من بعدما توعد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، في حديثه أمام النواب البرلمانيين، في جلسة دراسة مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الداخلية يوم الأربعاء 5 نونبر 2025، بمحاسبة وزارة الداخلية رؤساء الجماعات الترابية الذين أخذوا أو قاموا بتفويت قطع أرضية كانت مخصصة لمشاريع ذات نفع عام، مؤكدا بأن الوزارة ستراجع أرشيف تدبير رؤساء الجماعات الترابية بما في ذلك السنوات الماضية.
وقال عبد الوافي لفتيت في تلك المداخلة القوية التي نالت استحسان الفعاليات المدنية والهيئات الحقوقية في بلادنا، “لي خذا شي طرف د الأرض ماشي من حقو خصو يردو، ولي خذا شي أرض ماشي ديالو خصها ترجع للجماعة، ومن الأحسن يردها، لأن غادي نوصلو معه إلى خزيت”.
وزاد بنبرة صارمة ” ما كاينشي شي متر مربع أو شي طريق يتم الاستحواذ عليها بدون وجه حق ما غاديش نتفاهموا معه، راه كاين السلطات خامين حاليا في الدار البيضاء وغادي ندوزو إلى مدن أخرى”.
كما توعد كل مسؤول جماعي من المنتخبين الـكبار المشتبه فيهم سوء تدبير أو تبديد المال العام قائلا؛ “لي خذا شي درهم خصو يردو ومن الأحسن يردها، إذا كان غادي يردها بالخاطر آمين، وإلا غادي يردها بزز”. يقول الوزير بالحرف متحدثا بالكلام الدارجة على حد وصفه.
كلام لفتيت أمام اختبار حقيقي في طنجة !!
فتح عبد الوافي لفتيت شهية متتبعي الشأن المحلي في عاصمة البوغاز، إذ بمجرد الانتهاء من كلمته البارحة في اجتماع لجنة الداخلية و الجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة والشؤون الإدارية، أمس الأربعاء، حتى تعالت أصوات المتضررين من الاستحواذ على قطع أرضية في ملك الجماعة وتم تفويتها بطرق مشبوهة.
ومن بين الملفات الساخنة التي يطالب الرأي العام في عاصمة البوغاز، وزير الداخلية إيفاد لجنة تقصي في شأنها، بعيدا عن الحسابات السياسية أو ضغوطات من جهات في حزب الأصالة والمعاصرة، “قطعة أرضية مخصصة لفضاء ألعاب الأطفال”، تم تفويتها لمنعش عقاري بطريقة تحوم حولها الشبهات، خصوصا بعد توقيع عمدة مدينة طنجة منير الليموري، شهر يوليوز الماضي، على قرار بناءها وتهيئتها لمشروع “ملعب بادل” رغم وجود اعتراض من الوكالة الحضرية.
ولأن المسؤول الحكومي القوي في الدولة تعهد بتنفيذ صارم للقانون، فقد طالب المتضررون في تجزئة “لابريري روز 2” الكائنة في منطقة بوبانة بطنجة، في حديث مع صحيفة “إيكوبريس”، وزير الداخلية أن يترجم كلامه إلى أفعال نظرا لحجم الخروقات المشبوهة في عملية الاستحواذ على قطعة أرضية ذات منفعة عامة، وتحويلها إلى رسم عقاري خاص في اسم الشركة العقارية صاحبة التجزئة، و الأكثر من ذلك شرعنة وضعيتها عبر رخصة صادرة عن جماعة طنجة تحت رقم GUctgr-0153/2025، وقد وقعها وأمضى عليها في المنصة الإلكترونية للرخص، رئيس جماعة طنجة منير ليموري، شهر يوليوز الماضي.

