يبدو أن إخلاء مكان فسيح داخل بناية المركز الجهوي للاستثمار في مدينة طنجة، عقب “إجبار” ممثلي المصالح الخارجية على المغادرة، بداية الأسبوع الجاري، وذلك بحجة اعتماد آلية الرقمنة في تأسيس الشركات، وخلق ومواكبة المقاولات والمستثمرين، لم تكن سوى عملية تمويه لما هو آت وفق خطة مطبوخة على نار هادئة.
ولعل البوادر الأولى لهاته الخطة التي بدأ يتكشف بعض من تفاصيلها، وتظهر أجزاء هامة من ملامحها التي وصفها متتبعون بـ “الخطيرة”، تتمثل في إعلان المركز الجهوي للاستثمار، أول أمس الثلاثاء الموافق لـ 04 فبراير الجاري عن قائمة المرشحين المدعويين لاجتياز مقابلة شفهية للتوظيف، تتعلق بشغل منصب “مكلف بمهمة في مجال تتبع العمليات، والجودة Méthods, Qualité, excellente opérationnelle.

زوبعة كبيرة بسبب شبهة تحايل
وبعد تحريات سريعة حول اسم “المرشح المحظوظ” الذي ظهر اسمه وحيدا مُدللا في القائمة، تلقى الرأي العام الاقتصادي بعاصمة البوغاز، صدمة كبيرة.
حسب الوثيقة التي حصلت عليها صحيفة إيكوبريس، من موقع الوظيفة العمومية، فقد ظهر اسم المرشح مخفيا لا يظهر من حروفه إلا الحرف الأول من الاسم والنسب، وذلك في مخالفة صريحة للإجراءات الشكلية في المباريات.
حيث يتعين تكريسا لبدأ “الشفافية” والنزاهة، كشف الإسم كاملا، كما هو معمول به في كل لوائح المدعويين لمباريات الوظيفة العمومية، كما يتضح من خلال هاته الأمثلة المشفوعة أسفله.


أمام هذا التحايل، تصاعدت الشكوك والتساؤلات، حول صاحب الحظ الذي تم استدعاؤه وحيدا، لاجتياز اختبار توظيف على المقاس، وذلك لشغل منصب مهم جدا في إدارة حساسة بالبلد، مما جعل المتابعين للشأن الاقتصادي في جهة طنجة يتسائلون، هل يتعلق الأمر بالموظف المطرود من المركز الجهوي بفاس؟
فإذا كان المعني بالأمر حسب ما يستفاد من أحرفه الأولى، هو نفسه، فإن هذا القرار وفق توصيف مصادر صحيفة “إيكوبريس” يعد فضيحة مدوية، ذلك أن عاصمة جهة الشمال مُقبلة على تحولات واستحقاقات كبيرة، وأنها مدينة تقود قاطرة الاستثمار والتنمية على الصعيد الوطني، وبالتالي كيف يُسمح بتمرير عمليات توظيف بهاته الطريقة التي تحوم حولها كثير من “الشبهات”.
ونقل متدخلون في الشأن الاقتصادي بمدينة طنجة، تحدثت إليهم صحيفة “إيكو بريس” حول الموضوع، انزعاجهم من تطورات ليست منافية لشروط تحسين مناخ الأعمال.
بل أكثر من ذلك سارت أغلب التقييمات والاستنتاجات بناءا على ما تسرب من معطيات حول المرشح المحظوظ، أنه كان “موظفا مدللا” في عهد تولي ياسين التازي المركز الجهوي للاستثمار بفاس.
كما جاءت الأنباء تقول، بأنه كان محط انتقادات شديدة وشكاوى عديدة من لدن المستثمرين الذين واجهتهم إكراهات وعقبات عويصة، أمام تنزيل مشاريعهم.
وتضيف بأن ذاك الموظف كان أكثر شخص مؤتمن ومقرب جدا من ياسين التازي، وهو الذي يتكلف بدراسة ومعالجة أغلبية ملفات الاستثمار، خصوصا في فترات تغيبه.
لكن ومع كل الملاحظات والتقييمات المتدنية في موظف بهاته المواصفات السلبية، فإنه وجد من يجهز له “عرضا سخيا”، فلم يكن سوى زميله السابق الذي يشغل حاليا المدير العام الحالي لـ CRI بطنجة، والذي يرغب على ما يبدو في تقريبه إليه، ووضعه إلى جانبه، مما يثير الكثير من علامات استفهام.
