سابقة بطنجة : الصحافة تقاطع زيارة وزير الثقافة
في سابقة تعبّر عن احتقان غير مسبوق داخل الجسم الإعلامي، قرر عدد من الصحافيين بمدينة طنجة مقاطعة الزيارة الميدانية التي يقوم بها وزير الشباب والثقافة والتواصل، اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025، احتجاجًا على ما وصفوه بـ“سياسة الإقصاء والانفراد بالقرارات”، خصوصًا فيما يتعلق بمسار إعداد قانون المجلس الوطني للصحافة.
الزيارة التي تشمل إطلاق البرنامج الوطني لتكوين الأطفال في مجالي الرقمنة والذكاء الاصطناعي بدار الشباب حسونة، تليها جولة ميدانية بقصر الفنون والثقافة للاطلاع على فضاء الشركات الناشئة في صناعة الألعاب الإلكترونية، كان من المنتظر أن تُختتم بتصريحات صحفية للوزير. غير أن قرار المقاطعة من طرف عدد من ممثلي المنابر الجهوية ألقى بظلاله الثقيلة على الحدث، الذي كان يُفترض أن يعكس انفتاح الوزارة على الجسم الإعلامي المحلي.
مصادر مهنية أكدت أن خطوة المقاطعة جاءت نتيجة تراكم الإحباط لدى الصحافيين الجهويين، بعدما شعروا بما اعتبروه تهميشًا متواصلًا من طرف الوزارة في النقاشات الخاصة بإصلاح منظومة الصحافة، رغم أن الإعلام الجهوي يُعد، في نظرهم، “الركيزة الأساسية للتعددية الإعلامية ولربط الصحافة بقضايا المواطنين اليومية”.
ويرى المحتجون أن انفراد الوزارة بصياغة مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة دون إشراك المهنيين وممثلي النقابات والمؤسسات الجهوية، يعكس عقلية مركزية تختزل المشهد الإعلامي في العاصمة، متجاهلة واقع التحولات الجهوية وأدوار الصحافة المحلية في تكريس الديمقراطية التشاركية.
وتؤكد بعض الأصوات الإعلامية بطنجة أن هذه الخطوة ليست موجهة ضد الوزير شخصيًا، بل ضد طريقة التدبير التي تفتقر إلى الإنصات والحوار، مشددين على أن “الصحافة ليست جمهورًا يُصفق في الأنشطة الرسمية، بل شريكا فاعلا في النقاش العمومي وصناعة القرار الإعلامي”.
كما عبّر عدد من الصحافيين عن استيائهم من التفاوت في تعامل الوزارة مع وسائل الإعلام، حيث تُمنح الأفضلية في التواصل والدعوات لبعض المنابر، بينما تُقصى الصحافة الجهوية رغم قربها من الميدان وقدرتها على نقل نبض المواطنين.
ويرى مهتمون بالشأن الإعلامي أن ما حدث في طنجة يجب أن يشكل جرس إنذار حقيقي للوزارة، لأن العلاقة بين السلطة الحكومية المكلفة بالإعلام والجسم الصحفي لا يمكن أن تُبنى على الإقصاء أو التعالي، بل على الاحترام المتبادل والاعتراف بالدور الحيوي للصحافة المستقلة في تعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع.
مقاطعة صحافيي طنجة لهذا النشاط الوزاري ليست مجرد موقف ظرفي، بل تعبير رمزي عن أزمة أعمق يعيشها قطاع الصحافة بالمغرب، بين خطاب رسمي يتحدث عن الإصلاح والانفتاح، وممارسة ميدانية تُكرس التمركز والتهميش.
فإذا كانت الوزارة تتحدث اليوم عن “رقمنة الأطفال والذكاء الاصطناعي”، فإن أول ما تحتاجه فعليًا هو ذكاء مؤسساتي يضمن إشراك الصحافيين الحقيقيين في رسم مستقبل مهنتهم، بدل الاكتفاء بتصريحات بروتوكولية وصور تلتقط ثم تُنسى، وتبقى القضايا الجوهرية معلقة دون حل.
وكان مدراء نشر الصحف الجهوية، توصلوا بهذه الدعوة لتغطية نشاط الوزير:
مساء الخير
يقوم وزير الشباب والثقافة والتواصل بزيارة ميدانية لمدينة طنجة يوم غد الإثنين 20 أكتوبر 2025 وفق البرنامج التالي :
– الساعة 14h30 : زيارة دار الشباب حسونة شارع الحسن الثاني طنجة وإطلاق البرامج الوطني لتكوين الأطفال في الرقمنة والذكاء الاصطناعي
– تصريح للصحافة مباشرة بعد نهاية هذا النشاط
– الساعة 15h45 : زيارة فضاء الشركات الناشئة في مجال صناعة الألعاب لإلكترونية بقصر الفنون والثقافة بطنجة
– تصريح صحفي مباشرة بعد نهاية الزيارة
Discussion about this post