هكذا تمت عملية تفويت فضاء للأطفال إلى ملعب بادل
بدأت قصة هذا الملف الساخن على طاولة جماعة طنجة، بعد إتمام شركة عقارية بيع 33 بقعة أرضية مخصصة للفيلات الصغيرة، في تجزئة “لابريري روز 2” الكائنة في منطقة بوبانة، والذي أعد تصميمها الهندسي المهندس المعماري محمد بوزردة.
وتتكون هذه التجزئة حسب جدول مرافقها المصادق عليه من الولاية وجماعة طنجة والوكالة الحضرية شهر نونبر من سنة 2019، من 33 بقعة أرضية، تقع فوق مساحة هكتار و 7957 متر مربع، و الطرقات والأرصفة 8 و 190 متر مربع، و فضاء ألعاب الأطفال مساحته 373 متر مربع، و متجر بقالة فوق قطعة مساحتها 100 متر، و 686 متر مربع للمناطق الخضراء، و 20 متر بناية مخصصة لمحول كهربائي.
وبما أن المرافق العمومية في التجزئات العقارية لها أحكام مؤطرة للاستغلال، كما هو موضح في المادة 4 من النص التنظيمي، إذ ينص صراحة في البند الأول
تُنقل ملكية الأرض المخصصة للمسجد مجانًا إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
وفي البند الثاني تُنقل المساحات الخضراء وفضاءات ألعاب الأطفال والطرق والساحات ومواقف السيارات مجانًا إلى البلدية (الجماعة) بعد الموافقة النهائية.

وهنا يجب فتح تحقيق أولا في كيفية تفويت مرفق داخل التجزئة بعد تسليم الأشغال من ملكية الجماعة إلى ملكية الشركة العقارية، وهذه مسطرة منفصلة تستوجب استدعاء المحافظ الأسبق للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية بطنجة.
أما الإجراء الثاني الذي يجب فتح تحقيق في شأنه فيتمثل في منح جماعة طنجة رخصة تهيئة موقعة من العمدة منير الليموري، تحمل القرار رقم GUctgr-0153/2025، رغم أنها كانت قطعة أرضية مخصصة في التصميم الهندسي للتجزئة كما هو مرخص له سنة 2019، بأنه “فضاء ألعاب الأطفال”، وليس ملعب بادل للكبار والذي يتم استغلاله حاليا من أشخاص غرباء عن ساكنة التجزئة.
هل أصبح ليموري مهددا بالعزل بعد إصدار رخصة بناء لقطعة أرضية مبنية وموضوع نزاع أمام القضاء ؟؟
وقبل توقيع عمدة طنجة قرار الترخيص، كانت الشركة العقارية أجرت تشيدات عبارة عن قاعة مغطاة بالبناء المفكك، فوق القطعة الأرضية التي تم تحويلها من فضاء ألعاب الأطفال، إلى ملعب بادل، وذلك دون أساس تنظيمي أو تقني حسب دفتر التحملات، كما أنها خرق الإطار الجمالي والبيئي، حسب نص الدعوى القضائية التي رفعها السكان ضد الشركة العقارية التي حصلت على رخة من عمدة طنجة.
ومع مرور الأيام، ورغم توصيات اللجنة المختلطة التي خرجت شهر أكتوبر من العام الماضي، وطالبت بوقف أنشطة ذلك الملعب لأنه غير مرخص بالاستغلال، وغير حاصل على ترخيص قانوني حسب محضر الوكالة الحضرية، فعلى العكس من توقعات سكان التجزئة الواقعة ضمن النفوذ الترابي للدائرة الحضرية طنجة المدينة، تفاجئوا مؤخرا باكتشاف أن عمدة طنجة منير الليموري، وعوض تطبيق القانون يقوم بإصدار رخصة لفائدة الشركة صاحب المشروع.
وأمام هذه التجاوزات القانونية الخطيرة، حسب وصف السكان، وبعد تصريحات وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت في البرلمان يوم أمس الأربعاء 05 نونبر، يتسائلون أين هي دولة الحق والقانون ؟ معتبرين أن عدم تنفيذ مقررات صادرة عن الإدارة “سلوك خطير يهدد الدولة وتماسك المجتمع”.
وكان وزير سابق وهو أحد الملاك القاطنين في تجزئة لابريري ROSE 2، عبر عن استغرابه من الوضع في طنجة، والذي ذاق مرارته هو إلى جانب بعض جيرانه حيق قال في تصريح سابق لجريدة “إيكو بريس” ؛ “جئنا من الرباط إلى طنجة بحثا عن الهدوء والطمأنينة، لكن حلمنا تبخر مع الأيام بسبب عدم إنفاذ مقررات الإدارة” ثم أردف متسائلا “واش لي بغا يعيش نزيه فهاد البلاد ما عندوش بلاصتو ؟؟”.
فهل تتدخل وزارة الداخلية للتحقيق في شبهات خرق القانون على مستوى التعمير، وعلى مستوى التفريط في ملك جماعي، استنادا إلى المعطيات الواردة أعلاه ؟؟
استياء سكان تجزئة في طنجة من ملعب بادل وأصحاب المشروع العقاري يعرضون روايتهم





















Discussion about this post