وجه عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، انتقادات حادة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، متهما إياه بتضارب المصالح بعد دفاعه عن رسو صفقة تحلية مياه الدار البيضاء على شركته. وقال بووانو إن العديد من رؤساء حكومات الدول استقالوا بسبب شبهة تضارب المصالح، متسائلاً: “كيف يمكن أن لا يثور الناس أمام ما يحدث؟”.
جاء ذلك خلال ندوة صحفية عقدها حزبه صباح اليوم الخميس 19 ديسمبر 2024، حول ما يراه الحزب تضارب مصالح من جانب رئيس الحكومة، وأوضح أن الجلسة الأخيرة لمجلس النواب التي حضر فيها أخنوش شهدت تحذيره من أن أحد أبرز خصائص الحكومة هو تضارب المصالح، مشيرا إلى عدة أمثلة مثل الغاز الطبيعي، والطاقة المتجددة، وتحلية مياه الدار البيضاء.
وأضاف أنه طرح على أخنوش سؤالًا حول ما إذا كان قد استفاد من الدعم، لكن تعقيب رئيس الحكومة كان موجهًا بشكل أساسي إلى حزب العدالة والتنمية واشتمل على كلام اعتبره بووانو “لا يليق برئيس حكومة”، حيث بدأ بالحديث عن إهانة للنساء قبل أن يعترف بأنه صاحب الصفقة، ثم دافع عنها قائلاً إنه حصل عليها بشفافية وبأقل ثمن.
وأشار بووانو إلى أن الدستور والقانون التنظيمي المتعلق بتسيير أشغال الحكومة يحدد حالات التنافي ويمنع على أعضاء الحكومة ممارسة أي نشاط يؤدي إلى تضارب المصالح. وذكر أن العديد من رؤساء الجماعات تم عزلهم منذ سنة 2015، حتى من حزب العدالة والتنمية، طبقًا للمادة 65 من القانون التنظيمي للمجالس، التي تمنع الجمع بين مصالح خاصة والجماعة. وأضاف أن بعض هؤلاء تم عزلهم بسبب عقود تعود إلى الخمسينات، مثل عقد كراء لوالده أو جده.
كما تطرق بووانو إلى تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والرشوة، الذي تحدث عن قانون تضارب المصالح، وأوضح أنه رغم التنبيه لهذا الموضوع، لم يتم اتخاذ أي خطوات عملية لمعالجته. وقال إن الوضع الحالي يوضح لماذا يوجه رئيس الحكومة وأعضاء حكومته الانتقادات لتقرير الهيئة بعد آخر نشراته.
وأكّد بووانو أن حكومات الدول المتقدمة، التي تمر بمراحل مشابهة لنا من حيث النمو، شهدت استقالات لرؤساء حكومات بسبب تضارب المصالح. وأوضح أن مثل هذا السلوك يضر بالثقة في الاستثمار ويؤدي إلى تأجيج غضب الناس في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة. وشدد على أن حزب العدالة والتنمية ليس ضد رجال الأعمال، بل يطالب بتكافؤ الفرص بين الجميع واستغلال المناصب العامة بشكل شفاف.
من جانبه، أكد إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أن الحكومة الحالية تتسم بتضارب المصالح، محذرًا من أن استمرارها في هذا النهج سيؤدي إلى تدمير الشركات المغربية. وقال الأزمي في ذات الندوة الصحفية حول صفقة تحلية مياه البحر بجهة الدار البيضاء-سطات، إن رئيس الحكومة استغل جلسة مجلس النواب للدفاع عن شركته، مما يعد مخالفة للدستور بشكل صريح أمام الجمهور.
وأوضح الأزمي أن الصفقة التي يشرف عليها المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، والتي يرأس رئيس الحكومة المجلس الإداري لها، تشكل مثالًا صارخًا على تنازع المصالح. كما أشار إلى أن رئيس الحكومة هو أيضًا رئيس اللجنة الوطنية للشراكة بين القطاعين العام والخاص، التي تمنح التراخيص للمشاريع المماثلة، بما في ذلك الترخيص الاستثنائي لاستكمال الصفقة رغم منافسين أقل من العدد المطلوب قانونًا.
وأبرز الأزمي أن دفتر التحملات ينص على منع أي مرشح من الترشح إذا كانت لديه علاقة قد تؤدي إلى امتياز غير مستحق، مشددًا على أن رئيس الحكومة كان على دراية بتفاصيل الصفقة، مما يخلق شبهة تنازع المصالح.
وأشار إلى أن القوانين التنظيمية للجهات والجماعات تشدد على ضرورة تجنب تنازع المصالح، وذكر أن العديد من المستشارين تم عزلهم بسبب هذا السبب. كما نبه الأزمي إلى التعديل الضريبي الذي أدخل في قانون المالية 2023، والذي خفض الضرائب على الشركات التي تستثمر مبالغ كبيرة، وهو ما يمكن أن يستفيد منه رئيس الحكومة بشكل مباشر.
كما تحدث الأزمي عن ادعاءات رئيس الحكومة حول المخاطر المرتبطة بالصفقة، مؤكدًا أن الدولة هي التي تتحمل معظم المخاطر، بما في ذلك ضمان شراء المياه لمدة 30 سنة وتوفير الأراضي اللازمة للمشروع.
شبهات تنازع المصالح تدفع “البيجيدي” للمطالبة بتقييم شراكة القطاعين العام والخاص
واختتم الأزمي بالحديث عن تواريخ مهمة تشير إلى تضارب المصالح، مثل التعديلات القانونية التي تم إدخالها لصالح الصفقة، وصولاً إلى توقيع العقد مع التحالف الفائز في نوفمبر 2023، مبرزًا كيف أن هذه التواريخ تؤكد بشكل قاطع وجود تضارب مصالح في الصفقة.
Discussion about this post