هذا مسرح جميل، وهو من دون شك معلمة فريدة يتجمل بها الحقل الثقافي والعمراني المغربي. لكن السؤال الذي يطرح: ما هي وضعية الحركة الفنية والثقافية بالمغرب؟
في غياب نهضة ثقافية يصعب الحديث عن التقدم، وحينما لا تكون التنمية ترتكز على البعد الثقافي وعلى الإنسان الحامل للثقافة، فإن البنى التحتية تعطي صورة مزيفة عن الواقع.
يكفي المرء أن ينظر إلى طبيعة الحضور للمسارح ودور الشباب والسينما والمكتبات والنوادي الفنية والأدبية، والبرامج الثقافية في الاعلام العمومي، ليستخلص أن بناية بهذا الجمال والجلال والعبق الفني والعمراني في العاصمة الرباط، لا تمثل نموذجا للنهوض الثقافي، وإنما تخفي حالة من الفقر الثقافي لدى لفيف من النخبة، التي تعتقد أن الاهتمام بالواجهة والشكل، كفيل باحداث تغيير في المضمون، أن لم يكن الهاجس استعراضيا بالأساس.
قد يتطور المسرح والأدب والفنون في غياب مثل هذه البنايات، التي تكون ضرورية في مرحلة معينة، لكن التطور الثقافي مجتمعيا حتما، يرتبط بموقع الإنسان والمجتمع في الاختيارات الكبرى للدولة والنخبة والفاعلين..بل يمكن أن يتطور في مناخ حرية الإبداع بالمجتمع، أو في حالات تتوسل بها المجتمعات بالفنون والثقافة لتضمين هواجسها والتعبير عنها.
في كل هذا، يغيب الإنسان والانسان كائن رامز بطبعه، ينفعل بمختلف أشكال الابداع، وفي صلب هذا الزخم من الفوضى تحضر “كرة القدم” كوسيلة دعائية التي توظف كمخدر للجمهور..لكن ما يرتب تلك الفوضى ويعقلنها ويجعلها ضمن تحول نسقي يهذب الانسان والمجتمع ويلبي تطلعاته في الشعور بالجميل في الوجود وينمي لديه الجانب الذوقي كما يبني لديه الحس النقدي من خلال تلك الاشكال الابداعية المشار الينا، شبه غائب.
بكلمة، إن الثقافة هي حامل التغيير الحقيقي والمعبر عنه لدى الانسان والمجتمع، ولا أريد أن ألج باب المقارنات أو التمثيل بنماذج.
بقلم الدكتور يحي علا
باحث في علم الإجتماع