جماعة طنجة ترتكب 6 أخطاء فادحة على بوابتها الرسمية للتعريف بتاريخ المدينة
بقلم الدكتور محمد عزيز الطويل:
عند تصفحنا للبوابة الرسمية لجماعة طنجة، لاحظت العديد من الأخطاء والمغالطات التي لا تليق بتاريخ مدينة طنجة وساكنتها، ولا بجماعة طنجة التي تتوفر على مشرفين ومستشارين إعلاميين، من الواجب عليهم الاجتهاد في تعريف المدينة، بأسلوب سلس وشيق، يبرز دورها الحضاري على مختلف الفترات التاريخية التي مرت بها، والتي منحتها خصائص ثقافية وحضارية قل ما تجدها في العديد من مدن الفضاء المتوسطي، وإن اقتضى الأمر الاستعانة بباحثين في التاريخ الذين لن يتوانوا عن تقديم ورقة تعرف بتاريخ المدينة.
وتزداد أهمية التدقيق في تاريخ المدينة، خاصة وأن عمدة المدينة منخرط في عدة محافل دولية تعنى بالمدن المتوسطية والجماعات الرائدة، فلا يعقل أن نقدم تعريفا مغلوطا على صفحة يفترض في أنها تمثل تاريخ المدينة وساكنتها ، قبل أن تمثل جماعة طنجة.
والأمر في مجمله يتعلق بالحفاظ على ذاكرة وهوية المدينة، وتشجيع السياحة الثقافية، وتقديم معلومات موثوقة للباحثين عنها أو متصفحي موقع جماعة طنجة. وبالرجوع إلى النص المنشور على صفحة البوابة الرسمية، والذي يفتقد إلى الدقة التاريخية، نقف عند العديد من الأخطاء:
أولها: الأخطاء التاريخية المتعلقة بالتسلسل الزمني، وإغفال حقب تاريخية حاسمة في تاريخ المدينة. فالنص يخطئ في التسلسل التاريخي للشعوب التي استقرت بمدينة طنجة، حيث ذكر أن الوندال استقروا بالمدينة قبل الرومان والفينيقيين. والتصحيح أن الوندال جاؤوا بعد الرومان مع بداية القرن الخامس الميلادي. مع التأكيد على أن تاريخ المدينة ارتبط بالأسطورة بداية، مما يدل على قدمها، كما أن تأسيسها ارتبط بالفينيقيين ثم القرطاجيين فالرومان فالوندال ثم البيزنطيين. من خلال هذا التصحيح فإن الصياغة الصحيحة للنص بشكل مختصر جدا تكون على الشكل التالي “تعد طنجة من أقدم المدن المتوسطية حيث ارتبطت نشأتها بالأسطورة مما يدل على عراقتها التاريخية. وقد استقر الفينيقيون بمدينة طنجة وبعدهم القرطاجيون، ثم الرومان ثم الوندال ثم البيزنطيون”.
الخطأ الثاني الذي وقع فيه النص كذلك يتعلق بتاريخ الفتح الإسلامي ، حيث يرجعه النص إلى سنة 711م، في حين أن الفتح كان قبل ذلك حيث يرجع إلى حوالي 702م، على يد موسى بن نصير، أما سنة 711م، فهو تاريخ عبور طارق بن زياد إلى الأندلس، والذي يوافق سنة 92 ه. هكذا تصبح الصياغة الصحيحة “مع بداية القرن 8 الميلادي وصل الفتح الإسلامي إلى طنجة على يد موسى بن نصير، لتصبح المدينة نقطة انطلاق جيش طارق بن زياد على إسبانيا سنة 711م”.
الخطأ الثالث: يتعلق بفترتي الاحتلال البرتغالي والإنجليزي، حيث ذكر النص أن طنجة لعبت دورًا تجاريًا بين البرتغال والعرب سنة 1471، ثم سيطرت عليها إنجلترا. فالصحيح أن البرتغال احتلت طنجة سنة 1471 ، وأن الأمر لم يكن تبادلا تجاريا. أما إنجلترا فقد سيطرت على طنجة لاحقًا (1661–1684) كـ”هدية زواج” من البرتغال لتشارلز الثاني، وليس بسبب أهميتها التجارية. لذا تصبح الصيغة الحقيقية “أحتلت البرتغال مدينة طنجة سنة 1471ن ثم تنازلوا عنها لإنجلترا عام 1661، التي حكمتها حتى 1684، بعدما اضطرت إلى مغادرة المدينة بفعل حصار السلطان المغربي مولاي إسماعيل لها.
الخطأ الرابع: يتمثل في وصف طنجة بأنها تحولت إلى “مرفأ سفن بسبب القراصنة”. وهي جملة ليس لها سياق، فالقرصنة البحرية أو ما يصطلح عليه في التراث المغربي بالجهاد البحري، كانت نتيجة لضعف السيطرة المركزية في القرن 17، وليس سببًا لتحولها إلى ميناء.
الخطأ الخامس يتعلق بتاريخ فترة تدويل طنجة. فالقول أن البروتوكول الدولي وُقع بين 1911–1912 مناف للدقة حيث لم يكن هناك أي بروتوكول، كما أن النص يغفل عن ذكر أن طنجة الدولية بدأت فعليا بعد التوقيع على معاهدة النظام الأساسي للتدويل بتاريخ 18 دجنبر 1923. كما أن النص يغفل عن البروتوكول الخاص بالتعديلات التي أدخلت على النظام الأساسي للتدويل سنة 1928، والذي منح إسبانيا امتيازات جديدة، كما قام بإلحاق إيطاليا بالمعاهدة. أما الإشارة إلى أن إسبانيا تجاوزت الاتفاقية مع الإشارة إلى سنة 1956ن تغليطا للمعلومة التاريخية، فإسبانيا تجاوزت اتفاقية التدويل بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، حيث احتلت المدينة شهر يونيو 1940، وبعد نهاية الحرب سنة 1945، تم ارجاع النظام الدولي إلى طنجة حسب معاهدة 1923.
الخطأ السادس: يتعلق بإغفال وتجاهل العصور الذهبية الإسلامية (كالمرابطين والموحدين) ودور طنجة كمركز استراتيجي وتجاري وعلمي. حيث ازدهرت طنجة وتطورت خاصة بعدما أصبحت حلقة وصل بين الأندلس والمغرب خلال فترة حكم المرابطين والموحدين خلال القرن 11م و 12 م. ،
المسألة الأخيرة تتعلق بالحديث عن التطورات العتي تشهدها المدينة خاصة في ظل الأوراش الملكية الكبرى التي تحظى بعناية فائقة من جلالة الملك محمد السادس، لتصبح طنجة منصة لوجيستيكية وفضاء ثقافيا وحضاريا في أبعاده المختلفة المغاربي والمتوسطي والافريقي والأوربي والدولي.
Discussion about this post