أثارت الاتفاقية التي أبرمها مجلس الجهة في مدينة هانوفر الألمانية، جدلا جانبيا بسبب احتمالية تضمينها بنودا تقدم تسهيلات لهجرة “الكفاءات والأدمغة المغربية” إلى ألمانيا، في وقت تحتاج المملكة إلى كل طاقتها في هاته المرحلة من إرساء النموذج التنموي الجديد.
وفي وقت تعاني فيه قطاعات الصحة والتعليم من ندرة الموارد البشرية المؤهلة، فقد تخوفت فعاليات متتبعة للشأن الاقتصادي بجهة طنجة، من “مغبة” التورط في فتح الباب للهجرة عن طريق هاته الاتفاقية قد يكون له تداعيات سلبية على مجالات حيوية بالنسبة للدولة والمجتمع.
روايات متضاربة بين الجانب المغربي و الألماني
القصاصة الإخبارية لوكالة المغرب العربي للأنباء، قالت أنه جرى التوقيع على مذكرة تفاهم في هانوفر، عاصمة ساكسونيا السفلى، بين رئيس مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، عمر مورو، وكل من الوزير المحلي للاقتصاد، أولاف ليس، والوزير المحلي للشؤون الاجتماعية والعمل والصحة والمساواة، أندرياس فيليبي، على هامش منتدى نظم تحت شعار: “تصوّر هجرة المستقبل”.
واعتبرت أن إطلاق هذه الشراكة قناعة من الطرفين بأهمية ريادة الأعمال وخلق فرص العمل في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في جهتيهما، مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات والإمكانات المتاحة لخلق فرص العمل وتشجيع ريادة الأعمال لدى المغاربة المقيمين بالخارج.
أما صحيفة ألمانية فكشفت عن المرامي والأبعاد الخفية للاتفاقية المشار إليها “بكل وضوح وصراحة”، بل عبروا عن ذلك بكثير من الحماس الشديد، وذلك في قصاصة أنباء مفصلة، اطلعت عليها صحيفة “إيـكو بريس” الإلكترونية، وترجمتها إلى اللغة العربية.
هناك نقص في العمالة الماهرة في العديد من الصناعات في ألمانيا. تهدف الاتفاقيات إلى تسهيل حصول المهاجرين على عمل في هذا البلد. وقد وجدت ولاية ساكسونيا السفلى منطقة شريكة في شمال أفريقيا لهذا الغرض.
وحاولت خلال الثلاث أيام الماضية، صحيفة “إيكو بريس” الحصول على نسخة من الاتفاقية من أحد أعضاء الوفد المرافق لمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، لكن دون جدوى.
وخلفت “سوء نوايا” الجانب الألماني قلقا في الأوساط المغربية، بالنظر إلى كسبها امتيازات مغلفة بموضوع “اتفاقيات حول الاستثمار”، فهل حقا حققت الزيارة المآرب المتوخاة منها ؟؟
فإذا كان الأمر يتعلق بـ “إدماج” المهاجرين المغاربة في ألمانيا، تقول مصادر مسؤولة تحدثت إليها صحيفة “إيكو بريس” فإن الأمر شأن داخلي للسلطات الألمانية، لا يحتاج إلى “إبرام اتفاقية” أولا لأن المغاربة في بلاد البوندستاغ ينتمون لروافد متعددة في المملكة، وليس فقط من جهة طنجة.
وثانيا، تضيف نفس المصادر، إذا تطلب الأمر وجود طرف مغربي في اتفاقية تعنى بتشغيل المهاجرين هناك، فلن يكون سوى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون والمغاربة المقيمين بالخارج.
مصدر يكشف معطيات حصرية
عن الجانب المغربي، كشف مصدر رافق الوفد الاقتصادي المغربي بجهة طنجة تطوان الحسيمة، إلى منطقة ساكسونيا بألمانيا، أن المباحثات فعلا تطرقت إلى تحفيزات الاستثمار في جهة شمال المملكة، وقد شملت المباحثات رجال أعمال ألمان في قطاعات مهنية مختلفة التخصصات.
وأكد المصدر ذاته الذي التمس عدم ذكر اسمه، أن المباحثات مع الوفد الألماني جرت مع مسؤولين في شركات صناعية متخصصة في السيارات والدراجات الكهربائية، والطاقات المتجددة.
كما حاول الوفد المغربي استدراج قناعة الجانب الألماني وإغراءه بمؤهلات منطقة طنجة المتوسط من أجل بفتح فرع لإحدى الشركات الكبرى في صناعة المحركات، والمعروفة بعلامتها التجارية في سوق السيارات الراقية، مستغلين تفكير مسؤوليها وحديثهم عن توجه نحو إغلاق أكبر مصانعها في ألمانيا بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج ومصاريف اليد العامة المرتفعة.
العنصر البشري محور الشراكة
من بين العناصر في مضمون الاتفاقية التي أثارت المخاوف من استغلالها لفائدة مصالح الجانب الألماني، هو ما جاء على لسان المسؤول الألماني خلال توقيع شراكة مع ولاية ساكسونيا السفلى في ألمانيا، من أنها تهدف إلى “تطوير حلول مستدامة لهجرة اليد العاملة”، علما أن الجالية المغربية في ألمانيا متواجدة بقوة، لكن على ما يبدو أنهم يبحثون عن اليد العاملة المؤهلة، حيث علق مصدر تحدثت إليه الجريدة “أين هو العرض في اليد العاملة المؤهلة بالمغرب هل حققنا نحن الاكتفاء الذاتي ؟؟ ” يتسائل المصدر ذاته.
وكانت وكالة المغرب العربي للأنباء، قالت بأنه خلال حفل التوقيع، أبرز رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، عمر مورو الفرص الاستثمارية التي تقدمها جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، داعيا الشركات الألمانية إلى الاستثمار في الجهة وتعزيز التبادل الثقافي والسياحي واللغوي لتحقيق أهداف هذه الشراكة.
وتابعت، أن وزير الاقتصاد بساكسونيا السفلى، دعا إلى جعل العنصر البشري محور هذه الشراكة، مشيدا بالرغبة المشتركة بين الطرفين في تعزيز التعاون الثنائي واستغلال الإمكانات المتاحة بشكل يعود بالنفع على الجانبين في إطار شراكة رابح-رابح.
وكان منتدى هانوفر، وفق نفس المصدر، تميز بمشاركة شخصيات بارزة، من بينها الكاتب العام لقطاع المغاربة المقيمين بالخارج بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، مولاي اسماعيل المغاري، ونائب رئيس البعثة في سفارة المغرب ببرلين، عبد القادر الطالب، وقد عرف مناقشة عدة قضايا مرتبطة بالهجرة مع التركيز على “الشراكات كركيزة لتحقيق هجرة مستدامة”.
Discussion about this post