للزيتون، رشيد بنعلي، أن تداعيات التغيرات المناخية كان لها أثر سلبي على محصول الزيتون لهذه السنة، مشيرا إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بالجفاف وإنما كذلك بتغيرات مناخية متعددة تتعلق أيضا بالارتفاع المفاجئ لدرجات الحرارة.
وأضاف بنعلي أن ارتفاع سعر زيت الزيتون في الأسواق لا يرجع فقط إلى قلة العرض، بل أيضا إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج، مبرزا أن تكلفة اليد العاملة والمصاريف المصاحبة زادت بشكل ملحوظ، مما انعكس بشكل سلبي على سعر المنتوج النهائي.
ودعا إلى ضرورة مراقبة جودة زيت الزيتون المستوردة، ومكافحة الغش التجاري من خلال حماية المستهلك من المنتجات غير المطابقة للمعايير.
تعليقا على الموضوع، تبنى رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، الطرح نفسه في ما يتعلق بتداعيات الجفاف على القطاع، حيث أكد أن ذلك أثر على “تدني مردودية أشجار الزيتون وإتلاف مساحات واسعة منها، خاصة في منطقة الحوز”.
وأوضح الخراطي، في تصريح مماثل، أن انخفاض الإنتاج المحلي أدى إلى ارتفاع أسعار زيت الزيتون، مشيرا إلى أن ذلك يظهر أيضا من خلال تراجع مردودية القنطار الواحد من الزيتون ليتراوح بعد عملية عصره ما بين 12 و 15 لترا.
وأشار إلى أن سعر اللتر الواحد من زيت الزيتون في بعض المناطق، كجهة الشرق، لا يتعدى 80 درهما، في حين يرتفع في مناطق أخرى إلى 120 درهما.
من جانبه أوضح رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، علي شتور، أن تأثر أسعار الزيتون بتوالي سنوات الجفاف، لا ينفي “دخول المضاربين والسماسرة والمحتكرين على الخط الذين أشعلوا السوق قبل الآوان، وحاولوا التحكم من خلاله في أسعار هذه المادة الحيوية”.
في هذا السياق، دعا المتحدث الحكومة إلى “تكثيف المراقبة وعدم ترك فراغ لمحترفي الغش والنصب والاحتيال الذين يتربصون بالمستهلك المغربي، ويركزون على نقاط الضعف للإيقاع به”، مشددا على ضرورة “محاسبة كل من سولت له نفسه التلاعب بجيوب المواطنين وبقدرتهم الشرائية”.
وأردف الخبير أن جزءا كبيرا من ارتفاع الأسعار راجع إلى توالي سنوات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى هلاك وموت هكتارات من أشجار الزيتون المثمرة بسبب تأثيرات أزمة المناخ، وكذلك انتشار الأمراض والتكاليف المرتفعة للأسمدة والمبيدات وقلة المحصول، مبرزا أن هذه المعطيات دفعت المنتجين إلى رفع الأسعار لتعويض التكاليف.
وتابع أن على الجهات المسؤولة الانخراط في تشجيع الفلاحين الصغار والمتوسطين على الزراعة والعناية بأشجار الزيتون، وتقديم الدعم الكافي لهم وتدريبهم، بالإضافة إلى توفير الأدوات والتقنيات الحديثة مع استخدام تقنيات جديدة مثل نظم الري بالتنقيط التي تساعد على تحسين الإنتاج وتقليل الجهد المطلوب.
Discussion about this post