ملفات معرقلة لأسباب غامضة
في سياق آخر، علمت جريدة إيكو بريس الإلكترونية من مصادر عليمة، أن هناك حاليا 10 ملفات مُعرقلة ما بين TFZ و cri tanger ، وذلك بسبب وجود “صراعات” بين الإدارتين، حيث يتفاجئ المستثمرون الذين رفضت ملفاتهم بمطالبتهم من المركز بإضافة وثيقة جديدة، في كل مرة يرفض الملف.
وقد عبر المتضررون عن انزعاجهم الشديد، مما وصفوه مظاهر “البيروقراطية المريرة” التي تؤدي إلى بطء الإجراءات، وتعقيد المساطر، بشكل معاكس تماما لتوجيهات جلالة الملك، وإرادة الحكومة، في تبسيط المساطر وتسريع الخدمات في وجه أصحاب المشاريع.
وبالنظر إلى هاته الوقائع المرتبطة برفض 10 ملفات دفعة واحدة في وقت وجيز، منذ تعيين المدير العام الجديد، ساد شعور بالاستياء بين أصحاب مشاريع الاستثمار، الذين وجدو أنفسهم مثل كرة التنس يتم تقاذفها بين مصالح المنطقة الحرة باكزناية، وبين إدارة المركز الجهوي.
من ناحية أخرى، أفاد فاعل اقتصادي التقت به صحيفة “إيكوبريس في منتدى كبير تحتضنه طنجة هاته الأيام، أن المركز الجهوي للاستثمار، رفض قبل أسبوعين، مشروع قاعة رياضية، إذ رغم أن المشروع سيوفر عدة مناصب شغل تم رفضه، ولم يتم تذييل قرار الرفض بمبرر، حسب نفس المصادر.
كما أن أصحاب المشروع، تقدموا بطلب لقاء لدى الكتابة الخاصة للمركز، قبل حوالي 20 يوما، لكن إلى غاية يومه الخميس، لم يتم استقبالهم مما خلف انطباعا سلبيا.
الوالي التازي يراقب عن كثب !!
وفي سياق متصل، ويموضوع ذي صلة، أكد أكثر من مصدر عليم، أن الوالي يونس التازي طنجة سجل على المدير العامل للمركز الجهوي للاستثمار، ياسين التازي، ملاحظة التغيب المتكرر في أوقات طويلة الأمد عن مكتبه، بعدما وصلته تقارير أعدتها الأجهزة، تؤكد تغيبه منذ تعيينه. فترة طويلة عن مكتبه ما بعد منتصف الجمعة، والأيام الأولى لبداية الأسبوع، رغم عدم ارتباطه بالتزامات ومهام وظيفية خارجية، بحسبب تلك التقارير الإدارية.
وعلى ضوء ذلك، أرسل له والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، تنبيها في الموضوع، على اعتبار أن عاصمة جهة الشمال تشهد طفرة تنموية، ودينامية استثمارية، وتحتاج جاهزية عالية من المسؤولين على الإدارات الحيوية بالجهة، وليست إلى مسؤولين لهم أولويات أخرى.
وقالت مصادر حسنة الاطلاع، أن الوالي يونس التازي حمل هاتفه النقال، وربط الاتصال بياسين التازي، بعدما اشتكى مستثمرون مغاربة كان معهم وفد مستثمرين من آسيا، عدم استقبالهم بالمركز الجهوي للاستثمار، حيث حددوا لهم موعدا بعد 15 يوما، بينما الوفد الأسيوي جاء لعاصمة البوغاز فترة قصيرة لا تتعدى 3 أيام.
وبعد قرار “الإخلاء الجماعي” للمصالح الخارجية من مقر المركز الجهوي للاستثمار، تصاعدت حدة الاحتقان حول الدوافع الحقيقية للقرار، وذهبت التكهنات بأن العملية ليست سوى تهيئة الظروف لاستقبال “الموظف المطرود” من فاس، إذ لا تستثار هنا فقط مسألة مدى التطبيق الفعلي لمفهوم “الشباك الوحيد”، بل أيضا بمدى تفعيل قواعد الحكامة سواء في دراسة ومعالجة الملفات، وكذا في إجراء تغييرات جوهرية في الهيكل التنظيمي لـ CRI بطنجة.
Discussion about this post